الإنفاق السعودي على الدفاع: مشروط بمباركة أميركية

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 958
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

“تنفق المملكة العربية السعودية على الدفاع أكثر مما تنفقه قارات بأكملها عامًا بعد عام، لكن رغم ذلك لم تتمكن من نشر طائرة مقاتلة واحدة ذات قدرة فائقة على المناورة. ولا واحدة!”، تعجّب ينقله موقع Eurasia Review، متحدثا عن نقطة لافتة مفادها أن “السعودية” رغم بذخها على الأسلحة العسكرية إلا أنها لم تمتلك إلى اليوم طائرة أهم من إف- 15، مستطردا المقال إلى “ضرائب” أن تكون واشنطن الراعي الرسمي لـ”أمنك”. ووفقا للموقع، فإن هذا يدعو المرء بطبيعة الحال إلى التساؤل عن “سبب عدم تحقق احتمال تخيل طياري المملكة وهم يمارسون قوة 9G لجعل مشغلي رادارات العدو يصرخون وجعل القوات الجوية المجاورة تتعرق، في أي وقت قريب”. يستهل المقال حديثه عن ما أسماه “بازار الأسلحة الأمريكي”، متحدّثا عن “اللغز المهيب لحملة المملكة التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات وتمتد لعقود لشراء كل لعبة لامعة تقدمها أمريكا دون أن تدرك أبدًا حدود ما يمكنهم فعله بالفعل”. يؤكد تحليل بسيط للأرقام أورده Eurasia Review أن عمليات التسوق الدفاعي البارزة للغاية في “السعودية” قد صنفتها باستمرار بين أكبر ثلاثة منفقين عسكريين في العالم. ويشير المقال إلى أنه في عام 2025 وحده، خصصت الرياض حوالي 78 مليار دولار للدفاع. “هذا ليس مبلغًا زهيدًا؛ إنه أشبه بأموال ‘ابنِ حاملة طائرات خاصة بك وأضف برنامجًا فضائيًا'”، يصف المقال المبلغ. ولكن حتى مع هذا التدفق الهائل من الأموال، ما الذي يمكن للقوات الجوية السعودية أن تعرضه؟ أسطول من طائرات إف-15 المتنوعة، ويوروفايتر تايفون، وتورنادو، ومجموعة متنوعة من طائرات الدعم. يصف المقال الأكثر تطوراً من بين هذه الطائرات، وهي طائرة إف-15، بأنها طائرة استثنائية بمعظم المقاييس بفضل رادارها المتقدم وإلكترونيات الطيران وسجلها القتالي جو-جو، ومع ذلك، وعلى الرغم من سعرها الباهظ والتفاصيل البراقة الموجودة في كتيباتها المصاحبة، فإن طائرة إف-15 لا تقترب حتى من تكرار قدرة المناورة بعد التوقف أو خفة الحركة لطائراتها الروسية والصينية المكافئة من الجيل الرابع/4.5. يستطرد المقال قائلاً: “هذا مهم لأنه على الرغم من أن طائرة إف-15 لديها رادار قادر على تدمير الأهداف من مسافات بعيدة، إلا أنه عندما تنفد صواريخها، أو يتم التشويش على رادارها، أو تقترب منها طائرة معادية فائقة القدرة على المناورة، فإن هذه الروائع التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات ستجد نفسها في قتال جوي لم تولد لتحقيقه.” لكن دعونا لا نكون ساذجين ونتظاهر بأن الولايات المتحدة، المورد الأبدي للأسلحة للمملكة، كانت تقدم بلطف أحدث وأعظم ما لديها لأكبر مستهلك لها دون تحفظات، يستدرك المقال. ويشير Eurasia Review بوضوح إلى أن واشنطن تشتهر بانتقائيتها بشأن ما تصدره. “قدرات التخفي؟ مخفضة. أنظمة الرادار؟ مُفلترة. أنظمة الأسلحة؟ مُنقحة بشدة. القدرة الفائقة على المناورة؟ عذرًا، هذا ليس حتى في كتالوج التصدير”، يفصل المقال القيود الأمريكية. ولزيادة الطين بلة، ليس سراً بين المحللين الدفاعيين أن الطائرات المقاتلة الأمريكية الصنع تأتي بميزة خفية: ‘مفتاح القتل’ سيئ السمعة”. ويوضح المقال الفكرة السابقة: “مدفونًا في أعماق أنظمة البرمجيات للعديد من الطائرات المنتجة في الولايات المتحدة توجد القدرة على التعطيل عن بعد أو تقييد الأداء—مما يضمن بشكل أساسي عدم إمكانية تشغيل هذه الطائرات بالكامل دون مباركة واشنطن.” يستنتج المقال أن “هذا يعني أن الدول التي تشتري طائرات أمريكية لا تشتري مجرد أجهزة متطورة، بل تشتري عقد إيجار رقميًا بشروط.” ويلاحظ المقال أنه “مع ذلك، لم تحصل المملكة العربية السعودية، بقصورها المليئة بالجنرالات والملحقين العسكريين، على طائرة واحدة ذات دفع موجه أو أي طائرة ذات تحكم كامل”. ينقل المقال قول بعض المدافعين إن “السعودية” لا تحتاج إلى طائرات ذات قدرة فائقة على المناورة بسبب تحالفها مع الولايات المتحدة وأعدادها الهائلة. “لكن هذا المنطق يشبه القول بأنك لا تحتاج إلى حذاء جري لأن صديقك يجيد سباقات الماراثون”، يرد المقال على هذا الرأي. ويؤكد أن “التفوق الجوي، بعد كل شيء، ليس مجرد كمية أو حلفاء.. إنه يتعلق بالمرونة والقدرة على البقاء والقدرة على التكيف مع أنواع جديدة من التهديدات، إلا إذا كنت تحاول ببساطة أن تبدو مثيرًا للإعجاب أثناء الطيران في خط مستقيم”، يضيف المقال. ويوضح Eurasia Review أن “القدرة الفائقة على المناورة ليست فقط للاستعراض في المعارض الجوية. إنها مضاعف قتالي وأداة للبقاء على حد سواء.” ويشرح أنه “في ضباب الحرب، إنه الفرق بين مناورة إفلات وهبوط مشتعل، حيث أن القدرة على توجيه مقدمة طائرتك إلى أي مكان بينما لا تزال تطير في اتجاه مختلف هي نوع الميزة التي تكسب -أو على الأقل تنجو- من المعارك الجوية.” ويشير المقال إلى أنه “على الرغم من ذلك، تتحدث رؤية المملكة 2030 بجرأة عن التكنولوجيا والاعتماد على الذات وتطوير الصناعات الدفاعية.” ويختتم قائلاً: “ومع ذلك، ها نحن في عشرينيات القرن الحادي والعشرين، والقوات الجوية للمملكة بعيدة كل البعد عن أن تصبح رمزًا للقوة من خلال اقتناء طائرات غير قادرة حتى على القيام بدورة خلفية مناسبة.” ويضيف أن “المملكة بدلاً من ذلك، تكتفي بمعارض جوية حيث لا يستطيع طياروها سوى القيام بميلان معتدل وحلقات محافظة—يليها تصفيق سخي من مقاولي الدفاع.” ويختم المقال بتحذير: “في الوقت الحالي، في عصر السماوات التي لا تغتفر، إذا وجد الطيارون السعوديون أنفسهم مضطرين لمواجهة أعداء يمتلكون طائرات ذات قدرة فائقة على المناورة، فإن الشيء المؤكد هو أنهم سيتركون يعتمدون على الدعاء أكثر بكثير من التحكم في زاوية ميل الطائرة.” يُشار إلى أنّ كل ما تملكه الترسانة العكسرية السعودية يعتمد على الولايات المتحدة في الحصول على الأسلحة والخدمات اللوجستية والدعم. إذ تعتمد العديد من المنصات العسكرية الأكثر تقدماً في “السعودية” على الأنظمة الأمريكية، سواء كانت طائرات مقاتلة من طراز “إف-15” أو أنظمة الدفاع الجوي الصاروخي (“ثاد”) و”باتريوت”، أو المروحيات القتالية. وتتطلب هذه الأنظمة برامج صيانة واستدامة وتدريب بالغة التعقيد تعتمد على استمرار الدعم الأمريكي لإبقائها في الخدمة. وخلال الأشهر الأولى من وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية عن موافقة وزارة الخارجية على بيع أنظمة أسلحة متطورة ذات قدرات دقيقة، للسعودية، بقيمة 100 مليون دولار، في أول صفقة أسلحة بين الجانبين في ولاية ترامب الثانية. ونظام الأسلحة المتقدمة للقتال الدقيق الذي أُقرّ بيعه للسعودية حينها هو صاروخ موجه بالليزر قادر على إصابة الأهداف الجوية والأرضية. ويبلغ سعر القذيفة نحو 22 ألف دولار أميركي، مما يجعلها منظومة منخفضة التكلفة لمواجهة المسيرات المفخخة الصغيرة. وسبق للولايات المتحدة الأميركية أن استخدمت التسليح أداة للضغط على “السعودية”، وسبق أن حاولت استخدام هذه الاستراتيجية مع السعودية: ففي عام 2016، علّقت إدارة أوباما نقل الذخائر العنقودية، ثم الذخائر الموجهة بدقة، إبان العدوان على اليمن، ولكن إدارة ترامب أعادت المبيعات بعد فترة وجيزة من توليها السلطة. إلى ذلك، يتزايد ارتباط التسليح الأميركي للسعودية بصفقة التطبيع المعلقة بين الأخيرة وكيان الاحتلال الإسرائيلي. وفي دراسة لمعهد واشنطن، فإن “اهتمام الرياض القوي بالتوصل إلى اتفاقية تطبيع مع إسرائيل تعمّق العلاقات الأمنية مع الولايات المتحدة”. وأن هذا يؤكد “استعداد السعودية للحفاظ على توجهها الأمني الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، رغم الحظر المفروض على الأسلحة الهجومية. وفي هذه الحالة، فإن العلاقات الدفاعية الطويلة الأمد للسعودية المستفيدة مع الولايات المتحدة واصطفافها الاستراتيجي مع واشنطن، سمح للولايات المتحدة باستخدام مبيعاتها من الأسلحة لتغيير السلوك السعودي”.