المقداد في الرياض: التقارب باقٍ... رغم المطبّات
في زيارة تُعتبر الرابعة من نوعها، منذ عودة العلاقات بين دمشق والرياض، إثر قطيعة استمرت نحو 10 سنوات، وصل وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، إلى السعودية، حيث التقى نظيره، فيصل بن فرحان، «لبحث لعلاقات الثنائية بين البلدين وأوجه تطويرها، إضافة إلى تطورات الأوضاع في المنطقة»، وفق بيان نشرته «وكالة الأنباء السورية» (سانا). وأشارت الوكالة إلى أن المقداد شدّد، خلال حديثه، على «أهمية التنسيق والتشاور بما يسهم في تعزيز العمل العربي المشترك والتعاون لإيجاد حلول للتحديات التي تواجهها منطقتنا». وعلى الرغم من أن زيارة الوزير السوري للمملكة، تأتي بعد نحو ثلاثة أشهر على تعيين دمشق أيمن سوسان، سفيراً لها في الرياض، وبعد نحو شهرين على تعيين السعودية قائماً بأعمال سفارتها في دمشق، فهي تتزامن مع جمود سياسي يحيط بالعملية السياسية للحل في سوريا، وخصوصاً مسار «اللجنة الدستورية»، والذي نصّت «المبادرة العربية» التي شاركت السعودية في صياغتها، على دعمه، إلى جانب دعم عمليات عودة النازحين واللاجئين السوريين إلى مدنهم وقراهم، والتصدي لشبكات تهريب المخدّرات. وفي الوقت الذي بدأت تظهر فيه آفاق التعاون السوري - الأردني - العراقي، لمكافحة تلك الشبكات، تواجه العملية السياسية مطبّات عديدة، في ظل انحياز المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، إلى الولايات المتحدة، وإصراره على عقد لقاءات «اللجنة» في جنيف، برغم رفض دمشق وموسكو ذلك، ومواصلة واشنطن منع فتح الأبواب أمام عودة اللاجئين، وعرقلتها عمليات إعادة الإعمار عبر سلسلة طويلة من العقوبات، الأمر الذي تسبّب بمجمله بإفراغ «المبادرة العربية» من مضمونها، حتى الآن. ويزور بيدرسن، الذي أرسل دعوات إلى الأطراف المشاركة في «اللجنة» لعقد جولتها التاسعة في جنيف، سوريا مطلع الأسبوع المقبل، ويجري على مدار يومين سلسلة من اللقاءات، بينها لقاء مع المقداد، وسفيرَي روسيا وإيران في دمشق، بعد أن قوبلت الدعوة برفض روسي أعلن عنه وزير خارجية موسكو، سيرغي لافروف.
وبالإضافة إلى الملفات السياسية، يعمل الجانبان السوري والسعودي على حلحلة بعض المشكلات العالقة في ملف الحج، الذي أعلن وزير الأوقاف السوري، عبد الستار السيد، مطلع العام الحالي، عودته إلى الحكومة السورية، بعد نحو عشر سنوات من تسليمه من قبل الرياض للمعارضة السورية المتمثلة بـ«الائتلاف»، ما تسبّب به من حرمان لآلاف السوريين من أداء هذه الفريضة. وفي وقت لم تصدر فيه السعودية، حتى الآن، أي بيان برغم الاتفاق الرسمي بين البلدين حول ملف الحج الذي تُعتبر العقوبات الأميركية من أبرز معوقاته، بمنعها التعامل مع المصرف المركزي السوري ومع الوزارات السورية، وإعاقتها عمليات تحويل الأموال بين البلدين في سياق تأمين رحلات الحجاج، قال السفير السوري في الرياض إن «الإجراءات اللوجستية المتعلقة بالملف يتم بحثها وباتت في طور الحل النهائي». ويأتي هذا علماً أن السلطات السعودية استأنفت، مطلع الشهر الحالي، منح تأشيرة العمرة للسوريين، وفق ضوابط وشروط معينة، وذلك بعد توقفها لبضعة أيام نتيجة نشاط مكاتب غير مرخّصة في تنظيم رحلات العمرة، ومخالفة عدد من المعتمرين القوانين. وحصرت المملكة منح التأشيرات بالشركات والمكاتب السياحية المرخّصة والمعتمدة من قبل الحكومة السورية، بالإضافة إلى إرفاق طلب التأشيرة الخاص بالعمرة بتعهّد خطي وكفالة مالية وقانونية.
وإلى جانب الملف السوري، تأتي زيارة المقداد في ظل استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في غزة. وفي هذا الإطار، ذكر البيان أن الوزيرين ناقشا الملف الفلسطيني و«الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون»، إلى جانب الحصار الخانق وعمليات التهجير الجماعية التي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي.