الأوروبية السعودية: “السعودية” تتحايل على الاستعراض الدوري الشامل
تعليقا على ما زعمته “السعودية” أنها أيدت 83% من التوصيات التي وجهتها لها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة خلال الدورة الأخيرة لآلية الاستعراض الدوري الشامل في 2024، أشارت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إلى أن ادعاءات السعودية حول التعاون مع الآلية كما ادعاءاتها حول تنفيذ التوصيات السابقة تتناقض مع الواقع الذي يؤكد استمرار انتهاكها لمعظم التزاماتها الدولية. وفيما أشارت السعودية إلى أن مراجعتها للتوصيات المقدمة لها، أسفرت عن دعم (273) توصية، وقبول (24) توصية دعم جزئي، وتدوين ملاحظة على (52) توصية، ورفض (5) توصيات، توضح المنظمة أن رقم التوصيات التي تم دعمها لا يعني تطبيقها في ظل استمرار تجاهل توصيات من الدورات السابقة كانت السعودية قد قبلت بها. ولفتت المنظمة إلى أن التوصيات التي قبلت بها السعودية، لا تتضمن سوى جزء من التوصيات المقدمة فيما يتعلق بقضية الإعدام وتعديلات قانون الإرهاب، على الرغم من أن هذا الملف هو أكثر صور حقوق الإنسان تدهورا في السعودية. فمنذ بداية 2024، أعدمت السعودية أكثر من 90 شخصا، بينهم 20 واجهوا تهما تتعلق بالإرهاب. كما اعتبرت المنظمة أن الدعم الجزئي لبعض التوصيات يتضمن نفيا للالتزامات الموجبة، حيث أن السعودية دعمت توصية بتقليل عدد الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام وقصرها على أخطر الجرائم وفقًا للقانون الدولي، إلا أنها سجلت ملاحظة على طلب إصدار وقف رسمي لفرض عقوبة الإعدام على الجرائم المتعلقة بالمخدرات. ذلك على الرغم من أن هيئة حقوق الإنسان الرسمية كانت قد أعلنت عن وقف تطبيق هذه العقوبة عام 2021. كما أن دعمها الجزئي لتوصية حول تماشي تشريع مكافحة الإرهاب مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، يتضمن ملاحظة على الجزء المتعلق بحرية التجمع معتبرة أن هذا يقع خارج التزاماتها، وأن القيود القانونية مسموحة في بعض الحقوق والحريات لحماية مصالح عليا. ورغم ادّعاء السعودية قبولها جزئيا بتوصيات تتعلق بالتصديق على الآليات الدولية مثل العهدين الدوليين، وقبول طلبات زيارة المقررين الخاصين، إلا أن هذا يتنافى تماما تجاهلها لطلبات زيارة قدمها المقررون منذ سنوات، وفي الحالات التي تم فيها قبول زيارات تم رصد انتهاكات تتعلق بقدرة الخبراء في الوصول إلى المعلومات وإلى جهات مستقلة، وفي ظل قصور واضح في تطبيق معاهدات كانت السعودية قد وقعت عليها سابقا، وبينها اتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية حقوق الطفل. وفي تقريرها الصادر حديثا، قالت المنظمة الأوروبية السعودية أنه من اللافت رفض السعودية لتوصيات تتعلق بالمدافعين عن حقوق الإنسان والإفراج عن المعتقلين بسبب تعبيرهم عن رأيهم، حيث اعتبرت أنها تستند إلى معلومات غير موثوقة. يأتي ذلك فيما يقبع عشرات المدافعين والنشطاء في السجون ويتعرض بعضهم لإخفاء قسري وانتهاكات جسيمة. كما واعتبرت المنظمة أن تعامل الحكومة السعودية مع آلية الاستعراض الدوري الشامل تمثل بشكل أساسي تعاملها مع الآليات الدولية الحقوقية عامة، حيث تستغلها لتحسين صورتها وتهاجم المصادر والمعلومات التي تستند عليها الجهات المختصة. حيث كررت السعودية في تقريرها إلى الفريق العامل أن تأييد توصية لا يعني عدم وجود إجراءات تعززها، ولا يعني وجود انتهاكات وقالت أن “التحليل أظهر أن بعض التوصيات المقدمة للمملكة استندت إلى فهم أو تصور غير دقيق لحالة حقوق الإنسان أو استندت إلى مصادر غير موثوقة أو غير دقيقة”. يأتي ذلك فيما أدت سياسات السعودية القمعية إلى عدم وجود أي مشاركة أو تمثيل من داخل السعودية للمجتمع المدني أو النشطاء في جلسات الاستعراض. موضحة أن مواقف السعودية من التوصيات تم اتخاذها من قبل لجنة متخصصة تم إنشائها بأمر ملكي، إلى جانب خبراء من هيئة حقوق الإنسان الرسمية التي ثبت أنها لعبت دورا مهما في غسيل صورة السعودية خلال السنوات الأخيرة والتعمية الحقائق. وفي تقريرها إلى الفريق العامل في يوليو 2024، قالت السعودية أنها أظهرت ما أسمته “أقصى درجات التعاون مع الآلية خلال دوراتها الأربعة”، معتبرة أنها نفذت خلال الدورات السابقة ما تتجاوز نسبته 85% من التوصيات. وهو ما تعارض مع شهادات حقوقية عديدة استغلت هذا المحفل الدولي لتسليط الضوء على انتهاكات حقوق الانسان في السعودية رغم كل مساعي ابن سلمان لتظهيرها إلى العالم كطالبة سلام. وخلال مداخلة منظمة العفو الدولية، أكدت على أن ردود الوفد السعودي على المخاوف التي أثارتها الدول خلال عملية الاستعراض الدوري الشامل تظهر رفض المشاركة الحقيقية مع المجتمع الدولي بشأن سجلها المروع في مجال حقوق الإنسان. وقالت المنظمة في مداخلتها أنه منذ عام 2018، وثقت تصعيدًا في حملة القمع التي تشنها السلطات السعودية على جميع أشكال المعارضة، سواء عبر الإنترنت أو خارجها، على الرغم من وعود الحكومة السعودية بأن حرية التعبير والرأي مكفولة. مؤكدة أنه لا يزال الأفراد يُحكم عليهم بالسجن لعقود طويلة وحتى بالإعدام بسبب ممارستهم لحقهم في حرية التعبير. دعت المنظمة السلطات السعودية إلى تنفيذ التوصيات لتعديل القوانين المقيدة، بما في ذلك قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية ونظام مكافحة الإرهاب، والإفراج عن جميع المسجونين فقط بسبب ممارستهم السلمية لحقوقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي.