النظام السعودي في لبنان: وعود بمشاريع مشروطة بالإهانة
تراهن “التوليفة” اللبنانية الحالية الحاكمة، والتي يترأسها كل من رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، على “المكرمة الملكية السعودية” المرتجاة، لما لها من أثر على الواقع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد. وبناء على جملة من الوعود السعودية التي واكبتها حملة من التطبيل الإعلامي اللبناني لـ”بحبوحة” تنتظر البلاد والعباد فور توقيع لبنان والنظام السعودي لـ 22 اتفاقية مشروطة بتنفيذ مجموعة من “الإصلاحات” في لبنان. تبّين أن طلب “نزع سلاح المقاومة” يأتي على رأس تلك “الإصلاحات”، هذا عدا عن أن مراجعة بسيطة لمشاريع الاتفاقية، تظهر بوضوح عدم وجود أهمية حقيقية لمشاريع الاتفاقيات على المستوى المالي والمساهمة في نهضة البلد. منذ اتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني، وما وُلد عنها من سلطة خاضعة للإرادة الأميركية والسعودية. عاد الخطاب الاستعراضي حول “العودة إلى الحضن العربي”، وهي عودة مشروطة وخاضعة لاشتراطات سياسية تُمليها “السعودية”، لا تختلف في جوهرها عن محاولات الهيمنة المباشرة. الرياض، التي لم تتوقف يومًا عن التدخل في الشأن اللبناني، تربط دعمها المالي والسياسي بنزع سلاح المقاومة، في تجاهل تام لخصوصية الواقع اللبناني ولمعادلاته الوطنية. لا يهم “السعودية” إصلاحات حقيقية بقدر ما يهمها إعادة تشكيل لبنان وفق ما ينسجم وسياساتها، وذلك لن يكون إلا على حساب سيادته ومقاومته، وهي اليوم تضع السلطة الوليدة تحت مجهر اختبار الولاء، لا الكفاءة أو الاستقلال. يذكر أنه في مارس/آذار الماضي، زار الرئيس اللبناني العاصمة الرياض في أولى زياراته الخارجية بعد انتخابه، وهدف الزيارة تمحور حول ملفات التعاون والاتفاقيات الـ 22 التي طُرحت مع محمد بن سلمان، والذي ادعى بدوره أن “فريقًا مختصًا” يدرسها، واعدًا بأنها ستكون جاهزة للتوقيع في زيارة ثانية مرتقبة. غير أن نتائج الزيارة جاءت مخيّبة، إذ عاد الرئيس عون محمّلًا بخيبة أمل، بعدما تبيّن أن لا شيء ملموسًا أو مضمونًا بانتظاره، ولا حتى وعد واضح بإتمام الزيارة الثانية. وبعد مرور أشهر، والإبقاء على تعليق الزيارة الثانية لعون، في ظل موقف سعودي متعالٍ يُعامل اللبنانيين كمتسوّلين لا كشركاء، ويتعمّد المماطلة في أي التزام أو مساعدة. هذا السلوك لا يعكس فقط استخفافًا بالكرامة الوطنية اللبنانية، بل يكشف عن سياسة ممنهجة تقوم على الابتزاز السياسي وتوظيف الحاجة اللبنانية في خدمة أجندات إقليمية لا تمتّ إلى مفهوم “الأخوة العربية” المدّعاة بأي صلة . كشف الإعلام المحلي اللبناني عناوين الاتفاقيات التي أُدرجت على جدول الأعمال الذي لم يُناقش بعد وهي: 1- مذكّرة تفاهم في مجال المعارض 2- توقيع اتفاقية تفادي الازدواج الضريبي 3- مذكّرة تفاهم في مجال تبادل الخبرات الضريبية 4- اتفاقية تعاون بين الجمارك في البلدين لمنع التهريب إضافة الى تسهيلات في حركة الترانزيت 5- مذكّرة تفاهم في مجال الإسكان 6- التعاون بين المؤسسة الوطنية لتشجيع الاستثمار في لبنان (إيدال) ورديفتها في السعودية 7- اتفاقية تعاون في مجال حماية المستهلك 8- اتفاقية تعاون لحماية الملكية الفكرية 9- الاعتراف المتبادل بشهادات المطابقة والمواصفات والمقاييس 10- الاستفادة من خبرات لبنان في مجال النقل البحري والرحلات السياحية 11- اتفاقية تعاون مع وزارة الداخلية ومديرية الدفاع المدني لمواجهة الأخطار والاستعداد لمواجهتها والاستعداد لمواجهة الحوادث وإرسال طلب من لبنان لتجهيزه بالعتاد 12- مذكّرة تفاهم بين وزارتي البيئة للمحافظة على التنوّع الإحيائي 13- مذكّرة تفاهم بين وزارتي الزراعة لتبادل الحبوب 14- التعاون مع دار الفتوى في الشؤون الإسلامية 15- التعاون في المجال الفني من خلال المشاركة في المهرجانات الفنية والتراثية والفولكلورية 16- مذكّرة تفاهم بين وزارة الإعلام السعودية ووزارة الثقافة اللبنانية لتنظيم أيام ثقافية للبلدين وتنظيم معارض للفنون والكتب 17- مذكّرة بين وزارتي الإعلام اللبنانية والسعودية وبين وكالة الأنباء السعودية والوكالة الوطنية للإعلام والتعاون بين هيئة الإذاعة والتلفزيون والإذاعة اللبنانية وتلفزيون لبنان من خلال تبادل البرامج والأعمال التلفزيونية والإذاعية 18- اتفاقية بين وزارة التربية والتعليم في كلا البلدين لتبادل المناهج والكتب ومجالات البحث العلمي وتبادل الخبرات بين المعلمين وتبادل المنح الدراسية ومعادلة الشهادات 19- استقدام العمالة من البلدين وتبادل الخبرات 20- مذكّرة تفاهم حول التبادل التجاري في إطار منظمة التجارة الحرة العربية وتطوير العمل المشترك بين وزارتي التجارة والاقتصاد في البلدين وتبادل الخبرات 21- التعاون الاقتصادي والصناعي ودعم الشركات الصغيرة وتبادل الخبرات 22- توقيع اتفاقيات تنظيم عمليات النقل البري للركاب والبضائع في سياق متصل، وفي استمرار لحالة الفصام التي يعيشها اللبنانييون. أعلن رئيس الحكومة اللبناني ما أسماه بـ”عودة لبنان إلى الحضن العربي”، وذلك على أثر استئناف الطيران الإماراتي لرحلاته المتوقفة إلى لبنان منذ العام 2021، متحدثا عن وعود خليجية، (من الدول الستة)، بتحسين العلاقة السياحية مع لبنان والسماح للمواطنين في “الخيلج” لزيارة لبنان. كل ذلك جرى بالتوازي مع تنفيذ العدو الإسرائيلي لحزام ناري شنّه طيران العدو، أول من أمس، في الجنوب اللبناني. يأتي الحديث عن “الحضن العربي” في ظل تقاطر الأنظمة العربية، سيّما الخليجية منها، للانضمام إلى جوقة التطبيع مع الكيان الصهيوني والتآمر على الدول العربية بُغية إضعافها وتدميرها.
