السعودية: الإعدام عبر الصمت

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 150
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

مجدداً، يرتكب النظام السعودي جريمة إعدام سياسي بحق الشقيقين حسن ومحمد آل غيث، المنحدرين من بلدة الملاحة بالقطيف.لكن السؤال:كيف يقتل النظام أبناء القطيف والأحساء وأبناء المكونات الأخرى بالصمت؟ النظام لم يعد بحاجة إلى السيف وحده.إنه يعدم بالصمت.لا بصمته فقط، بل بصمت الأهالي، بصمت المجتمع، بصمتٍ فُرض بالخوف وقُبل بالخضوع.الصمت هنا ليس سكونًا، بل أداة قتل. إعدام الشقيقين اليوم ليس حالة معزولة، بل هناك العديد من الحالات الأخرى. فإضافة إليهما، أعدم النظام السعودي – منذ بداية 2025 – أربعة شبان لم تكن أسماؤهم ضمن قوائم الجهات المعنية بشؤون معتقلي الرأي. وهكذا هو حال أغلب من جرى إعدامهم خلال السنوات الخمس الماضية.جميعهم اعتُقلوا بصمت، وأُعدموا بصمت، بلا حملات، بلا ضغط، بلا ذاكرة!!لماذا؟لأن أسماءهم لم تُدرج ضمن قوائم المعتقلين التي تُحرّكها منظمات ونشطاء في الخارج.من لا يُذكر، يُقتل بصمت.لم يُعدموا لأن النظام أقوى، بل لأن الصمت كان أوسع. في المقابل، هناك العديد من معتقلي الرأي نجح النشطاء في إيقاف سيف الإعدام عن رقابهم، أو تخفيف الحكم عنهم، أو إجبار النظام على إطلاق سراحهم.بينما سلّم بعض الآباء أبناءهم لمقصلة الإعدام، بل أُجبر البعض أبناءهم على العودة من الخارج تحت وعود النظام الزائفة!!، فكانت النتيجة أن أعدمهم النظام!!! لم تعد نجاة وحرية معتقلي الرأي رهينة العدالة “المفقودة أصلاً”، بل — بعد توفيق الله — بفعل الحراك، وممارسة الضغط على النظام، عبر رفع الصوت عاليًا. هنا نصل إلى: “الإعدام عبر الصمت”إنها حالة تصبح فيها حرية المعتقل أو إعدامه مرهونة بمن يتحدث باسمه.من لا يُطالب به أحد، يصبح هدفًا سهلاً. الصمت يساوي قرار غير معلن بالإعدام. النظام لا يُعدم فقط من يعتبرهم “إرهابيين”، بل من لا أحد يتكلم باسمهم. الصمت المفروض على الأهالي يتحول إلى شراكة في الجريمة. الصمت أداة قتل فعالة بيد الدولة. كيف تفرض الدولة هذا الصمت؟ بالتهديد والترغيب:”اصمتوا، ربما نُفرج عن ابنكم.”لكنها تكذب.تستهلك وقت الأهالي، تعزل المعتقل، ثم تُعلن الإعدام بعد التنفيذ، وتصادر الجثة. اليوم، مئات الجثامين مغيّبة: لا تُسلَّم، لا تُدفن، ولا يُعلَن عن مصيرها. هذا القتل ليس جسديًا فقط، بل إبادة رمزية تُخفي الجسد، وتقتل الاسم، وتُنهي الذاكرة. حين يصل صوت المعتقل إلى الخارج، تتحرك بعض المنظمات التي ما تزال تحمل ما بقي من معاني “حقوق الإنسان”. يتراجع النظام، يُخفف، يُؤجل، وأحيانًا يُفرج.الصوت سلاح، والصمت قبر مجهول!!من يصمت عن ابنه، يتركه للقتل. الخوف مفهوم، لكنه لا يُعفي من المسؤولية.نجح عدد من الأهالي سابقًا في كسر هذا الصمت، عبر التسريب، والتوثيق، والتواصل مع الخارج بوسائل آمنة.الخوف لا يمنع الفعل، بل يتطلب ذكاء في مقاومته، وإقدامًا بلا تهور. الإعدام يبدأ بالصمت. حين يصمت الأب، أو الأخ، أو المجتمع، يبدأ تنفيذ الحكم. “الإعدام عبر الصمت” ليس إجراءً قانونيًا، بل نظام سياسي مبني على الرعب والسكوت. وحتى لا نقرأ أسماء جديدة على منصة وزارة داخلية النظام السعودي، علينا أن نكسر هذه الدورة المؤلمة.بذكاء… وبصوت لا يسكت.