منظمة حقوقية: التواطؤ القضائي في انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين
نشرت منظمة “هيومينا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية” تقريراً بعنوان “عقوبة الإعدام في البحرين: التواطؤ القضائي في انتهاكات حقوق الإنسان”، يتناول استخدام عقوبة الإعدام في البحرين وتوظيفها كأداة سياسية لإسكات المعارضة وترهيب المجتمع، مؤكداً أنّ معتقلين سياسيين في البحرين تعرَّضوا للتعذيب من أجل انتزاع اعترافاتهم واستخدامها كدليل ضدهم في المحاكم التي بَنَت أحكامها عليها، مشيراً إلى أنّهم حُرموا من حقوقهم القانونية والإنسانية. يقع الإطار الزمني للتقرير بين عامَي 2017 و2024، ويركِّز على دراسة حالات أُعْدِمت في البحرين، بالإضافة إلى مجموعة من 12 فرداً حُكم عليهم بالإعدام وهم حالياً في السجن معرَّضون لخطر الإعدام الوشيك. واستند التقرير، الذي أعدّه الناشط المدافع عن حقوق الإنسان يوسف المحافظة، إلى الوثائق الرسمية ذات الصلة الصادرة من مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والمفوّضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسُّفي في الأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان في البحرين، و”المفوّضية الأوروبية لحقوق الإنسان”. وقال التقرير: “هناك حالياً 27 فرداً محكوم عليهم بالإعدام في البحرين، 12 منهم معتقلون سياسيون معزولون في زنزانة في سجن جَوْ المركزي، أكبر سجون البحرين، في ظروف صعبة وإجراءات عقابية ضدهم من قِبَل إدارة السجن. وبسبب غياب الشفافية وإتاحة المعلومات، لا تتوافر أي بيانات عن بقية الأفراد المحكوم عليهم بالإعدام بناءً على دوافع غير سياسية”. وأضاف التقرير “استُنْفِدَت جميع درجات التقاضي بحق هؤلاء الأفراد، وهم ينتظرون إمّا أنْ يصادق الملك (حمد بن عيسى آل خليفة) على حكم الإعدام بحقهم أو يلغيه، أو يقلِّله إلى السجن المؤبَّد”. وأشار التقرير إلى أنّ “جميع الأشخاص الـ12 قدَّموا شهادات بأنّهم تعرَّضوا للتعذيب على يد الشرطة، وسُلِّمت هذه الشهادات إلى القاضي وأُبْلِغت بها أُسَرُهُم ومنظمات حقوق الإنسان”، فـ”بينما يقضي القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون البحريني بأنّ أي أدلة أو اعترافات يفضي إليها التعذيب هي فاسدة ولا يُعْتَدُّ بها في المحكمة، إلّا أنّ سلطات إنفاذ القانون والمحاكم البحرينية تتجاهل كلياً تلك الانتهاكات التي يتمتَّع مرتكبوها بالحصانة”، وفق التقرير. وعدَّد التقرير أسماء وحالات المعتقلين المحكوم عليهم بالإعدام، وهم: ماهر عباس الخباز، حسين إبراهيم علي حسين مرزوق، سيد أحمد جواد فؤاد العبار، حسين علي مهدي جاسم، سلمان عيسى علي سلمان، محمد راضي عبدالله حسن، حسين عبدالله مرهون، موسى عبدالله موسى جعفر، حسين عبدالله خليل راشد، زهير إبراهيم جاسم عبدالله، محمد رمضان عيسى علي حسين وحسين علي موسى حسن محمد. وعدّد التقرير أيضاً أسماء وحالات معتقلين تعرَّضوا للتعذيب قَبْل إعدامهم، وهم: عباس السميع، سامي مشيمع، علي العرب، أحمد الملالي. وبيّن التقرير أنّ “الأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان والمقرِّرون الخاصون وثَّقوا جميع حالات عقوبة الإعدام في البحرين، بما في ذلك حالات الـ12 فرداً المحكوم عليهم بالإعدام، وأولئك الذين أُعْدِموا بالفعل”. وتابع المحافظة تقريره قائلاً: “لقد دعت الأمم المتحدة البحرين مراراً وتكراراً إلى وقف عمليات الإعدام. كما خَلُصَ العديد من خبراء الأمم المتحدة إلى أنّ المتهمين لم يحصلوا على محاكمة عادلة، وأنّهم تعرَّضوا للتعذيب، حيث انْتُزِعَت الاعترافات منهم تحت التعذيب واسْتُخْدِمت في المحكمة كدليل، وهو ما يتعارض بشكل واضح مع معايير الأمم المتحدة والقانون الدولي لحقوق الإنسان”. وتضمّن التقرير تحليلاً للإطار القانوني بشأن المحاكمة العادلة الذي يشمل “الحق في افتراض البراءة”، ومعناه أنّ “لكل شخص الحق في افتراض براءته، وأنْ يُعامَل على هذا النحو حتى تتم إدانته بموجب القانون، بإجراءات تفي على الأقل بالشروط الدنيا للمحاكمة العادلة”. وأوضح التقرير أنّه “في جميع الحالات، لم يكن لأي من هؤلاء الأفراد الحق في افتراض براءته، فقد انَتَهكت الشرطة هذا المفهوم الدولي والمحلّي أثناء الاعتقالات، حيث أكد جميعهم أنّهم تعرّضوا للتعذيب أثناء الاعتقال، ولم يكن لهم الحق في الاتصال بمحاميهم عند الاعتقال أو أثناء التحقيق، ولم يكن لهم الحق في الصمت، وأُجبروا على الشهادة ضد أنفسهم”. وأضاف التقرير “تجاهلت المحكمة الدستورية مفهوم افتراض البراءة عندما قبلت باستنتاجات النيابة العامة، ونفت ورفضت ادّعاء المتهم ومحاميه بأنّ الاعترافات كانت بالإكراه، واكتفت محكمة الاستئناف ومحكمة التمييز بما انتهت إليه محكمة الجنايات، ورفضت ادّعاءات التعذيب، ولم تطلب التحقيق فيها، برغم أنّه في قضية محمد رمضان وحسين موسى لم يكن لدى المحكمة أي دليل سوى الاعترافات المُنتَزَعة بالتعذيب، وهذا يثبت تواطؤ المحكمة في انتهاكات حقوق الإنسان”. وأورد التقرير فقرة عن “حقوق الإنسان أثناء التحقيقات الجنائية”، ومعناه “الحق في المعاملة بكرامة والحق في الحماية من التعذيب”، مؤكداً أنّه “وفقاً للشهادات والوثائق المُقدَّمة من قِبل منظمات حقوق الإنسان المختلفة، والضحايا، وخبراء الأمم المتحدة، فقد زعم جميع الأفراد أنّهم تعرَّضوا للتعذيب، وهو ما يتناقض مع دستور البحرين وقانون حقوق الإنسان الدولي”. وأدرج التقرير فقرة عن “الحق في المساعدة القانونية” ومعناه أنّ “لكل إنسان الحق في أنْ يُحاكَم حضورياً وأنْ يدافع عن نفسه بنفسه أو بواسطة محامٍ يختاره، وأنْ يخطر بحقه في وجود من يدافع عنه إذا لم يكن لديه محامٍ”. وثبّت التقرير أنّ “جميع المحكوم عليهم بالإعدام أو الذين نُفِّذ فيهم حكم الإعدام اتُّهِموا بمخالفة قانون حماية المجتمع من الإعمال الإرهابية”، مذكِّراً بأنّ “هذا القانون الذي تم إدانته دولياً في عام 2013 يسمح للأجهزة الأمنية باحتجاز المتهم بموجبه لمدة تصل إلى 60 يوماً قبل عرضه على النيابة العامة، وخلال هذه الفترة حُرِم المتهمون من حقهم في الاستعانة بمحام، وكانوا معرِّضين لخطر التعذيب”. وفي توصياته لحكومة البحرين، دعا التقرير إلى “تمكين المقرِّر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب من زيارة البلاد والتحقيق في الادّعاءات المتعلقة بالاستخدام المتفشّي للتعذيب والإكراه داخل نظام العدالة الجنائية”. وطالب حكومة البحرين بـ”التصديق على البروتوكول الاختياري للجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة، والذي يسمح للخبراء الدوليين بإجراء عمليات تفتيش متكرِّرة لمراكز الاحتجاز، وينص على إنشاء مفتشية مستقلَّة”. وحثَّ حكومة البحرين على “مراجعة جميع القضايا المَبْنِيَة على اعترافات كاذبة و/أو شهادات انْتُزِعَت تحت التعذيب، وتخفيف أحكام جميع المحتجزين المحكوم عليهم بالإعدام، ومحاسبة المسؤولين عن إساءة معاملتهم”. وأكد التقرير أنّ “على حكومة البحرين تعليق عقوبة الإعدام على الفور، وخاصة في ضوء مزاعم التعذيب وانتهاك الإجراءات القانونية الواجبة”.