فايننشال تايمز: “السعودية” تخشى عودة ترامب لسياسة “الضغط القصوى” على إيران
سلّطت صحيفة “فايننشال تايمز” الضوء على عودة القلق “الخليجي” من احتمالية تبني الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب لسياسة “الضغط القصوى” على إيران، بعد أن شكلت ركيزة سياساته في الشرق الأوسط خلال فترة حكمه السابقة. يدّعي التقرير أن “السعودية” والإمارات تميلان إلى تخفيف التوتر مع إيران، لضمان استقرار المنطقة وحماية خطط التنمية الاقتصادية” وذكر بما أعلنه كلا الكيانين من ” أنهما ملتزمتان بتخفيض التصعيد مع إيران، في الوقت الذي تستعدان فيه لعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، على أمل أن يتمكن من إنهاء سنة من الحرب في الشرق الأوسط، ولكنهما حذرتان من أن تقلباته قد تؤدي إلى زيادة التوترات” وذكرت الصحيفة أن “محمد بن سلمان، كان من أبرز المؤيدين العرب لترامب خلال ولايته الأولى كرئيس للولايات المتحدة، حيث رحب بنهجه العدائي تجاه إيران وأسلوبه في التعامل معها، بعد سنوات من الإحباط الخليجي من السياسة الأمريكية”. وبحسب الصحيفة فإن “السعودية” “والإمارات، كانتا قد غيرتا من استراتيجيتهما في السنوات التي تلت ذلك، حيث سعتا إلى التعامل مع طهران، وسط شكوك بشأن التزام الولايات المتحدة بأمنهما”، مضيفة أن هذا التحول أصبح أكثر إلحاحا بعد أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، الذي أشعل موجة من “العداءات الإقليمية، وزاد من التوترات بين الولايات المتحدة وإيران؛ حيث سعت كل من الرياض وأبوظبي للبقاء على الحياد”. وذكرت الصحيفة بأن حكام الخليج رحبوا بانتخاب ترامب، ويأملون أن يفي صانع الصفقات المزعوم بتعهده خلال حملته بجلب السلام إلى المنطقة. ومع ذلك، يقول الدبلوماسيون وأشخاص مقربون من الحكومات الإقليمية، إنهم حذرون أيضا من أن ترامب قد يمنح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مزيدا من الصلاحية للتصعيد ضد أعداء إسرائيل، وزيادة التوترات مع إيران، مما يهدد بصراع شامل قد يمتد إلى دول الخليج”. ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي عربي رفيع المستوى قوله: “إذا وضعك ترامب في موقف، يتعين عليك فيه اتخاذ قرار [أي جانب ستدعم]؛ لأنه يقف ضد إيران، فهذه مشكلة كبيرة. فترامب ليس من النوع الذي يقبل الرفض”. وفي إشارة إلى رغبة الرياض المزعومة في الحفاظ على السلام البارد مع إيران، استضاف بن سلمان يوم الاثنين مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى خلال مؤتمر القمة العربية الإسلامية في جدة، حيث ندد بارتكاب إسرائيل الإبادة الجماعية في غزة. كما أدان الضربات الإسرائيلية على إيران، داعيا المجتمع الدولي إلى وقف الأعمال العدائية على الأراضي الإيرانية. وأوضحت الصحيفة، أن التعليقات تُبرز “التحول في تفكير “السعودية” والإمارات منذ أن توددتا إلى ترامب بعد توليه منصبه في 2017، عقب سنوات من الإحباط بسبب تقلبات السياسة الأمريكية والشعور بالابتعاد عن المنطقة”. وأضافت الصحفية أن “كلّا من الرياض وأبوظبي رحبتا بموقف إدارة ترامب المتشدد تجاه إيران، وقراره بالتخلي عن الاتفاق النووي المبرم سنة 2015 بين طهران والقوى العالمية، وفرض عقوبات قاسية على الجمهورية الإسلامية.” ولكن مع تصاعد التوترات في المنطقة نتيجة لحملة “الضغط الأقصى” التي شنها ترامب، أصبحت الرياض وأبوظبي تدركان ضعفهما أمام إيران. وقالت الصحيفة؛ إن “ثقة حكام الخليج قد اهتزت في استعداد الولايات المتحدة للدفاع عنهم بشكل خاص، بعد الهجوم الصاروخي والهجوم بالطائرات المسيرة على البنية التحتية النفطية السعودية في سنة 2019، الذي أدى إلى توقف نصف إنتاج “السعودية” من النفط الخام مؤقتا. وفي حين ألقت واشنطن باللوم على إيران، اختار ترامب عدم الرد سوى بفرض المزيد من العقوبات”. ونقلت الصحيفة عن جورجيو كافيرو، الرئيس التنفيذي لشركة “جلف ستايت أناليتكس” ومقرها واشنطن، قوله إنه بحلول نهاية ولاية ترامب الأولى، “أدرك القادة الإقليميون أنه عمليّا لم تنجح [إدارته] في جعل الأنظمة الملكية الخليجية أكثر أمانا”. ومع تآكل الثقة في مظلة الأمن الأمريكية، قررت “السعودية” والإمارات بأن خفض التصعيد مع إيران، هو الخيار الأفضل لحماية كيانيهما وتمكينهما من التركيز على تنويع اقتصاديهما، بحسب الكاتب. وأفادت الصحيفة أن هذا الأمر تُوج باتفاق بوساطة صينية في آذار/ مارس 2023 أعاد العلاقات الدبلوماسية بين “السعودية” وإيران بعد انقطاع دام سبع سنوات. ويتمثل قلق حكام الخليج الآن في أن اندلاع صراع أوسع في الشرق الأوسط، قد يعرقل خططهم التنموية المحلية. وبحسب الصحيفة، قال شخص مطلع على تفكير النظام السعودي: “الاتفاق المدعوم من الصين هو لصالح المنطقة، وستظل السعودية ملتزمة به طالما أن إيران ملتزمة به”. وقالت الصحيفة، “في الوقت الذي تعهد فيه ترامب بإحلال السلام في الشرق الأوسط، أعرب أيضا عن دعمه للهجمات العسكرية الإسرائيلية، ويبدو أنه سيعين أشخاصا ذوي مواقف متشددة ضد إيران في إدارته”. وكتبت إليز ستيفانيك، التي اختارها ترامب لمنصب سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، على منصة “إكس”، أن “الولايات المتحدة مستعدة للعودة إلى حملة “الضغط الأقصى” ضد إيران، التي كان الرئيس ترامب قد أطلقها”. ووفقا للصحيفة “إن حكام الخليج يخشون أن الرئيس المنتخب، الذي نفذ سلسلة من السياسات المؤيدة لإسرائيل في ولايته الأولى، قد يمنح نتنياهو مزيدا من الجرأة بدلا من تقييده.” وقال الدبلوماسي: “سنظل على الهامش، نحن محميون. وأي نظام دفاعي يمكن أن يُستنفد. وهذه ليست مزحة”. ومع ذلك، سيتطلع كل من محمد بن سلمان ومحمد بن زايد آل نهيان، إلى بناء علاقات شخصية أقرب مع ترامب، مقارنة بتلك التي كانت لهما مع الرئيس جو بايدن. وتابعت الصحيفة أن العلاقة مع ترامب وموظفيه بعد مغادرته البيت الأبيض كانت قد استمرت، حيث تلقى صهره جاريد كوشنر ووزير الخزانة السابق ستيفن منوشين مليارات الدولارات من صناديق الثروة السيادية الخليجية لشركات استثمارية يديرها الشخصان السابقان. وكان بايدن في البداية منتقدا لـ”السعودية” ومحمد بن سلمان بعد تسلمه منصبه، متعهدا بإعادة تقييم علاقات واشنطن مع “السعودية” بعد مقتل جمال خاشقجي في سنة 2018، لكن العلاقات تحسنت مع دفع بايدن باتجاه إبرام صفقة ثلاثية كانت ستؤدي إلى موافقة الولايات المتحدة على معاهدة دفاعية مع “السعودية”، مقابل تطبيع النظام السعودي لعلاقاته مع الكيان الإسرائيلي. ولفت إلى أـن “هذه الخطط، انقلبت رأسا على عقب بسبب الحرب على غزة. وقد يسعى ترامب، الذي اعتبر تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات وثلاث دول عربية أخرى أحد أكبر نجاحاته في السياسة الخارجية، إلى عقد صفقة كبرى خاصة به”. وشددت الصحيفة على أن ذلك سيتطلب إنهاء حروب إسرائيل ضد حماس في غزة وحزب الله في لبنان، وكذلك إجبارها على تقديم تنازلات من أجل إقامة دولة فلسطينية.