«المبادرة العربية» في الثلاجة «إلى أجل غير مسمى»

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 577
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

لم تتمكن «المبادرة العربية» للحل في سوريا من تحقيق أي خرق حقيقي في الأزمة السورية، في ظل المجابهة الأميركية المستمرة لأي خطوة حقيقية على طريق الحل، باستثناء بعض الاجتماعات الأمنية لتنسيق العمل المشترك ضد عصابات تهريب المخدّرات. ويفسر ذلك القرار الأخير بتأجيل اجتماع «لجنة الاتصال العربية»، والذي كان من المقرّر عقده في الشهر الحالي في العاصمة العراقية بغداد. وفيما أعلن عن قرار التأجيل، القائم بأعمال السفارة العراقية في سوريا، ياسين الحجيمي، في تصريحات نقلتها جريدة «الوطن» السوريّة، فقد أعاده الحجيمي إلى تقاطع المواعيد مع التحضيرات القائمة للقمة العربية المزمع عقدها في السادس عشر من الشهر الحالي في العاصمة البحرينية المنامة، موضحاً أن دول «لجنة الاتصال العربية» ستقوم بإعادة البحث في العديد من العناوين المطروحة، وأنه من المتوقّع أن تجري مثل هذه المناقشات على هامش الاجتماع الوزاري العربي والمقرّر انعقاده قبيل القمة في الرابع عشر من أيار الحالي. وأضاف الحجيمي أن اللجنة «ستناقش بإسهاب الخطوات المتّخذة في ما يخص مبادرة خطوة مقابل خطوة»، علماً أن الأخيرة أطلقها المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، اعتماداً على مقترح أردني، ودعمتها المبادرة العربية في وقت لاحق.إلا أن بيدرسن لم يتمكن، منذ الإعلان عن مبادرته التي تقوم على مبدأ أن تقوم سوريا بإجراءات محددة تقابلها إجراءات من الدول الغربية، بينها تخفيف العقوبات وتسريع وتيرة إعادة إعمار البنية التحتية (مشاريع التعافي المبكر)، قبل أكثر من عامين، لم يتمكّن من تحقيق أي نتائج ملموسة، بالرغم من إعلان دمشق مراراً الوفاء بالتزاماتها، ما دفع وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، إلى التصريح، أكثر من مرة، أن حكومته خطت عشرات الخطوات من دون أن تتخذ الدول المعنية أي خطوات مقابلة. وليس سرّاً أن الولايات المتحدة تقود جهوداً مستمرة لعرقلة أي حل ممكن للأزمة السورية، بما في ذلك مشاريع «التعافي المبكر» التي تمثّل بوابة عودة اللاجئين والنازحين السوريين، إذ لا ترغب واشنطن في إزاحة ملف عودة هؤلاء عن طاولة التفاوض السياسي، كونها ترى في الأوضاع القائمة ظروفاً مناسبة للإبقاء على أوراق الضغط السياسي من جهة، وفرصة لإطالة أمد وجود قواتها غير الشرعي على الأراضي السورية، سواء في الشمال الشرقي من البلاد (مناطق سيطرة القوات الكردية – قسد)، أو في أقصى الجنوب عند المثلث الحدودي مع العراق والأردن (قاعدة التنف).

والجدير ذكره، هنا، أن «لجنة الاتصال العربية»، التي جرى تشكيلها في السابع من شهر أيار من العام الماضي، تضم، إلى جانب دمشق، كلاً من الأردن والسعودية والعراق ولبنان ومصر والأمين العام لـ«جامعة الدول العربية»، وينص قرار إنشائها على أن مهمتها «استمرار الحوار المباشر مع الحكومة السورية للتوصل إلى حل سياسي شامل في البلاد، واتخاذ خطوات عملية وفاعلة للتدرج نحو حل الأزمة، وفق مبدأ خطوة مقابل خطوة وبما ينسجم مع قرار مجلس الأمن 2254». أيضاً، يبرز من بين مهامها، مراقبة نتائج اللقاء الوزاري الذي استضافته العاصمة الأردنية عمّان، مطلع شهر أيار من العام الماضي، والذي تضمّن الاتفاق على فتح الباب أمام العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين إلى بلدهم، كونها «أولوية قصوى ويجب اتخاذ الخطوات اللازمة للبدء في تنفيذها فوراً»، وذلك عبر «تعزيز التعاون بين سوريا والدول المضيفة للاجئين بالتنسيق مع الأمم المتحدة لتنظيم عمليات عودة طوعية وآمنة للاجئين وإنهاء معاناتهم، وفق إجراءات محددة وإطار زمني واضح». كما تهدف اللجنة إلى إنشاء صيغة مشتركة لمكافحة المخدّرات وشبكات تهريبها، ودعم سوريا ومؤسساتها في أي جهود مشروعة لبسط سيطرتها على أراضيها وفرض سيادة القانون، وإنهاء وجود الجماعات المسلحة ووقف التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية.
غير أن اللجنة، ومنذ تشكيلها، لم تعقد إلا اجتماعاً واحداً استضافته القاهرة، في شهر آب من العام الماضي، من دون الإعلان عن نتائج واضحة في ظل استمرار الضغوط الأميركية لإفشال هذه المبادرة عبر كل السبل المتاحة، بما فيها الضغوط السياسية على الدول المستضيفة للاجئين، ودعم دعاية مدروسة للتشويش على عمليات العودة الطوعية لهم، والتي بدأها لبنان فعلاً، عبر تسيير عدد من الرحلات، قبل أن يتوقف في ظل استمرار الضغوط، بالرغم من مشاركة وإشراف منظمات «الأمم المتحدة» في تنظيم تلك الرحلات. ويترافق الجمود في «المبادرة العربية» مع جمود مستمر في مسار «اللجنة الدستورية» الأممي، في ظل فشل المبعوث الأممي إلى سوريا في تجاوز المشكلة التي تسببت بتوقف اجتماعات اللجنة، عام 2022، على خلفية اعتراض دمشق وموسكو على مكان انعقادها (جنيف)، بعد تخلي سويسرا عن حياديتها وانضمامها إلى الولايات المتحدة والدول الغربية في فرض عقوبات على روسيا. وبالتوازي، يشهد مسار «أستانا» الروسي تحركات خجولة، إثر فشل الجهود الروسيّة - الإيرانية في الدفع نحو إعادة العلاقات بين دمشق وأنقرة، بسبب رفض الأخيرة وضع جدول زمني واضح لسحب قواتها من الأراضي السورية، وتمسك دمشق بهذه النقطة باعتبارها تمثّل الهدف الأساسي من أي حوار مع تركيا.