أدلة جديدة على التلاعب في حقيقة تكاليف مشاريع “نيوم”
فصل جديد من فصول الفساد في إدارة مشروع “نيوم” تكشف عنه صحيفة إسبانية. فبعد أن أظهر تقرير مراجعة داخلي تلاعُب المديرين التنفيذيين بأرقام الأرباح المتوقعة للمشاريع، فضيحة جديدة كشفت كيف غطى رئيس أحد مشاريع المدينة على فوضى المليارات التي تُبذخ. وبعد أن كشفت “وول ستريت جورنال” أن بعض أفراد إدارة “نيوم تلاعبوا بشكل متعمّد لتبرير زيادة التكاليف”، الصحيفة الإسبانية كشفت أن أنطوني فيفيس، الكتالوني الذي كان في السابق اليد اليمنى لعمدة برشلونة خافيير ترياس، والذي كان حتى وقت قريب رئيسا لأحد المشاريع الرئيسية في “نيوم”، قد حث زملاءه في الإدارة عبر البريد الإلكتروني قائلا: “لا يجب أن نذكر التكاليف بشكل استباقي”. ووفقا لصحيفة “إل باييس” الإسبانية، فإن فيفيس الذي كان مسؤولا عن مشروع “سندالة”، قبل مجيئه لـ”السعودية” كان يغوص بالأعمال المشبوهة في بلده. وفي نهاية عام 2022، أمرت المحكمة الوطنية بفتح محاكمة علنية ضد حوالي ثلاثين شخصا بتهم تمويل غير قانوني لحزب “التقارب الديمقراطي في كتالونيا”. وقد طالبت النيابة العامة بحبس فيفيس لمدة ست سنوات، بسبب العديد من المخالفات في قضية أطلق عليها “3 بالمئة”. تتابع الصفيحة: “وبعد إعادة تأهيله بفضل الدورة وانتظار محاكمته في قضية الـ 3 بالمئة، قرر فيفيس تجربة حظه في “السعودية”. وصل نائب العمدة السابق إلى أراضي الحويطات (القبيلة العربية التي تسكن شمال شبه الجزيرة العربية)، الذين اشتهروا بشجاعتهم البدوية كما وصفها لورانس العرب. ومن أبواب خليج العقبة، أصبح فيفيس مسؤولاً عن مشروع سندالة، أحد المشاريع الأربعة التي تشكل نيوم. وكانت جماعات حقوق الإنسان قد حذرت بالفعل من أن زعيم الحويطات – الذي رفض مغادرة المنطقة – قُتل برصاص الشرطة، كما تم إعدام ثلاثة أعضاء آخرين على الأقل من القبيلة، وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية. وفي نهاية المطاف تم إخلاء قبيلة الحويطات. وكان الحلم خاليا من الكوابيس”. وتضيف الصحيفة أن في نهاية عام 2024، ترك فيفيس منصبه، “ومن غير المعروف ما إذا كان ذلك راجعاً إلى غياب حقوق الإنسان، أو التضامن القومي مع الحويطات، أو لأسباب أكثر بساطة”. أما تقرير المراجعة، الذي أطلق عليه “المسودة النهائية”، والتي كشفت عنه صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، فقد كشف أن المسؤولين التنفيذيين، بمساعدة مستشاري المشروع، ماكينزي وشركاه، قد أدخلوا افتراضات وردية غير واقعية في خطة عمل نيوم لتبرير تقديرات التكلفة الباهظة. ووجد التقرير “دليلاً على التلاعب المتعمد” بالتمويل من قبل “بعض أعضاء الإدارة”. ووجدت المراجعة “أدلة على التلاعب المتعمد” بأمور مالية “بواسطة أعضاء بالإدارة”، وفق الصحيفة الأميركية. وفي دليل على الطموحات الهائلة للمشروع، قدّر عرض مسودة مجلس الإدارة في الصيف الماضي الإنفاق الرأسمالي المطلوب لبناء نيوم حتى “غايتها النهائية” بحلول عام 2080 بنحو 8.8 تريليون دولار ــ أي أكثر من 25 ضعف الميزانية السعودية السنوية ــ و370 مليار دولار للمرحلة الأولى بحلول عام 2035. وتموّل “الدولة السعودية” حصة الأسد من تكاليف نيوم الأولية، على الرغم من أن المسؤولين يأملون في أن يتقاسم المستثمرون من القطاع الخاص العبء في نهاية المطاف. كانت التكاليف تشكل تحديًا كبيرًا: فلم يكن موقع البناء البعيد يضم عمالة تقريبًا، ولم يكن به ميناء كبير، وكانت الطرق قليلة وكانت الكهرباء غير كافية. وتضمن التصميم بناء مدينة ملاهي على ارتفاع 1000 قدم ومسارح معلقة في الهواء بين بُرجَي “ذا لاين”. وفي حديث المجلة الأميركية مع بعض الموظفين السابقين، دون ذكر أسمائهم، قال بعضهم إنهم حاولوا تعديل الأرقام وجعلها أكثر واقعية على الورق من خلال التنويه إلى أن تكلفة القدم المربع من “ذا لاين” ستكون أقل من تكلفة ناطحات السحاب الشاهقة في الرياض، إلا أن المديرين التنفيذيين السابقين في نيوم قالوا إنهم اعتبروا بشكل روتيني التوقعات غير واقعية تمامًا. ورفض البعض التوقيع على وثائق تشهد على الجداول الزمنية، إلا أنه تم المضي قدمًا في الخطط على الرغم من ذلك. كان المهندس المعماري الأصلي للمشروع، توم ماين من شركة مورفوسيس التي تتخذ من لوس أنجلوس مقراً لها، يرغب في التعبير عن مخاوفه لولي العهد بشأن التكاليف المرتفعة للمشروع. لكن المسؤولين التنفيذيين في نيوم رفضوا طلباته، وفقاً لأحد الموظفين السابقين. كما تم قمع المعارضة: فقد وجد تقرير التدقيق الداخلي أن أحد مديري المشاريع في سندالا “تمت إقالته بعد أن طعن في تقديرات التكلفة”.