رئيس الوزراء البريطاني تحت الانتقاد لتقاربه مع ابن سلمان: أين مزاعم “حقوق الإنسان”؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 58
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

انتقادات ولوم يتعرض له رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر على خلفية تقاربه من محمد بن سلمان رغم ما يرتكبه الأخير من انتهاكات، الانتقادات شرعت منذ ما بعد الزيارة التي قام بها الأول إلى شبه الجزيرة العربية التي رُوِّج لها على أنها تهدف إلى تعزيز الاستثمارات والتعاون الأمني بين “البلدين”. ووصفت إحدى الجهات المحلية البريطانية الزيارة بأنها تعبّر “عن الإفلاس الأخلاقي للسياسة الخارجية البريطانية – وهي سياسة تتودد إلى الطغاة بينما تغلق أبوابها في وجه أولئك الفارين من قمعهم”. وانتُقِدت الزيارة على أنها لم تأتِ على ذكر انتهاكات حقوق الإنسان البشعة التي ارتكبها محمد بن سلمان، وبدلاً من ذلك، أشارت إلى التواطؤ الهادئ من جانب المملكة المتحدة، وإعطاء الأولوية لمبيعات الأسلحة والعلاقات الاقتصادية على المساءلة. الزيارة قامت بالتعليق عليها منظمة declassified uk الإعلامية، التي تعرّف عن نفسها على أنها تكشف الدور الحقيقي للسياسة الخارجية البريطانية والجيش ووكالات الاستخبارات في العالم. وعلى خلفية الخطاب المتصاعد المناهض للهجرة، الصادر بشكل خاص من جانب حزب الإصلاح بزعامة نايجل فاراج، ترى المنظمة أن “استعداد حزب العمال الواضح لتكرار هذه الشعارات لا يؤدي إلا إلى تعميق الشعور بالتخلي الذي يواجهه المنفيون السعوديون”. وفي سياق إظهار الخطر الذي يتهدّد المعارضين “السعوديين” المتواجدين في المملكة المتحدة، تشير المنظمة الإعلامية إلى أنه ” مع تزايد سعي الحكومات الغربية إلى استرضاء الأنظمة الاستبدادية، فإن حتى الحق في اللجوء السياسي لم يعد مضموناً ــ ويبدو أن بريطانيا أكثر من راغبة في الاضطلاع بدورها في هذا الاتجاه”. كما تؤكد المنظمة على أنه و”منذ أن أصبح محمد بن سلمان وليًا للعهد والحاكم الفعلي، اتسم حكمه بالقمع العدواني للمعارضة السياسية، واستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان، ومنتقدي الحكومة، وأي شخص يجرؤ على تحدي الوضع الراهن”.  ومع ذلك، فإن وسائل الإعلام الغربية تركز في كثير من الأحيان على الوعود المبهرة التي تقدّمها رؤية 2030 ــ والتي صُقِلت من قبل شركات استشارية رفيعة المستوى مثل ماكينزي. وقد أدى هذا المظهر اللامع إلى حصول محمد بن سلمان على إشادة دولية بسبب ما يبدو أنه تحرير اجتماعي تدريجي.  تضع المنظمة بعض التعديلات الظاهرية التي طرأت على المجتمع “السعودي” في إطار تحسين الصورة ليس أكثر، ومنها إعداة افتتاح دور السينما، وشيوع الحفلات الموسيقية والمهرجانات الدولية وترحيبها بالاختلاط بين الجنسين، وغيرها. تلفت المنظمة إلى أنه “بالنسبة للعديد من الناس في الغرب، تشير هذه التطورات إلى فجر عصر جديد ــ عصر الانفتاح والازدهار والفرص الواسعة للاستثمار والسياحة، ولكن وراء كل هذا تكمن حقيقة أكثر إثارة للقلق”.  مشددة على أن “هذه التحولات الثقافية لا تشير إلى إصلاح حقيقي بل هي في الواقع تشتيت متعمد يستهدف شباب المملكة ــ 63% منهم تحت سن الثلاثين ــ عن انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة والمتفاقمة”. وكما أشارت  مضاوي الرشيد، فإن تركيز محمد بن سلمان على الترفيه والعروض المسرحية يهدف إلى تقديم صورة زائفة عن التقدم والحرية، كل ذلك في حين يحافظ على سيطرة صارمة على الخطاب السياسي. “إن هذا السراب المبني بعناية لا يهدف فقط إلى تهدئة جيل الشباب المضطرب، بل وأيضاً إلى إعادة تأهيل سمعة النظام الدولية” تؤكد المنظمة.  وتطرح تساؤلاً يظل قائما: إلى متى يمكن لهذا المظهر من الانفتاح أن يصمد، دون إصلاحات حقيقية وجوهرية تحت السطح؟ الصورة مقابل الواقع تسرد المنظمة في سياق حديثها عن التناقض بين الصورة التي يُراد رسم حكم ابن سلمان على أساسها، مع الواقع القائم على الأرض، تشير إلى وضع المعارضين لحكم ابن سلمان الذين وجدوا باللجوء إلى الخارج سبيلا لا بديل عنه، وقالت: ” وخلف الصورة العالمية المرسومة بعناية للسعودية، أدى إحكام قبضة النظام على المعارضة إلى نزوح هادئ ولكن ملحوظ للسعوديين الباحثين عن اللجوء في الخارج”. وكشفت وثائق سرية عن تعرّض رئيس الحكومة البريطانية السابق ووزير الخارجية الحالي، ديفيد كاميرون، لضغوط مادية من ابن سلمان للعمل على إحباط الدعوى التي رفعها الناشط الحقوقي المقيم في بريطانيا غانم الدوسري ضد “السعودية” الذي يتهمها بالتجسس عليه. الوثائق تكشف عن تهديد “السعودية” بإفشال استثماراتها في بريطانيا البالغ قيمتها 100 مليار جنيه استرليني، وهي وثائق حكومية بريطانية حصلت عليها صحيفة الغارديان، تُظهر أن كاميرون طلب من كبار المسؤولين في وزارة الخارجية اقتراح خيارات بعد التدخل الاستثنائي من قبل محمد بن سلمان بشأن القضية التي رفعها الدوسري. وأكد باحثون في مختبر Citizen Lab بجامعة تورنتو، وهم من بين الخبراء الرائدين عالميا في تتبع المراقبة الرقمية للمعارضين والصحفيين وغيرهم من أعضاء المجتمع المدني، استهداف هاتف الدوسري واختراقه من قبل شبكة مرتبطة على الأرجح بالسعودية. ابن سلمان نقل تنبيهه –الذي لا يرقى حد التهديد- إلى كاميرون على هامش اجتماع المنتدى الاقتصادي العالمي الذي عُقد في الرياض في أواخر أبريل/نيسان. ووفقا للوثائق السرية، فقد جاءت جهود الضغط التي قام بها ابن سلمان في أعقاب ضغوط سابقة من جانب وزراء سعوديين كبار، بناء على أوامره، والذين حذروا من أن هذه القضية قد يكون لها “تداعيات على الاستثمارات السعودية الحالية والمستقبلية في المملكة المتحدة والتي قيل لنا إنها تزيد عن 100 مليار جنيه إسترليني”، وفقا لملخص أعده مسؤولون بريطانيون. سبق أن رفضت محكمة الاستئناف البريطانية دعوى تقدم بها محامون سعوديون بهدف منع استمرار القضية. وكانت المحكمة العليا قد قضت في عام 2022 بإمكانية المضي قدماً في القضية على الرغم من مزاعم السعودية بحصانة الدولة، بعد أن فشلت في دفع 210 آلاف جنيه إسترليني كضمان لتكاليف الدوسري. وقال الدوسري إنه “من غير المقبول أن يعتقد محمد بن سلمان أنه يستطيع التلاعب بالحكومة البريطانية للتدخل في قضيتي القانونية.. إن طلبه الأخير للمملكة المتحدة لاتخاذ إجراء ضد قضيتي يؤكد اعتقاده بأن الأنظمة القضائية في جميع أنحاء العالم يمكن التعامل معها مثل السعودية – حيث لم تكن المحاكم مستقلة أبدًا وتخدم فقط لتعزيز أجندته الشخصية”. وأضاف أن ابن سلمان “يحاول الضغط على المملكة المتحدة لتقويض نظامها القانوني. وهذه المحاولة الصارخة لتسليح الثروة السعودية ليست مجرد هجوم على العدالة بالنسبة لي، بل على استقلال القضاء في المملكة المتحدة”. وتنقل الوثائق وصف مسؤولين بريطانيين، لم يتم ذكر أسمائهم في السجلات العامة، حكم المحكمة العليا لعام 2022 بأنه يحتوي على “رأي قانوني جديد إلى حد ما” في استنتاج القاضي بأن جزءًا فقط من الأذى الذي لحق بالدوسري كان لابد أن يحدث في المملكة المتحدة. وأشاروا: “نحن نستكشف ما إذا كان هناك أي احتمال بأن تسعى حكومة المملكة المتحدة إلى الطعن في هذا التفسير في المحكمة”. وأشار المسؤولون البريطانيون إلى “أن السعوديين يشعرون بالقلق من أن الحكم التحيزي في هذه القضية قد يتعارض مع مبدأ الحصانة السيادية، الأمر الذي قد يكون له بدوره آثار على أصول الدولة”. ما تؤشر إليه هذه الوثائق غير المنشورة هو أن محمد بن سلمان يستخدم المال السياسي في استغلال الحماية القانونية الممنوحة للـ”زعماء” في المحاكم في جميع أنحاء العالم للهروب من المساءلة القانونية عن أعمال القمع العابرة للحدود الوطنية التي تقوم بها “السعودية”. خلال أكتوبر الماضي، قضت محكمة بريطانية بمنح الإذن للمعارض السياسي يحيى العسيري، الذي يُقيم في بريطانيا، في رفع دعوى قضائية ضد نظام آل سعود بتهمة استخدام برامج تجسس ضده بين عامي 2018 و2020. وهو الأمر الذي تطلّب من المحكمة إثبات أن عسيري لديه قضية قابلة للمناقشة. وسمح قرار المحكمة العليا لعسيري برفع دعوى قضائية ضد “السعودية” من خلال القنوات الدبلوماسية في بريطانيا. وكان قد رفع عسيري دعوى قضائية ضد السعودية في 28 مايو/أيار بسبب استهدافه ببرامج تجسس، قائلا أن الحكومة السعودية ضايقته، وأساءت استخدام معلوماته الخاصة، واخترقت هواتفه المحمولة بشكل غير قانوني. ولطالما سعت “السلطات السعودية” إلى تحديد هوية المعارضين المجهولين والتجسس على مواطنيها من خلال اتصالاتهم الرقمية. مستخدمة بذلك برنامج التجسس بيغاسوس في اختراق أجهزة نشطاء حقوقيين، منهم موظفون في منظمات حقوقية، وصحفيون، وسياسيون، ودبلوماسيون، وغيرهم، في انتهاك صارخ لحقوقهم.