تطبيع السعودية وإسرائيل هل يجلب السلام؟.. التاريخ يجيب بالأدلة
قال الكاتب البريطاني ديفيد هيرست إن وقائع التاريخ يخبرنا بأن تطبيع أي دولة عربية للعلاقات مع إسرائيل، من دون حل القضية الفلسطينية، لا يحقق السلام والاستقرار، بل يشجع تل أبيب على استمرار الاحتلال ومهاجمة جيرانها العرب.
هيرست لفت، في مقال بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني (MEE) ترجمه "الخليج الجديد"، إلى المحادثات الراهنة بشأن صفقة ضخمة محتملة لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل بوساطة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وترغب الرياض، وفقا لتقارير إعلامية أمريكية وإسرائيلية، في التطبيع مع تل أبيب، مقابل توقيع السعودية اتفاقية دفاع مع الولايات المتحدة، والحصول على أسلحة أكثر تطورا ودعم لتشغيل دورة وقود نووي كاملة تتضمن تخصيب اليورانيوم داخل المملكة، بالإضافة إلى خطوات إسرائيلية على طريق إقامة دولة فلسطينية.
ومنتقدا أحاديث واشنطن عن أن منطقة الشرق الأوسط "أصبحت مستقرة كما كانت منذ سنوات عديدة"، قال هيرست إن "خمس دول (عربية) أصبحت في حالة خراب، أربعة منها نتيجة لتدخل الولايات المتحدة؛ وثلاثة دول أخرى يدعم حكامهم واشنطن تتأرجح على حافة الإفلاس".
واعتبر أن "التطبيع العربي مع إسرائيل يعني أشياء مختلفة جذريا بالنسبة للأطراف المختلفة، وبالنسبة للولايات المتحدة، التي تواجه مصاعب كبيرة في الانسحاب من المنطقة بعد عقدين من التدخلات الفاشلة، فإن المكاسب التي يمكن أن يحققها مثل هذا الاتفاق هي مكاسب جيواستراتيجية".
ومن أصل 22 دول عربية، تقيم خمس دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، التي تواصل احتلال أراضٍ في كل من فلسطين وسوريا ولبنان منذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967.
المشروع الصهيوني
أما بالنسبة لإسرائيل، فشدد هيرست على أن "التطبيع مع السعودية يدور حول إعلان انتصار المشروع الصهيوني"، مستشهدا بحديث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في سبتمبر/ أيلول الماضي.
وقال نتنياهو آنذاك إن الفلسطينيين لا يمكن أن يكون لهم حق النقض (الفيتو) على السلام.. أعتقد أننا على أعتاب اختراق أكثر دراماتيكية يتمثل في سلام تاريخي بين إسرائيل والسعودية".
واعتبر أن "مثل هذا السلام سيقطع شوطا طويلا نحو إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، وسيشجع الدول العربية الأخرى على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.
كما رأى أن هذا السلام "يعزز احتمالات إحلال السلام مع الفلسطينيين"، لكنه استعرض في الوقت نفسه "خريطة طمست الأراضي الفلسطينية".
هيرست قال إنه "تم الإعلان عن بداية جديدة عدة مرات من قبل، فعندما التقى الرئيس المصري السابق أنور السادات برئيس الوزراء الإسرائيلي السابق مناحيم بيجن في 1977، تعهد الأخير بأنه "لا مزيد من الحرب، لا مزيد من سفك الدماء، لا مزيد من الهجمات".
واستدرك: "وبعد مرور عام، غزت إسرائيل جنوب لبنان حتى نهر الليطاني، وفعلت ذلك مرة أخرى في عام 1982 لطرد منظمة التحرير الفلسطينية".
وتابع: "لقد تم تقديم نفس الوعود الكاذبة في أوسلو عام 1993، مع التوقيع على الوثائق على نفس الطاولة الخشبية المستخدمة في معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل في 1979".
وآنذاك، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن اتفاقية أوسلو "ستسمح للفلسطينيين في نهاية المطاف بإدارة شؤونهم الخاصة"، مع انسحاب القوات الإسرائيلية خلال أشهر من قطاع غزة وأريحا كخطوة أولى.
واعتبر هيرست أن "اللقاءات السرية" بين قادة عرب وقادة إسرائيل في السابق وحاليا "كلها تفاصيل مؤثرة، لكن لم يغير أي منها مجرى التاريخ، بل شجعت إسرائيل على الاستمرار في احتلالها وتعميقه ومهاجمة جيرانها عند أول علامة على وجود متاعب".
إسرائيل مكروهة
"هل تغير الرأي العام حول إسرائيل بين الأردنيين والمصريين نتيجة لهذه المعاهدات؟".. هيرست طرح هذا السؤال قبل أن يجيب بأن "إسرائيل مكروهة الآن كما كانت في أي وقت مضى، فالأمر الأهم في ذهن أي عربي هو معاملة إسرائيل للشعب الفلسطيني".
وأردف أن "الزعماء العرب ارتبطوا بعلاقات دافئة مع نظرائهم الإسرائيليين لعقود من الزمن، وبعضها حتى قبل إنشاء إسرائيل نفسها (عام 1948)، والادعاء بأن إسرائيل محاطة بأنظمة عربية تمثل تهديدا وجوديا هو وهم".
وشدد هيرست على أن "مشكلة إسرائيل كانت دائما مع الفلسطينيين الذين يعيشون في فلسطين التاريخية والشتات، والذين ينظرون إليها على أنها نظام فصل عنصري استعماري، ولن يتغير ذلك بتوقيع أي معاهدة جديدة".
ورجح أنه "لن يكون هناك سلام بين أي دولة عربية وإسرائيل حتى ينتهي الصراع الفلسطيني بموافقة إسرائيل على تقاسم السيادة على الأرض".
ومنذ أبريل/ نيسان 2014، توقفت مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لأسباب منها تمسك تل أبيب باستمرار البناء الاستيطاني في الأراضي المحتلة وتنصلها من إقامة دولة فلسطينية وفقا لمبدأ حل الدولتين المدعوم من المجتمع الدولي.
المصدر | ديفيد هيرست/ ميدل إيست آي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد