ترامب يحيي الاتفاق النووي “المدني” مع “السعودية”
يبدو أن واشنطن قررت أن تخطو خطوة إلى الأمام في علاقتها مع الرياض، وأن تدفع سلفاً ثمن تطبيع العلاقات مع الكيان المحتل والتنازل عن شرط حلّ الدولتين تناغما ومشاريع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الصهيوني بنيامين نتنياهو بخصوص مستقبل غزة واستمرار حرب الإبادة ضد أهل القطاع بدون أي رادع. حيث أعلنت وزيرة الطاقة الأمريكية، جينيفر غرانهولم، أن الولايات المتحدة و”السعودية” على وشك توقيع اتفاق استراتيجي موسّع يشمل التعاون في مجالات الطاقة المختلفة، وعلى رأسها التكنولوجيا النووية المدنية ويأتي هذا الإعلان في وقت يشهد تحولات عالمية في أسواق الطاقة وتنافسا دوليا متزايدا على مصادر التكنولوجيا المتقدمة والطاقة النظيفة. وأشارت الوزيرة غرانهولم إلى أن هذا الاتفاق سيكون “محوريا في إطار الشراكة الطويلة الأمد بين البلدين”، ويغطي عدة محاور، من بينها: تعزيز استثمارات الطاقة النظيفة، تبادل التكنولوجيا، وتطوير برنامج سعودي للطاقة النووية السلمية تحت مظلة الضمانات الدولية. وينتظر أن يشمل الاتفاق إنشاء مشاريع مشتركة في مجالات الطاقة المتجددة (كالرياح والطاقة الشمسية)، إضافة إلى تمكين “السعودية” من المضي قدمًا في مشروعها النووي. ويزعم النظام السعودي التزامه باستخدام التقنية النووية لأغراض سلمية فقط، مع وجود رقابة دولية صارمة. ويواجه الاتفاق المرتقب انتقادات من بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي، خصوصا الجمهوريين والديمقراطيين المناهضين لأي خطوة قد تفتح الباب لانتشار التكنولوجيا النووية في الشرق الأوسط. ويشترط هؤلاء تقديم ضمانات صارمة تمنع “السعودية”ال من تخصيب اليورانيوم محليًا أو إعادة معالجة الوقود، وهو ما يعتبرونه “خطًا أحمر”. وكان ما يسمى وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز، بحث مع نظيره الأمريكي كريس رايت، فرص التعاون في مجالات بحوث الطاقة وتبادل الخبرات وتعزيز العمل البحثي المشترك. وبحسب ما نقلته وكالة رويترز، فإن الاتفاق قد يتضمن بنودًا تلزم “السعودية” بتوقيع اتفاقية “123” النووية، التي تفرض رقابة أمريكية دقيقة على كل استخدام للتكنولوجيا النووية المدنية التي تصدرها الولايات المتحدة، وتمنع تخصيب الوقود أو تطوير أسلحة. يشار إلى أن الاتفاق الدفاعي ودعم برنامج نووي كان مشروطا بإعلان التطبيع السعودي الإسرائيلي. “المخاوف” الإسرائيلية ولا يتوقف الجانب “الإسرائيلي” عن الإعراب عن رفضه او حذره كأقل تقدير، من امتلاك آل سعود هذا البرنامج، على لسان وسائل إعلامها، كما أطراف المعارضة اليمينية داخل “الكنيست”. حيث أكد زعيم المعارضة “الإسرائيلية” ورئيس الوزراء السابق يائير لابيد، دعمه للتوصل إلى اتفاق تطبيع مع “السعودية”، لكنه دعا إلى عدم السماح لهذه الاخيرة بتخصيب اليورانيوم. وقال لهيئة البث الإسرائيلية (كان) إنه يؤيد التوصل إلى اتفاق تطبيع بين إسرائيل و”السعودية”، مشيرا إلى أنه بدأ التحرك على هذا المسار. ويرى أنه لا ينبغي السماح “للسعودية” بتخصيب اليورانيوم لأنه يشكل خطرا على إسرائيل وسيؤدي إلى سباق تسلح في الشرق الأوسط، حيث سترغب تركيا ومصر بعد ذلك في الانخراط في عملية التخصيب النووي. وقال “لقد عملت على هذا كثيرا”. وقال: “خلال فترة وجودي وقعنا على الاتفاقية التي تسمح للرحلات الجوية الإسرائيلية بالمرور فوق المملكة “، الذي بدأ العمل به في عام 2022 وقد عبّر صراحة محمد بن سلمان عن نظرته لمسألة امتلاك “السعودية” قوة نووية. كان آخرها في حديثه، خلال المقابلة التي أجرتها معه فوكس نيوز، من استعاداد “السعودية” امتلاك اسلحة نووية في حال امتلكت إيران. والتصريحات النووية الأخرى لمحمد بن سلمان، حيث قال في مقابلة أجريت معه عام 2018 في برنامج “60 دقيقة”: “لا تريد المملكة العربية السعودية امتلاك أي قنبلة نووية، ولكن دون شك إذا طورت إيران قنبلة نووية، فسوف نحذو حذوها في أقرب وقت ممكن”. وكلامه هذا لا يمكن أن يكون كلاما نابعا من شخصية مثل شخصية ابن سلمان، فالمقابلة كانت مسجلة مسبقاً خلال رحلته الأولى لواشنطن بعد تعيينه “وليّا للعهد”. بالإضافة إلى ذلك، كان قد وجه عمه عبد الله، الرسالة ذاتها إلى المبعوث الأمريكي الخاص دينيس روس في عام 2009. وفي كانون الأول/ديسمبر 2022، قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في مؤتمر في دبي: “إذا حصلت إيران على سلاح نووي عملياتي، توقفت كل الرهانات”. ومع هذا كله، لا يزال حجم احتياطاتها من اليورانيوم ونوعيته هما موضع شك. فقد أفادت وكالة “بلومبرغ” أن “الاستكشاف السعودي” “لم يسفر إلا عن رواسب “غير اقتصادية بشدة” حتى الآن”، وهو تقييم يستند إلى تقرير معمّق عن اليورانيوم صادر عن” وكالة الطاقة النووية” و “الوكالة الدولية للطاقة الذرية“. وفي معرض التخوفات الإسرائيلية، يعطي خبراء “اسرائيليين” براهين أخرى، غير تلك المتعلقة بخوفهم من نشوء حالة من سباق التسلح في الشرق الأوسط، تتعلق بشكوك حول من قد يستفيد، من الأطراف المعادية لهم، من إنشاء هكذا منشآت على أرض شبه الجزيرة العربية. حيث أن الخبراء النوويين في إسرائيل يشددون على الحاجة إلى إشراف أمريكي وثيق للغاية على العملية إذا تم الاتفاق عليها، وأنه يجب أن تكون هناك ضمانات من الولايات المتحدة بشأن العواقب إذا انحرف السعوديون لاحقا عن الاتفاقيات. ويعقبون في معرض عدم ثقتهم ببلد كـ”السعودية”، قائلين: على الرغم من وجود آليات محتملة للإغلاق عن بعد يمكن وضعها في منشأة نووية، أو أنظمة يمكنها تسريع أجهزة الطرد المركزي حتى تتعطل، إلا أنه لا توجد ضمانات بأن مثل هذه الترتيبات ستكون آمنة من الفشل. إلى ذلك، يرى آخرون انه حتى لو كانت “إسرائيل تعتقد أن محمد بن سلمان لديه نوايا حسنة، فإن “الأمر لا يتعلق بشخص واحد أو لحظة واحدة من الزمن. إذا كنت تفعل شيئًا مهمًا، فعليك أن تنظر إلى ما بين 40 إلى 50 عامًا للأمام”. مُعربين في الإطار عينه، عن عدم ضمانة بقاء النظام “السعودي”، في بلاد شبه الجزيرة العربية. ويذكر البعض منهم، مخاطر وضع ما أسموه بـ”أرامكو النووية”، هدفا إضافيا في مرمى القوة العسكرية الحوثية.