إشعارات إخلاء لأهالي حي العروبة: مشروع تجريف صفوى بدأ
بدأ النظام السعودي تنفيذ مخطط واسع يقضي بتجريف ما يقارب 50% من مدينة صفوى في محافظة القطيف، حيث وجّه إشعارات إخلاء إلى سكان حي العروبة، أحد أبرز الأحياء الحديثة والراقية في المدينة، على أن تنطلق أعمال التجريف خلال نحو أسبوع. وبحسب مصدر اجتماعي مطّلع، فإن إشعارات الإخلاء لن تقتصر على حي العروبة وحده، إذ يُتوقع أن تصل إلى أحياء أخرى تقع في جنوب وغرب صفوى قبل نهاية العام الجاري، ما يعني أن دائرة الاستهداف ستتوسع لتشمل مساحات أكبر من المدينة. يأتي هذا التحرك في إطار مشروع سعودي أشمل يستهدف تغيير البنية السكانية في القطيف، عبر محو جزء من هويتها الثقافية المتجذّرة، ومحاولة إحلال هوية نجدية وافدة بديلة عنها. إذ يصف الأهالي هذه الخطوات بأنها جزء من سياسة منهجية لطمس ملامح المنطقة وتاريخها. وفي وقت سابق، أعلن النظام السعودي عن خطة لتجريف نصف مساحة صفوى بحجة تخصيص الأراضي لصالح مشاريع شركة أرامكو النفطية، وهي الذريعة التي قوبلت برفض واسع من الأهالي الذين اعتبروا أن الأسباب المعلنة لا تعكس الواقع. وتأتي إشعارات تجريف حي العروبة تحديدًا تحت شعار “أسباب نفطية”، في الوقت الذي تشهد فيه القطيف بشكل متزامن حملات تجريف لعدد كبير من أحيائها الأخرى تحت ذرائع مختلفة، من بينها “التطوير” و”توسعة الطرقات”، الأمر الذي يعزز قناعة السكان بأن الهدف الفعلي يتجاوز المزاعم الرسمية. يذكر أن النظام السعودي كان قد أعلن عن مشروع تطوير الحقل النفطي في القطيف. وأوضحت الخرائط التي نشرتها وزارة النفط، حينها، حول نزع الملكيات ، أنها تمتد لمسافة 50 كيلومتر تقريبا، شملت الوجه الغربي للمحافظة من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، وتتوزع إحداثيات الإزالة والهدم على مواقع كثيرة حاول النظام تمييزها وفقا لثلاث محددات واهية. فيما تكفلت مشروعات وزارة الشؤون البلدية بتجريف وتدمير أحياء قلب القطيف والمناطق الممتدة شرقا حتى جزيرة تاروت. وفي التفاصيل أظهرت خريطة وزارة النفط 3 ألوان هي المساحة المرصودة للهدم ونزع الملكيات: اللون الأحمر، سيتم نزع ملكية جميع الأراضي الواقعة ضمنه، ويمتد من شمال القطيف فيما يُعرف حاليا بمسمى “ضاحية الملك فهد بمحافظة البيضاء (وهي محافظة تم انشاؤها العام 2022 بعد اجتزائها من محافظة القطيف نفسها) وحتى حدود محافظة الجبيل في أقصى الشمال، وهي مساحة هائلة تضم مناطق زراعية وسكنية وبحرية. اللون الأصفر، سيتم إزالة جميع الأراضي الواقعة ضمن منطقة التأثر بالمخاطر، والبالغة 450 مترا المحيطة بموقع الحفر باستثناء الأراضي الزراعية، ما يعني سيتم تهجير سكان هذه المساحة أيضا، التي تتناثر في شكل مساحات منفصلة من منطقة “البدراني” جنوب غرب القطيف إلى الحدود البحرية شمالاً قرب محافظة الجبيل. أما اللون الأزرق، فسيتم إزالة جميع الأراضي السكنية الواقعة ضمنه، بمبرر أن هذه المناطق ذات كثافة سكانية أعلى من غيرها. يعدّ هذا اللون الثاني من حيث المساحات التي توضحها الخريطة، سيطال أحياء سكنية قائمة، بالذات في بلدة الأوجام ومدينة صفوى. لا بدّ من التأكيد، أن القطيف بمساحتها الحالية مشغولة كلّيا، ولا وجود لمساحات قابلة للإعمار فيها، بعد أن منع النظام السعودي تمددها باتجاه الغرب وأطبق الحصار عليها، عدا عن منع النظام السعودي، حتى وقت قريب، من بناء 3 طوابق في القطيف. بالإضافة إلى عدم وجود أراضي بيضاء قابلة للاستغلال بعد أن اقتطع النظام امتداد أراضي الفضاء وضمّها إلى محافظة البيضاء المبتدعة مؤخرا، في محاولة متجددة لتفتيت “المنطقة الشرقية”، التي هي بالأصل مكوّنة من القطيف والأحساء، وما مناطق كالدمام والجبيل والخبر ورأس تنورة إلا جزء لا يتجزأ من الإقليم، وفي أغلبها مناطق حديثة أنشأت بعد تأسيس شركة أرامكو. وأمام هذا الواقع، يتضح أن جوهر المشروع يقوم على قرار النظام السعودي بتهجير أبناء القطيف داخليا، وبالتالي تشتيت وتفتيت النسيج المجتمعي للمنطقة، والعمل على توزيع أبناء الطائفة الشيعية في الجزيرة العربية بشكل لا يسمح في تشكيلهم مجموعات سكنية واستحواذهم على مناطق واسعة من الأراضي في ما يحسب أنه وطنهم “السعودية”. وهنا نستشهد بواقعة اجتياح المسوّرة وإضطرار العديد من الأهالي إلى الخروج من المنطقة باتجاه المناطق السنيّة كالخبر والجبيل والدمام والرياض وجدة. وفي صلب هذه التحولات، تظهر الانعكاسات المجتمعية المقصودة من قبل النظام على الكتلة الشيعية المتماسكة في القطيف، وما يجمعهم بينهم من وحدة المعتقد والثقافة وتقاسم المعاناة والتطلعات والأهداف. وبالتالي القطع بين أبناء الجيل الأول من المنطقة والأجيال الحالية والقادمة. والجدير بالذكر أن مساعي النظام التفتيتية ليست بجديدة، فعلى خطى سياسة التقسيم والفصل العنصري الصهيوني، أقدم آل سعود في الأسبوع الأول من أبريل/نيسان 2022 على تقسيم محافظة القطيف إلى قسمين شرقي وغربي، حمل الجانب الغربي اسم محافظة البيضاء، في حين احتفظ الجانب الشرقي منها باسم القطيف.
