صحفي بريطاني ينتقد انفتاح بلاده على الغسيل الرياضي السعودي
مُنِعَ الكاتب الرياضي في صحيفة التلغراف البريطانية من حضور مباراة أنتوني جوشوا بسبب انتقاده للرياضة السعودية، ووصفها بأن سلوكها في الميدان الرياضي هو “غسيل رياضي”، قائلا إن “هذا الهجوم على حرية الصحافة البريطانية هو نتيجة حتمية للخضوع لدافعي الضرائب السعوديين في رياضة الملاكمة.” أوليفر براون، الصحافي منذ أكثر من عشرين عام، يقول انها المرة الأولى له التي يتعرض فيها لهكذا موقف. الكاتب في ذا تلغراف ينتقد بلاده كيف قامت “بالاستسلام الجبان للمملكة الخليجية القمعية” وتابع منتقداً تقديم التنازلات للسعودية “كنوع من الاسترضاء للملياردير الذي يمول العرض، “صاحب السعادة” تركي آل الشيخ”. خلال الحدث الذي لم يوافق على دخول براون اليه، انتقد الصحفي إبداء النشيد الوطني السعودي على مثيله البريطاني، قائلا بأنه يمثّل “الركوع أمام رجال المال”، معتبرا أن قيام مسابقة رياضية على أرض المملكة المتحدة بمواصفات “موسم الرياض: طبعة ويمبلي” تقول وكأن هذا البلد لم يعد الآن أكثر من شركة تابعة للدولة السعودية. “وتنتهي الأمور، كما أستطيع أن أشهد، بحملة قمع على حرية الصحافة على غرار الحملة السعودية في قلب لندن”، يقول براون. في سرده لخلفية ما جرى؛ يذكر الكاتب البريطاني أن المسابقة الرياضية التي وصفها ب “الفصل من السيرك” التي أُقيمت في لندن كان بمثابة غسيل رياضي على المنشطات، معتبرا أنهت وسيلة مروعة لتمجيد النظام السعودي على الأراضي البريطانية. ولهذا السبب “كتبت المقال الذي نُشر في التلغراف، مع إدراكي التام أن مسؤولي العلاقات العامة الذين يتولون إدارة هذا الإنتاج سوف ينزعجون، لكن لا يزال يتعين علي أن أقول ذلك”. لتصلك لندن بضعة ساعات من نشر المقال رسالة بريد إلكتروني من مسؤول تنفيذي كبير في العلاقات العامة لرياضة المصارعة، وجاء في الرسالة: “هل أفترض من آرائك أنك لم تعد ترغب في الحضور لأنك بوضوح لا توافق على مشاركة المملكة العربية السعودية في الملاكمة؟”. ويُكمل قائلا أنه بعد أن أكد في جوابه على البريد الإلكتروني على نيته حضور النزال، وتأكد له أنه مسموح له بالحضور، لكنه وبدلا من ذلك “عندما وصلت إلى ليلة القتال كما كان مقررا، استعد أحد المسؤولين عن العلاقات العامة لتسليمي سوارا برتقاليا لأتمكن من الدخول إلى صالة الإعلاميين في الطابق العلوي. ولكن بعد ذلك بدأ الناس يظهرون في الردهة ليقولوا إنني ممنوع من الدخول وإنهم لا يستطيعون فعل أي شيء. فأجريت عدة مكالمات وأرسلت عدة رسائل نصية أسأل فيها عما إذا كان بإمكان شخص ما النزول إلى الطابق السفلي حتى يمكن مناقشة الموقف شخصيا على الأقل. ولكن كل هذه الرسائل لم تأت إلى أي رد”. وبعد أن تم منعه من دخول المسابقة لتغطيتها وتنفيذ تقرير حولها؛ وتزامن هذا الموقف مع مشاهد الانتشار السعودي على الكىقات البريطانية بااقرب من مكان النزال، يقول الصحفي “تساءلت كيف وصل الأمر إلى هذه النقطة ــ حيث مُنِحَت دكتاتورية وحشية ومساعدوها الضعفاء الضوء الأخضر، تحت الولاية القضائية البريطانية، لقمع الصحافة الحرة”. معتبرا أن هذه هي العواقب الوخيمة المترتبة على سياسة الاسترضاء. متابعا ” وبصفتنا صحافيين، يُسألنا أحياناً لماذا ينبغي لنا، في حين أن الحكومة نفسها مدينّة للسعوديين بكل شيء بدءاً من الأسلحة إلى النفط، أن نهتم بضم النظام للرياضة. ومن المؤكد أن النظام الطبيعي أن يستسلم الملاكمون ولاعبو الجولف وفريق نيوكاسل يونايتد للسعوديين وصندوق ثرواتهم السيادية اللامحدودة؟”. ذامّاً مشجعي وجمهور رياضة النزال في بريطانيا إلى عدم اكتراثهم الطبيعة الوحشية لممول هذه الرياضات وراعيها على أراضيهم. واصفا ما خلقوه بأنه: “تكريم متذلل لـ “صاحب السعادة” في ملعب ويمبلي الأسطوري، حيث انحدر احترام الذات البريطاني إلى مستوى متدنٍ للغاية حتى أن ” حفظ الله الملك ” أصبح مجرد فكرة ثانوية وحيث يُسمح لأولئك الذين يعملون نيابة عن نظام استبدادي يحتل المرتبة 166 من بين 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة العالمي بتحديد الصحفيين الذين يمكنهم دخول ملعب بريطاني والذين لا يمكنهم ذلك. إنه جبن حقير، وإهانة للأسس التي نعتز بها.” هذه الأصوات الرافضة لما بات يشبه النفوذ السعودي في دوب الغرب، باتت تتزايد شيئا فشيئا. وحالة الإعلامي الرياضي أعلاه تمثل هجوما مزدوجا على النموذج السعودي: هو ينتقد الغسيل الرياضي الذي تمارسه السعودية، وفي الوقت نفسه يستعرض النفوذ الذي باتت تمتلكه في بلاده وما تفرضه على هذه الدول من نمط قمع الصحافة وحرية الرأي المُتبعة في نظامها.