المنظمة الأوروبية السعودية: “السعودية” تندد بالتمييز والعنصرية فيما تمارسهما على الأرض
ندد النظام السعودي بتنامي مشاعر الكراهية بين الشعوب النابع من الإجراءات التمييزية والعنصرية على أساس الدين أو العرق أو الجنس في بعض المجتمعات، ودعت المجتمع الدولي إلى النظر في وسائل أكثر فعالية لمعالجة تلك الظاهرة. كلمة “السعودية” التي ألقاها عضو الوفد الرسمي أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف، متعب المخلفي، خلال نقاشات البند الرابع للدورة 58 لمجلس حقوق الإنسان في 20 مارس/آذار 2025، تأتي في ظل استمرار “السعودية” بممارسات تكرس العنصرية والتمييز في قوانينها. وبحسب تتبع المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان لا زال العمال الأجانب في “السعودية” يتعرضون للتمييز في سوق العمل، وفي النظام القضائي وغيره. كما لا زالت “السعودية” تطبق نظام الكفالة العنصري على العديد من المهن، وهو ما يشرعن التمييز والانتهاكات. إضافة إلى ذلك، تكرس القوانين التمييز بين الجنسين، وخاصة الفجوة في الأجور والحق في منح الجنسية وغيرها. أشارت المنظمة الحقوقية إلى زعم “السعودية” في كلمتها إيلاءها “أهمية كبيرة لحماية وتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية وفقا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي”. واعتبرت المنظمة أن كلمات الوفد الرسمي أمام مجلس حقوق الإنسان هي جزء من عملية الغسيل لصورة “السعودية”، وخاصة أن الواقع يؤكد انتهاكها الواسع للقانون الدولي والتزاماتها الخاصة ومن بين ذلك اتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية حقوق الطفل. من أبرز الأدلة على ذلك استمرار الحكم بالقتل على قاصرين أكدوا تعرضهم للتعذيب في السجون. يذكر أن النظام السعودي أقدم مؤخرا على خطوة لصالح تبييض سجله، إذ أعلنت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية عن مبادرة لإقرار “سياسة وطنية للقضاء على العمل الجبري”، لتُعلن وكالة الأنباء السعودية (واس) عن موافقة “مجلس الوزراء” بقيادة محمد بن سلمان على السياسة. لكن رغم هذه المساعي، حذّر مراقبون حقوقيون من هذه الخطوات مخافة أن تكون مجرد حبر على ورق ينسي المجتمع الدولي مرارة ما يعانيه عشرات الالاف من الأجانب في هذه البلاد. وفي ظهور إعلامي لمدير التواصل والمرافعة في منظمة هيومان رايتس ووتش للشرق الأوسط، أحمد بن شمسي قال “نقر أن السعودية أول دول عربية تتبنى سياسة لمكافحة العمل الجبري، ونرحب بذلك بحذر، طالما أنها لا تكون لتجنب الانتقادات التي أثارتها شكوى منظمة العمل الدولية”. وتابع بن شمسيه تحذيره من أن للسعودية ماض في إقرار إصلاحات لا يتم تطبيقها على أرض الواقع، معطيا مثال عن الإصلاحات في نظام الكفالة التي زعمت السلطات السعودية إقرارها، ورغم ذلك “ما زال أصحاب العمل لديهم سلطة على العمال، وهناك خوف متجذر من الانتقام، حتى لو توجه للقانون، منتقدا غياب وجود لمنظمات المجتمع المدني والنقابات في المملكة”. نظام الكفالة وهو نظام قانوني يُتبع في معظم دول الخليج ويحدد العلاقة بين صاحب العمل والعامل الاجنبي. يقوم هذا النظام الموجود منذ 7 عقود في “السعودية” على السماح باستقدام عمال اجانب، يلزم العامل بالعمل لدى صاحب عمل واحد، دون السماح له بترك الوظيفة او ايجاد ظروف عمل أفضل في وظيفة اخرى؛ دون موافقة الكفيل. كما تصادر جوازات السفر للعمال في اغلب الحالات. ولا يمكنهم مغادرة البلاد إلا بترخيص من الكفيل. وفي حين يحاول رجالات السلطة السعودية تبرير الانتهاكات المسجلة التي تنقلها جهات عديدة، على اعتبار أنها حالات فردية، لكن الارقام التي تكشفها المنظمات الدولية تنفي هذه المزاعم. حيث بيّنت الشكوى التي قدمها الاتحاد الدولي لعمال البناء والأخشاب بشأن ظروف العمل والاستغلال لأكثر من 13 مليون عامل وافد، وهي شكوى مقدّمة أمام منظمة العمل الدولية باسم 21 ألف شخص هم ضحايا مفترضون لـ”انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان” ولمصادرة أجور. استندت شكوى الاتحاد الدولي لعمال البناء والأخشاب إلى مجموعة من الأدلة، منها عدم تلقي عشرات آلاف العمال أجورهم من شركتي إنشاءات في السعودية أفلستا في عام 2016، وشهادات 193 عاملا وافدا واجهوا انتهاكات عديدة مثل تقييد الحركة، والتخويف والتهديد، والاحتفاظ بوثائق الهوية، وعبودية الديون، وظروف العمل والمعيشة المنتهكة، والعمل الإضافي المفرط. وتتفاقم الأضرار الناجمة عن هذه الانتهاكات نتيجة حرمان العمال من الحق في حرية تكوين الجمعيات والتفاوض الجماعي. إلى جانب ما ورد، يجدر التذكير بكسر ر الاتحاد الدولي لكرة القدم الشعارات والقوانين التي زعم تبنّيها عن شروط قبوله لانتقاء استضافة كأس العالم، بتقديمه ملف الاستضافة لـ”السعودية”. المثير للانتباه هو “إشادة” الاتحاد بملف “السعودية”، ما يعكس حقيقة الأمور التي أُخذت بعين الاعتبار في تسليم استضافة المونديال للبلد المُدان بارتكاب مختلف الجرائم من أصغرها حتى أكبرها بحق “شعبه” وشعوب المنطقة. قال ستيف كوكبيرن، رئيس قسم حقوق العمال والرياضة في منظمة العفو الدولية، تعقيبا على قرار الفيفا: “كما كان متوقعا، فإن تقييم الاتحاد الدولي لكرة القدم لملف السعودية لاستضافة كأس العالم يشكّل تبرئة مذهلة لسجل البلاد الفظيع في مجال حقوق الإنسان. ولا يتضمن التقييم أي التزامات ذات مغزى من شأنها أن تمنع استغلال العمال، أو إخلاء السكان، أو اعتقال النشطاء”. وتابع “من المرجح أن يتحمل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) قدراً كبيراً من المسؤولية عن الانتهاكات والتجاوزات التي ستحدث على مدى العقد المقبل، وذلك بتجاهله للأدلة الواضحة على المخاطر الشديدة التي تهدد حقوق الإنسان. وهناك حاجة ماسة إلى إصلاحات جوهرية لحقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، وإلا فإن كأس العالم 2034 سوف تتلطخ حتماً بالاستغلال والتمييز والقمع”.