صندوق الاستثمارات السعودي يلجأ إلى مزيد من الاقتراض

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 720
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

في ظل “هبّة الترفيه” السعودية، وعلى مدار سنوات مضت، لم يعد مستغربا أن تصل الأمور بصندوق الاستثمارات السعودي للاقتراض في سبيل المضي بمشاريع محمد بن سلمان. في الأصل روّج بن سلمان لرؤية 2030 لكونها السبيل الأوحد للبلاد على طريق التخلص من الاقتصاد القائم على مبيعات النفط. خدع ابن سلمان شعبه وفي أصل نيّته الترويج للسعودية عالميا وتغليف عيون الرأي العام عن انتهاكات الداخل. وفي تقرير صادر عن وكالة بلومبيرغ في التاسع عشر من مارس/آذار الحالي، كشف أن صندوق الاستثمار العامة اضطر إلى اللجوء لمزيد من الاقتراض عبر إصدار سندات مقوّمة باليورو لأول مرة من خلال شركاته التابعة، مثل “نيوم” وأفيليس. فيما بلغت محصّلة الدين لدى السيادي 14.3 مليار دولار، من بينها 4 مليارات دولار في يناير من أسواق الدين وجمع صكوك إسلامية بقيمة 1.25 مليار دولار في فبراير. ولفت التقرير إلى استعداد “السعودية” لضخ استثمارات ضخمة خلال السنوات المقبلة، تشمل التحضيرات لاستضافة كأس العالم 2034 وذلك في وقت تواجه فيه المملكة تحديات تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر، وانخفاض أسعار النفط، واستمرار عجز الميزانية. هذه العوامل دفعت الحكومة إلى إعادة ترتيب أولويات المشاريع. وفقاً لتقديرات بلومبرغ إيكونوميكس، تحتاج المملكة إلى سعر نفط 108 دولارات للبرميل لتغطية الإنفاق الحكومي، مع الأخذ في الاعتبار الاستثمارات المحلية لصندوق الاستثمارات العامة. هذا الرقم أعلى بكثير من المستويات الحالية البالغة نحو 70 دولاراً للبرميل، مما يزيد من الضغوط على المالية العامة. يعتزم صندوق الاستثمارات العامة رفع حجم إنفاقه السنوي إلى 70 مليار دولار، مستفيداً من عائدات استثماراته، والاقتراض، وتحويلات نقدية أو أصول من الحكومة. ومع ذلك، فإن تراجع توزيعات “أرامكو”، التي يمتلك الصندوق 16% من أسهمها، قد يقلل من أحد مصادر تمويله الرئيسية. وفقاً لمصادر مطلعة، يدرس الصندوق بيع جزء من محفظته البالغة 461 مليار دولار من الأسهم المدرجة، إضافةً إلى إدراج شركات جديدة في البورصة السعودية. وتشمل قائمة الطروحات المحتملة “نوبكو” لمشتريات القطاع الطبي، و”تبريد السعودية”، و”الموانئ العالمية السعودية”، بحسب تقارير بلومبرغ نيوز. واعتبرت الوكالة أنه “في ظل تزايد الاعتماد على الاقتراض، سيظل الصندوق ملتزماً بالحفاظ على التصنيف الائتماني. ويتوقع علي دحلومال، محلل أبحاث الائتمان في “أوف أميركا جلوبال ريسيرش”، أن يرتفع إصدار الديون من قبل الشركات السعودية، بما في ذلك البنوك والصندوق السيادي وشركاته التابعة، إلى 40 مليار دولار هذا العام مقارنة بـ31 مليار دولار في 2024.” وتساءلت الوكالة “هل سيبدي المستثمرون اهتماماً بشراء هذه السندات؟ حتى الآن، كان الطلب على ديون صندوق الاستثمارات العامة قوياً، لكن بعض المشاريع التي تخدم الأهداف الاستراتيجية للمملكة قد لا تُترجم بالضرورة إلى عوائد مالية مجزية للمستثمرين، وفقاً لما قاله فاروق سوسة، كبير الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في غولدمان ساكس. وأضاف سوسة: “المستثمرون من القطاع الخاص لن يضخوا أموالهم في مشروع فقط لأنه يخلق قيمة للاقتصاد ككل، بل يبحثون عن العوائد المباشرة”. وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” تقريرا حديثا انتقدت فيه الدور الذي أوكِل لصندوق الثروة السيادي السعودي، من حيث تمويل مشاريع للسلطة تبيّض سمعتها، وتسهيل انتهاكاتها لحقوق الإنسان. ورصدت المنظمة في مقدمة تقريرها النمو السريع للصندوق سيما مع صعود محمد بن سلمان في حكم البلاد وسيطرته على أهم أجهزة “الدولة” وهي السلطة التي استغلها لإعادة هيكلة الصندوق وتوسيعه بشكل كبير. حقق الصندوق ارتفاعا مهما في حجمه وفي إنفاقه: ففي 2021، لم يكن الصندوق ضمن أكبر المنفقين في العالم ، لكن بحلول 2023 تم تصنيفه كأكبر مستثمر رائد من قبل مرصد ˝غلوبال إس دبليو إف˝ للاستشارات ورصد صناديق الثروة السيادية. وفي غضون عقد واحد، نما الصندوق من 84 مليار دولار سنة 2014 إلى حوالي 925 مليار دولار في مطلع 2024. بالنظر إلى كون الصندوق أكبر ممول لمشاريع رؤية ابن سلمان، وجد التقرير أن أشكال انتهاكات حقوق الإنسان التي حصلت خلال تنفيذ المشاريع سهّل حصولها صندوق الاستثمارات. كما لحظ التقرير المحطات الأساسية التي سبقت ارتفاع احتياطات الصندوق: – في نوفبمر تشرين الثاني 2017 بدأت السلطات، بأمر من محمد بن سلمان، بتنفيذ حملة اعتقالات جماعية لرجال أعمال وأفراد من آل سعود ومسؤولون حكوميون في فندق الريتز كارلتون، واحتجزت مجموعة من الأشخاص وأجبرتهم على تسليم أموالهم وأراضيهم وممتلكات أخرى، بما فيها أسهم في شركاتهم أشارت الوثائق السعودية التي استعرضتها هيومن رايتس ووتش إلى أنّ إحدى الشركات التي نُقلت إلى الصندوق، هي “شركة سكاي برايم للخدمات الجوية”، وهي شركة طيران مستأجرة تمتلك الطائرتين اللتين استخدمهما عملاء سعوديون في 2018 للسفر إلى اسطنبول، حيث قتلوا جمال خاشقجي. – كانون الأول 2019، الطرح العام الأولي لشركة “أرامكو” – فبراير 2022، نقل 4% من أسهم أرامكو إلى صندوق الاستثمارات العامة. – نيسان 2023، نقل 4% من أسهم أرامكو إلى شركة “سنابل للاستثمار”، المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة. – نيسان 2024، نقل 8% من أسهم أرامكو إلى صندوق الاستثمارات. اتنقد التقرير ما يزعمه مسؤولون سعوديون ووثائق سياسات عن الصندوق عن أن صندوق الاستثمارات مفيد للجمهور السعودي لأنه يستخدم عائدات صادرات الوقود الأحفوري لتنويع الاقتصاد المحلّي في مجالات غير النفط. فحتى وإن تحقق هذا الوعد، فإنّ كلفته قد تكون عالية: فغالبا ما تُستخدم صناديق الثروة السياديّة لتركيز السلطة السياسيّة وترسيخها في الأنظمة الاستبداديّة.