تحقيق BBC عن ابن سلمان لا يخرج عن سياقه: معلومات مقنّنة

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 230
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

كثيرة هي التقارير التي نشرتها الصحافة الأجنبية حول تورّط ابن سلمان في جرائم ومخادعات تجعل منه “الرجل الخطير” طورا و”الملك الأخطر” طوراً آخر. لكن على المنوال نفسه؛ لا تتوانى هذه التقارير عن تصوير تطلعه ل”سعودية جديدة” على أنه طموح لم يجرؤ أي من “الملوك” السابقين على الإقدام لما أقدم عليه. تحقيق لشبكة (بي بي سي) البريطانية صدر حديثا يوضَع في نفس وعاء “قُل ما لا يؤذيك”؛ الذي تتخذه المحطات أو الصحف الأجنبية مقياساً لها في نقد من تعتبره دولهم “حلفاء”. لعلّ أبرز وأهم ما كشفت الشبكة النقاب عنه في تحقيقها هو ما نقلته عن سعد الجبري -الرجل المعارض لحكم ابن سلمان والأقرب لقلب المخابرات الأجنبية- قوله أن محمد بن سلمان قام بتزوير توقيع والده على أمر ملكي يقضي بالسماح بإرسال قوات برية إلى اليمن في الوقت الذي كان فيه سلمان “بقدرات عقلية متدهورة”. يقول الجبري “فوجئنا بوجود مرسوم ملكي يسمح بالتدخلات البرية، وقام بتزوير توقيع والده على هذا المرسوم الملكي، وكانت القدرة العقلية للملك تتدهور”. ويؤكد الجبري أن مصدر هذا الادعاء “موثوق” ومرتبط بوزارة الداخلية التي كان يشغل منصب رئيس الأركان فيها. وفي السياق عينه يقول رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني السابق جون ساورز إنه في حين لا يعرف ما إذا كان محمد بن سلمان قد زور الوثائق، “فمن الواضح أن هذا كان قرار محمد بن سلمان بالتدخل عسكريا في اليمن، ولم يكن قرار والده، على الرغم من أن والده كان منخرطا في هذا القرار”. وفي تبرئة الولايات المتحدة الأميركية؛ ركّزت المصادر التي نقلت للتحقيق شهاداتها؛ أن أميركا لم تكن على اطلاع على الأمر: “لم يكن هذا قراراً ذكياً. فقد أخبرني أحد كبار القادة العسكريين الأميركيين أنهم تلقوا إخطاراً قبل 12 ساعة من بدء الحملة، وهو أمر غير مسبوق”. حديث آخر نقله التحقيق عن الجبري نفسه؛ يقول أن حماس ابن سلمان لتولي والده العرش؛ دفعه إحدى المرات في عام ٢٠١٤ لاقتراح التخلص من عمه عبد الله بن عبد العزيز بخاتم مسموم؛ وعليه يقول الجبري أن الأخير منع ابن سلمان من الدخول إلى الديوان الملكي أو الاقتراب منه. ووفقا لشهادة الجبري هناك فيديو يوثق اقتراح ابن سلمان بخصوص تسميم عمه سُجِّل سرّاً له. “أبو رصاصة” منذ صباه “أبو رصاصة”؛ هكذا كان يُطلق على محمد بن سلمان أيام شبابه عندما صّرح لأصدقائه أنه أرسل رصاصة قاتلة إلى قاضٍ كان قد ألغى حكما له في نزاع على ملكية. من الطباع التي ينقلها التحقيق عن ابن سلمان هو كونه شخص قاس لا يقبل أن يكون هناك رأي مواجه لآرائه؛ وعليه فقد اتخذ الرجل خطوات من خلفية شخصية لم يستطع أحد منعه عنها، مادحين “التغيير الذي لقيَ ترحيباً” عندما أصدر ابن سلمان قرارا يقضي بإيقاف التمويل عن المدارس الدينية والمساجد في الخارج وهو الأمر الذي “أدى إلى فوائد هائلة لسلامة الغرب”. وعن “أبو رصاصة” نفسه يتطرق التحقيق إلى جريمة اغتيال جمال خاشقجي في القنصلية “السعودية” في تركيا. فقد اعتبر جون ساورز أن جريمة القتل كانت نقطة تحول في حكم وصعود تبن سلمان؛ قائلا: “أعتقد أنه تعلم بعض الدروس، ولكن شخصيته ظلت كما هي”. حول نشأته؛ يقول رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني “لقد نشأ في بيئة منعزلة نسبيا. ولم يكن من المتوقع أن يصل إلى السلطة”، فقد نشأ في قصر حيث كانت السلوكيات السيئة قليلة العواقب، إن وجدت؛ وقد يساعد ذلك في تفسير عادته السيئة المتمثلة في عدم التفكير في تأثير قراراته حتى يتخذها بالفعل”. لا يقرأ التحقيق البذخ العشوائي الذي أظهره ابن سلمان بداية صعوده سلم العرش؛ من شراء أغلى اللوحات الفنية واليخوت والقصور. بل قرأ شراءه للوحة سلفاتور موندي الشهيرة والتي دفع مقابلا لها مبلغ ٤٥٠ مليون دولار أميركي في عام 2017  بأنه “يُخبرنا بالكثير عن طريقة تفكيره، واستعداده للمجازفة، وعدم خوفه من الخروج عن مسار المجتمع المحافظ دينياً الذي يحكمه. وفوق كل ذلك، فهو عازم على التفوق على الغرب في العروض الواضحة للقوة”، واللوحة تصور السيد المسيح على أنه سيد السماء والأرض ومخلص العالم! يأتي التحقيق الذي نشرته “بي بي سي” البريطانية متماهيا مع النظرة الغربية لابن سلمان؛ الذي يمكن أن يُطلق عليه “ناهب البلد”. لكنه في نظر الغرب ليس كذلك، فهو “المجدد والمغير” ومثل ما قال التحقيق أعلاه “الدافع لسلامة الغرب” من خلال تخليه عن مظاهر الدين والإسلام في بلاد لم تجد لنفسها علاجا بعد من الإسلاموفوبيا. وبلاد ما تزال تخلط أوراق الإسلام ب “داعش” والقاعدة اللتين صُنعتا في ديارها ومُوّلتا في ديار حلفائها. فهو إعلام لن ينظر بالطبع للأبعاد الداخلية لسلوك “الأمير” وسوف ينظّر ضمن سقف الجرائم الملومسة التي ارتُكبت، من خاشقجي مع مرور سريع على حرب اليمن؛ دون إحصاء الخسائر البشرية والمادية لبلد أُعيد في اقتصاده وبنيته ومجتمعه عشرات السنين الى الخلف بسبب حرب أقسى ما يصفونه بها أنها كانت “متهورة”. وهو ما أظهره وثائقي منذ سنوات عن ابن سلمان “ذو الوجهين” الذي بات التساهل معه من قبل الغرب المنظر لحقوق الإنسان هو الانعكاس الحقيقي لضعف الغرب وفقدانهم نفوذهم في العالم.