أولويات ترامب: التطبيع السعودي- الإسرائيلي لتأسيس تحالف إقليمي ضد إيران
كشف مختص إسرائيلي بالشؤون الأمريكية عن توقعاته لخطط ترامب المستقبلية في المنطقة عقب توليه مقاليد الحكم رسميا في الـ20 من الشهر الجاري، مرجحا أن يكون التطبيع مع “السعودية” على سلّم الأولويات. وقال شاي هار تسفي في مقال بصحيفة “معاريف”، إن “عودة ترامب إلى البيت الأبيض ستؤدي بشكل طبيعي إلى تغييرات كبيرة في سياسة الإدارة الأمريكية على الساحة الدولية والإقليمية، وذلك بالنظر إلى الفوارق الكبيرة بين رؤى وسلوكيات ترامب وسلفه بايدن”. ورأى تسفي أن ترامب، خلافًا لفترة ولايته الأولى، يأتي هذه المرة أكثر نضجًا واستعدادًا، يعرف النظام الحكومي بشكل أفضل ويفهم أن هذه هي الفرصة الكبيرة والأخيرة له لترك بصمته التاريخية، ولذلك، فإن من المرجح أن يسعى ترامب إلى دفع معظم التغييرات التي يخطط لها في السنتين المقبلتين، حتى انتخابات منتصف المدة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2026. وأضاف: “قبل كل شيء، سيسعى ترامب لتحسين الوضع الاقتصادي للولايات المتحدة، خفض تكلفة المعيشة، ومحاربة ظاهرة الهجرة. هذه هي في الواقع الوعود الرئيسية في حملته الانتخابية. إحدى الطرق لتحقيق هذه الأهداف ستكون من خلال خلق أزمات، مع تهديدات باستخدام القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية للولايات المتحدة”. وحول هذه النقطة تابع تسفي: “التهديدات بإعادة قناة بنما إلى السيطرة الأمريكية والسيطرة على غرينلاند، بالإضافة إلى الرسائل القوية والمذلة ضد ترودو كما لو أن كندا هي الولاية الـ51 للولايات المتحدة، والمطالبة من دول الناتو بزيادة نفقاتها الدفاعية، تهدف في الأساس إلى الحصول على تعويضات اقتصادية، تقليص الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية، السيطرة على طرق الشحن وموارد الطبيعة وتقليل الاستثمارات الأمريكية في المساعدات الأمنية والعسكرية للدول حول العالم”. ورجح أن يركز ترامب معظم اهتمامه على الساحة الدولية في المواجهة متعددة الأبعاد مع الصين، خاصة في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية، مع سعيه لإنهاء الحرب في أوكرانيا لتحقيق هدف تقليل الاعتماد الروسي على الصين. أما بالنسبة للشرق الأوسط، فقد قدر هار تسفي بأن الأهداف الثلاثة الرئيسية لترامب ستكون إنهاء الحرب في غزة، وإعادة الأسرى، ودفع اتفاق تطبيع تاريخي بين “إسرائيل” والسعودية، ومنع إيران من تطوير سلاح نووي. وشدد تسفى على أن ترامب يدرك أن هناك روابط بين هذه القضايا، فدون إنهاء الحرب في غزة، سيكون من الصعب للغاية إن لم يكن مستحيلًا التوصل إلى تطبيع وتعميق التحالفات الإقليمية والعلاقات بين “إسرائيل” والدول العربية والإسلامية، كما أن الفشل في تحقيق التطبيع قد يؤثر سلبًا أيضًا على إمكانية بناء تحالف إقليمي ضد إيران، بالإضافة إلى فقدان الفرص الاقتصادية التي ستفتح أمام دول الشرق الأوسط والولايات المتحدة. أما عن “إسرائيل” والعلاقات مع نتنياهو، فقال هار تسفي: “من المتوقع أن يبذل ترامب جهدًا كبيرًا في بداية فترة ولايته لدفع عملية التطبيع، وقد يكون مستعدًا للضغط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإظهار مرونة أكبر في ما يتعلق بمطالب ولي العهد السعودي، وعلى رأسها إنهاء الحرب في غزة وإعلان أفق سياسي للفلسطينيين”. وبخصوص إيران قال تسفي: “يبدو أن الخيار المفضل لترامب في الوقت الحالي هو صياغة اتفاق نووي لضمان عدم تمكن إيران من الحصول على سلاح نووي”. وختم مقاله، بالقول إن ترامب أثبت في فترته الأولى، وما زال في سلسلة من التصريحات في الأسابيع الأخيرة، أنه لا يتردد في ممارسة الضغط على الدول التي تعتبر حليفة للولايات المتحدة لتحقيق أهدافه، وعلى “إسرائيل” أن تأخذ هذا في الحسبان عند صياغة سياستها في الفترة القادمة. على المقلب الآخر، ومع بدء العدّ التنازلي لتنصيب دونالد ترامب، يعتزم كتب دان أركين الكاتب في مجلة يسرائيل ديفينس أن نتنياهو يعتزم تقديم سلسلة من المطالب الحاسمة، بدءا من عودة الأسرى من غزة، إلى تعزيز القدرات العسكرية ضد إيران و”أنصار الله”، مما زاد من الشكوك الإسرائيلية من إمكانية استجابة ترامب لهذه المطالب. وأشار إلى أنه “على رأس قائمة المطالب، وبمستوى من الإلحاح لا يمكن تجاوزه، تأتي قضية المختطفين في غزة، ولن نعرف ماذا سيحدث في القضية إلا بعد يوم من أداء ترامب اليمين، لكن سيُطلب من نتنياهو ممارسة كامل قدراته التفسيرية والسياسية والدبلوماسية حتى يغادر ترامب الاجتماع به مقتنعا بما قدمه من رواية، وهو الذي يعلم أن الأخير لا يمكن التنبؤ به”. وأوضح أن “المطلب الثاني الذي سيقدمه نتنياهو لترامب يتعلق بإيران وبرنامجها النووي والحوثيين، وسيستمع الأول باهتمام لتفاصيل رأي الثاني بهذا الشأن، وهو الذي انسحب في 2015 من الاتفاق النووي، فكيف سيكون رأيه اليوم، وماذا ينوي القيام به، رغم أن نتنياهو سيشرح لترامب القدرات العملياتية لإلحاق ضرر جسيم بالمشروع النووي الإيراني، مع طلبه مشاركة العديد من الشركاء لمواجهته، وعلى رأسهم الولايات المتحدة”. وأشار إلى أن “نتنياهو سيقدم لترامب مهمة أخرى ليست إسرائيلية فحسب، بل عالمية، وتتعلق بمهاجمة ”أنصار الله” للسفن التجارية، وما أسفر عنه من ارتفاع أسعار البضائع في جميع أنحاء العالم، بما فيها الولايات المتحدة، فيما يقضي مئات آلاف الإسرائيليين ساعات في الملاجئ ليلا بسبب الطائرات بدون طيار والصواريخ التي يطلقها الحوثيون، صحيح أن إسرائيل قادرة على التعامل بمفردها معهم، لكن هناك خطط بعيدة المدى لضربات جوية متقدمة، وفرض حصار بحري عليهم، واغتيال قادتهم”. وأضاف أن “نتنياهو سيشرح لترامب، أن مواجهة الحوثيين مهمة عالمية، فالأسطولان الخامس والسادس موجودان في المنطقة، ويهاجمانهم، ولكن بجرعات صغيرة، ليس إلى حدّ الحسم، ولدى واشنطن مئات الطائرات المقاتلة في المنطقة، وهي قوة عسكرية هائلة يجب تعبئتها لهذه المهمة، وإزالة التهديد الحوثي، صحيح أنه يمكن للقوات الجوية الإسرائيلية مهاجمة اليمن، وقد فعلت ذلك عدة مرات، لكن بسبب بعد المسافة سيكون من الصعب عليها تنفيذ هجوم قوي متواصل يستمر عدة أيام، أما الأمريكيون فلديهم مثل هذه القدرات للقضاء على التهديد”.