في الرياض وتل أبيب.. هذا المد المتصاعد قد لا يتوافق مع مصالح واشنطن
يتصاعد مد قومي في كل من السعودية وإسرائيل، وهو ما قد لا يتوافق مع مصالح الولايات المتحدة، حتى لو نجحت وساطتها في تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب، بحسب تحليل في موقع "ستراتفور" الأمريكي (Strator) ترجمه "الخليج الجديد".
ووفقا لتقارير إعلامية أمريكية وإسرائيلية فإن الرياض مستعدة للتطبيع مع تل أبيب مقابل توقيع معاهدة دفاع مع واشنطن والحصول على أسلحة أمريكية أكثر تطورا ودعم تشغيل دورة وقود نووي كاملة بما فيها تخصيب اليورانيوم داخل المملكة، إلى جانب التزامات إسرائيلية نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
"ستراتفور" تابع أنه "في واشنطن، قد يبدو التطبيع السعودي الإسرائيلي بمثابة خطوة نحو ما أطلق عليه العديد من المحللين والصحفيين اسم "حلف شمال الأطلسي في الشرق الأوسط".
وأوضح أن هذا الكيان "عبارة عن شبكة من الأصدقاء والحلفاء يمكن للولايات المتحدة الاعتماد عليها لمراقبة المنطقة، وبالتالي تمكينها من السيطرة عليها، وتقليص وجودها العسكري في المنطقة، وإبقاء النفوذ المنافس لموسكو وبكين بعيدا".
"لكن من الناحية العملية، يبدو من غير المرجح أن يتعاون المد القومي المتصاعد في السعودية وإسرائيل مع مثل هذه التطلعات"، كما استدرك "ستراتفور".
ومن أصل 22 دولة عربية، تقيم خمس دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، التي تواصل احتلال أراضٍ عربية في كل من فلسطين وسوريا ولبنان.
أهداف سعودية
واعتبر "ستراتفور" أن التطبيع السعودي الإسرائيلي لن يفعل الكثير لإعادة تشكيل علاقات دول الشرق الأوسط مع روسيا، و"هو هدف آخر للسياسة الأمريكية في المنطقة، وقد أصبحت إسرائيل والسعودية أكثر قومية، وستكون مصالحهما الوطنية أحيانا مع منافسي الولايات المتحدة".
وأردف أن "السعودية ستظل بحاجة إلى بيع النفط إلى الصين، أكبر عملائها، بغض النظر عما إذا كانت ستوقع اتفاق تطبيع مع إسرائيل يشمل ضمانات أمنية رسمية من الولايات المتحدة".
وأضاف أن "المملكة ستواصل خططها للتنويع الدفاعي والابتعاد عن الأسلحة الأمريكية، سواء عبر تطوير أسلحتها الخاصة أو شراء المعدات من دول (بحلف شمال الأطلسي) الناتو مثل فرنسا وتركيا، وستستمر الرياض في مغازلة الموردين العسكريين الصينيين والروس، بهدف إبقاء جميع الخيارات مطروحة على الطاولة".
كما "ستجذب المملكة الاستثمارات الصينية إلى اقتصادها في إطار سعيها إلى تحقيق استراتيجية التنويع الاقتصادي في مرحلة ما بعد النفط، وستركز للسبب نفسه على التجارة والاستثمارات الروسية غير الخاضعة للعقوبات"، كما زاد "ستراتفور".
واعتبر أنه عندما تتمكن الصين من تحقيق اختراق دبلوماسي لصالح السعودية، مثل تحسين العلاقات مع إيران، فلن يمنع أي اتفاق دفاعي مع الولايات المملكة من توسيع العلاقات مع بكين.
وعبر اتفاق بوساطة الصين في 10 مارس/ آذار الماضي، استأنفت الرياض وطهران علاقتهما الدبلوماسية، ما أنهى قطيعة استمرت 7 سنوات بين بلدين يقول مراقبون إن تنافسهما على النفوذ أجج صراعات عديدة في المنطقة.
أهداف إسرائيلية
و"بالنسبة لإسرائيل (حليفة الولايات المتحدة)، فإن تطبيع العلاقات مع السعودية أو إبرام اتفاقية دفاعية جديدة مع واشنطن لن يغير سلوكها مع روسيا والصين"، كما أردف "ستراتفور".
وأوضح أن "إسرائيل ستظل تركز على مكافحة النفوذ الإيراني، وستتعاون مع روسيا في سماء سوريا للقيام بذلك، الأمر الذي سيستمر في الحد من استعدادها للانضمام إلى حملة العزلة والرد العسكري التي يمارسها الغرب ضد موسكو".
وتعتبر كل من إسرائيل (دولة نووية) وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها، ويفرض الغرب عقوبات على روسيا (شريك استراتيجي لطهران)؛ جراء حرب تشنها منذ 24 فبراير/ شباط 2022 على أوكرانيا، وتبررها بأن خطط جارتها للانضمام إلى "الناتو"، بقيادة واشنطن، تهدد الأمن القومي الروسي.
كذلك "ستحتاج إسرائيل إلى استثمارات دولية في قطاع الموانئ والبنية التحتية والتكنولوجيا، وطالما أن الصين لديها أموال للاستثمار، فسترحب تل أبيب بالعلاقات مع بكين"، بحسب "ستراتفور".
وزاد بأن "إسرائيل ستستمر في الانجراف نحو حل الدولة الواحدة مع الفلسطينيين، بصرف النظر عن أعمال العنف التي قد تتولد عن ذلك أو المخاطر التي قد تترتب على المؤسسات الديمقراطية الإسرائيلية"، على حد قوله.
وعلنا، ترهن السعودية تطبيع العلاقات مع إسرائيل بانسحاب الأخيرة من الأراضي العربية المحتلة منذ حرب 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.
ورجح "ستراتفور" أن "هذه الضرورات، التي تمنع السعودية وإسرائيل حاليا من التوافق مع المصالح الأمريكية، ستصبح أقوى في المستقبل، مع وصول المواطنين الأصغر سنا والأكثر قومية إلى سن الرشد في البلدين".
ورأى أنه "على هذه الخلفية، فإن أي تنازلات نووية ودفاعية تمنحها الولايات المتحدة للسعودية وإسرائيل للتوقيع على اتفاق التطبيع يمكن أن تأتي بنتائج عكسية عبر تشجيع السلوكيات الأكثر خطورة في المستقبل".
المصدر | سترتفور- ترجمة وتحرير الخليج الجديد