نصر “العقال السعودي” في لبنان: سردية الوقت الضائع

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 13
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

“التغيير”، “تسونامي انتخاب نواف سلام” ، “إرادة الشعب اللبناني الحرّ”، “خسارة المنظومة الحاكمة” وغيرها من الشعارات التي يتبناها محللو البلاط السعودي من حاملي الجنسية اللبنانية من على المنابر الإعلامية للتأكيد على أهمية المرحلة المقبلة على المستوى السياسي وانعكاساتها على كافة المستويات، وكأن “الفرج” سيأتي على يدّ سليل العائلة اللبنانية البيروتية نوّاف سلام أو قائد الجيش اللبناني السابق جوزيف عون. شخصيتان لهما تاريخهما وعلاقاتهما السياسية، وشبكة مصالح لا يمكن فصلها عن صانعي السياسات في الولايات المتحدة الأميركية. فمن أين أتى التغيير وخسارة المنظومة الحاكمة؟ أولاً، وصول الرئيس جوزيف عون أتى بعد التفاف واتفاق حول الإسم، وضغط أميركي- سعودي مزدوج. ما عكس عودة سعودية إلى لبنان بعد سنوات من تبني سياسة “الحياد” السلبي. وهذا ما أثبتته الحركة السعودية ودور مستشار الشؤون اللبنانية في وزارة الخارجية السعودية يزيد بن فرحان وجولته على القوى السياسية اللبنانية للإعلان عن تبني بلاده اسم جوزيف عون رسمياً والضغط لتسميته. هذا الضغط الذي دفع بأحد شحاذي الريالات بوصف المرحلة الآنية في لبنان بكونها انتصارا للـ”عقال السعودي على المشاريع التي لا تشبه لبنان”. وفي نفس الوقت، يتمسك بسردية إرادة الشعب اللبناني بالتغيير وفشل المنظومة الحاكمة. فأي تناقض هذا ؟ ثانياً، ما تعرض له الثنائي الشيعي في لبنان ( حزب الله- حركة أمل) من “خديعة” على مستوى الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة والانقلاب على الاتفاق بإيصال نجيب ميقاتي إلى رئاسة الحكومة. دفع رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب اللبناني محمد رعد، بعد لقاء رئيس الجمهورية للقول أن اللقاء كان “من أجل أن نعرب عن أسفنا لمن يريد أن يخدش إطلالة العهد التوافقية”. ولفت رعد إلى أنه “مرّة جديدة يكمن البعض من أجل التفكيك والشرذمة والإقصاء”، وقال: “نحن خطونا خطوة إيجابية عند انتخاب رئيس الجمهورية وكنّا نأمل أن نلاقي اليد التي لطالما تتغنّى أنّها ممدوة واليوم تُقطع»، مضيفاً: “من حقهم أن يعيشوا تجربتهم ومن حقّنا أن نطالب بحكومة ميثاقية”. وتابع رعد:”سنراقب ونمضي بكل هدوء وحكمة وسنرى أفعالهم من أجل إخراج المحتل من أرضنا واسترجاع الأسرى وإعادة الإعمار والتطبيق الصحيح للقرار 1701 بما يحفظ الوحدة الوطنية”. تعرّض الثنائي لانقلاب سعودي على التفاهم الذي أمّن انتخاب عون رئيساً بأكثرية ما فوق الثلثين، وادعت الرياض بأن ما جرى غير خاضع لسيطرتها ربطا بما قاله الجانب السعودي للنائب اللبناني علي حسن خليل  “إن تكليف رئيس جديد للحكومة لعبة داخلية خرجت من يدنا وبالتالي لن نتدخّل”. وفي ذلك كذب واضح، خاصة بعد أن أعلن العديد من النواب وبكل “وقاحة” انتظارهم لكلمة السرّ السعودية. على الرغم مما ورد، “استوعب” الثنائي الموقف مرة جديدة، وشهد اليومان الماضيان أول تواصل مباشر بين الرئيس المكلّف وحزب الله، بعدما كان يجري ذلك عبر رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، إذ عُقد لقاءان، السبت والأحد، ضمّا سلام ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد والمعاون السياسي للأمين العام للحزب الحاج حسين الخليل والنائب علي حسن خليل. وقالت المصادر إن الطرفين تجاوزا الإشكالية التي رافقت التسمية في الاستشارات النيابية وأكّدا استعدادهما للتعاون، وأن سلام أكّد أنه لم يكن مرشح تحدّ لأحد، وأن النواب هم من سمّوه، وهو أيضاً يسلّم بالتمثيل الشيعي للثنائي وبعدم إمكانية تجاوزه. أما الجانب الآخر من النقاش فيتعلق بالبيان الوزاري والصيغة المُفترض اعتمادُها حول دور المقاومة بما ينسجم مع ما ورد في اتفاق الطائف، خصوصاً أن الحكومات منذ تشكيل الرئيس السابق تمام سلام حكومته عام 2014، دأبت على اعتماد عبارة موحّدة حول حق اللبنانيين في المقاومة من أجل تحرير الأراضي المحتلة. وبالعودة إلى خطاب التطبيل للدور السعودي، “ولبنان الجديد الحرّ”، و”الانعتاق عن محور إيران”، يستغل أتباع النظام السعودي في لبنان وأقلامه نتائج الحرب العدوانية الأخيرة، وأولوية إعادة الإعمار للمزايدة على المقاومة واستغلال انشغالها بترتيب أمورها للتصويب عليها، وتبجيل الحراك السعودي في لبنان والتأكيد على أن ابن سلمان “فاعل خير” ولا يريد من تحركات أزلامه إلّا “الرخاء والازدهار وانتظام المؤسسات”. ويحلو للبعض التمادي، واتهام الأطراف اللبنانية بكونها مصدّرة المشاكل للسعودية، وأن الأخيرة حافظت على ضبط النفس ولم “تزر وازرة وزر أخرى”. ينطلق هؤلاء من مزاعم مسؤولية “حزب الله” عن تصدير المخدرات إلى “السعودية” ودعم مطالب الشعب في القطيف والأحساء، وتوصيف محمد بن سلمان بكونه المارد الذي خرج للبنان من المصباح. عجيب أمر بعض اللبنانيين، يمتلكون قابلية للإنكار والتعامي وكذا التناسي لتاريخ طويل من الهمجية السعودية ضد أغلبية الأطياف اللبنانية، حتى من كانت تناصبها الولاء والتبعية ( حزب المستقبل نموذجاً). يوماً بعد يوم، تكشف الحرب الأخيرة التي خاضها أنبل وأشرف خلق الله حجم الخيانة ورخص الدماء لدى شريحة واسعة من المجتمع اللبناني لأجل نيل الرضا السعودي ومن خلفه تحصيل بعض فُتات الريالات.