مشروع “مقنا” باب جديد لهدر الأموال في ” السعودية”
“السياحة”، هاجس محمد بن سلمان. كيف سيصنع من “السعودية” مقصدا سياحيا؟ كيف سيحوّل الصحراء القاحلة إلى خيارا للاصطياف وتمضية الإجازة؟ كيف سينافس خيارا كـ”دبي” على أقل تقدير؟ أمام كل هذه التساؤلات يستمر محمد بن سلمان في تغذية صندوق الاستثمار السعودي من أموال الشعب وواردات أرامكو وغيرها من أبواب السرقة. وفي جديد المشاريع المعلن عنها، ما كشفه مجلس ما يسمى “إدارة نيوم”، بإعلانه عن مشروع سياحي جديد على ساحل خليج العقبة يدعى “مقنا” من شأنه “دعم السياحة في إطار رؤية السعودية 2030 الرامية إلى دفع عجلة النمو والتنويع الاقتصادي”، مشيرا إلى أن المشروع يضم العديد من الوجهات الرئيسية ويمتد على مساحة تبلغ نحو 120 كيلومترا، حسب وكالة الأنباء السعودية “واس”. وذكرت الوكالة أن المشروع الذي اعتبرته “إضافة نوعية إلى محفظة المشاريع السياحية الرائدة والمستدامة التي يجري تطويرها في نيوم”، يضم 12 وجهة رئيسية هي: “ليجا وإبيكون وسيرانا وأوتامو، ونورلانا، وأكويلم وزاردون وزينور وألانان وقيدوري تريام وجاومور”. وأشارت إلى أن المشروع السياحي الجديد “يدعم الاستراتيجية الوطنية للسياحة، ويسهم في تحقيق رؤية المملكة 2030، الرامية إلى دفع عجلة النمو والتنويع الاقتصادي، كما يعكس تقدم وتسارع أعمال البناء والتطوير في نيوم”. ولفتت إلى أنه من المتوقع أن يسهم المشروع بنحو 2.6 مليار ريال سعودي في الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، موضحة أن “مقنا يتبنى الاستدامة في جميع جوانبه ومراحله، ابتداءً من التصميم إلى البناء وصولًا إلى التشغيل والصيانة على المدى الطويل”. ونقلت الوكالة عن الرئيس التنفيذي لنيوم، نظمي النصر، زعمه إنه “لن يكون مقنا مجرد موقع سياحي جديد، بل مجموعة وجهات ساحلية بتجارب فريدة لعشاق الترفيه والاستكشاف والابتكار والفنون”. يأتي الإعلان السعودي بالتزامن مع تقارير تشير إلى انهيار مشروع مدينة نيوم الذي أطلق عام 2017 في إطار الرؤية التي كشف عنها محمد بن سلمان، والذي يقع بالقرب من تبوك في أقصى شمال غرب “السعودية”. وذكر موقع “بزنس إنسايدر”، أن رؤية السعودية لمشروع “نيوم” الضخم كانت تتجلى في مدينة ضخمة عالية التقنية تضم روبوتات أكثر من البشر، ومتنزهات ترفيهية في الصحراء تجمع بين العالمين الافتراضي والمادي، لكن هذا الحلم بدأ ينهار تحت الضغط المالي، وفق العديد من التقارير. ونقل الموقع عن كريستيان كوتس أولريخسن، زميل الشرق الأوسط في معهد بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس، قوله إن مدينة نيوم عندما أعلن عنها صورت كمدينة خيالية، والآن، تجد السعودية صعوبة أكبر في تحويل هذه الرؤية الخيالية إلى واقع على الأرض. وأضاف الموقع، أن القضية الرئيسية هي التكلفة الهائلة لنيوم، حيث كافحت السعودية لجذب الاستثمار الأجنبي اللازم للمشروع الضخم الذي تزيد كلفته على 1.5 تريليون دولار، ويقول الخبراء إنه من غير المحتمل تأمينه في أي وقت قريب. وأشار الموقع في تقريره، إلى أن فاتورة الإنفاق العام في السعودية مرتفعة للغاية، ما يثير تساؤلات حول الإنفاق المسرف على المشاريع العملاقة. وبحسب أولريخسن، “فإن رؤية 2030 تستهلك الكثير من المال، وهناك الكثير من أوجه القصور، خاصة عندما يتعلق الأمر بالشركات الاستشارية الغربية”. ويعتقد أن يأخذ المشروع المعلن عنه شكل المشاريع المنفذة في “العلا”، على سبيل المثال، سيّما لناحية الجو المخالف للمعايير والعادات الاجتماعية في البلاد. وكان موقع الـ”ميدل إيست مونيتور” قد زار منطقة العلا في شبه الجزيرة العربية، حيث نقل ما لاحظه من تزايد أعداد النساء الأجنبيات غير المحجبات مع رجال يرتدون السراويل القصيرة في مشهد غير معتاد في البلد، إلى جانب تواجد الكثير من الثنائيات من السياح الأجانب الذين يأخذون أماكن سكن واحدة دون أن يُصرّحوا بالوثائق عن طبيعة علاقتهم، على عكس ما اعتيد عليه من إلزام من يرتادون غرف نوم واحدة من كِلا الجنسين أن يمتلكوا مبررا قانونيا إما زواج أو قرابة. ولكن تحت السطح يكمن عيب واضح في حملة السياحة في المنطقة، وهو وفقا للموقع أن جزءا كبيرا من الخدمات مخصص إلى حد كبير للمسافرين الأثرياء وأولئك الذين يستطيعون إنفاق مئات الدولارات في الليلة في المخيم. يتوسع الموقع في شرح هذا العيب أنه بالنسبة لأي مسافر منفرد أو مسافر يخطط للبقاء ليلاً – كما هو منطقي، نظرًا لحجم العلا الهائل – عليهم أن يتهيّؤوا لفكرة أنهم سيتكلفون مبالغ كبيرة مقابل عدد أماكن إقامة محدودة، على عكس ما هي عليه المناطق المشابهة في في صحاري الأردن والمغرب، حيث يمكن حجز هذه الإقامة بأقل من 10 دولارات في الليلة، إلى جانب خيارات أكثر تكلفة وفخامة. أشارت الوكالة وفقا لحوار أجرته مع أحد مدراء المكان، أن ما يزيد عن 80% من زائريه هم من السعوديين. كمالفتت إلى تكلفة الليلة المترفعة في منتجعات المكان، التي تصل إلى ما يزيد عن ألف دولار لليلة واحدة. كما لفتت إلى ان نسبة العاملين من السعوديين في المنتجعات لا تتجاوز ثلث نسبة العمال على عكس ما حاولت السعودية تروجيه عن أن هذه المراكز سوف تفتح مجالات عمل للسعوديين وتقلل من نسبة البطالة.