لسبب واحد.. الوساطة بين روسيا وأوكرانيا تحدٍ هائل للسعودية

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 640
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

يرى الباحث براسانتا كومار برادان أن السعودية حققت، خلال الاجتماع الدولي في جدة قبل نحو أسبوعين، "بداية جيدة" للتشاور بشأن سبل إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، إلا أن جهود الوساطة في هذا الملف تمثل "مهمة هائلة" للمملكة؛ لأن النزاع خارج جوارها العربي/ الإسلامي، وبالتالي فإن "قوتها الناعمة غير فعالة".

تلك القراءة قدمها الباحث براسانتا كومار برادان في تحليل بمعهد "مانوهار باريكار للدراسات والتحليلات الدفاعية" في نيودلهي (MP-IDSA) ترجمه "الخليج الجديد"، لافتا إلى أن "نهج السعودية تجاه هذه الحرب يتميز بالالتزام بالحياد وجهود الوساطة وتقديم المساعدة الإنسانية للاجئين الأوكرانيين".

وتبرر روسيا حربها المستمرة منذ 24 فبراير/ شباط 2022 في جارتها أوكرانيا بأن خطط الأخيرة للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بقيادة الولايات المتحدة، تهدد الأمن القومي الروسية.

برادان أردف: "في حين أن تركيز الرياض السياسي والأمني الأساسي ظل تقليديا داخل العالم العربي والإسلامي، فقد أظهرت اهتماما عميقا بتطورات تلك الحرب. ويؤكد الموقف السعودي من الحرب على مبادرات السياسة الخارجية الديناميكية والتطلعية للمملكة، والتي دافع عنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان".

ولفت إلى أنه "في 5 و6 أغسطس/ آب الجاري، استضافت مدينة جدية السعودية اجتماعا لممثلي الأمن القومي من أكثر من 40 دولة إلى جانب ممثلي الأمم المتحدة والمفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي، واتفق المجتمعون على مواصلة المشاورات وتبادل الآراء لإيجاد طريقة لإعادة السلام بين روسيا وأوكرانيا".

و"من المفارقات أن روسيا لم تُدعَ إلى الاجتماع. ووصفته أوكرانيا بأنه "مشاورات مثمرة"، فيما قالت روسيا إنه "بدون مراعاة مصالحها، لن يكون لأي اجتماعات بشأن الأزمة الأوكرانية أدنى قيمة مضافة"، بحسب برادان.

وزاد بأنه "منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية، التزمت السعودية بموقف الحياد بينما كانت تدعو باستمرار إلى حل سلمي عبر المفاوضات الدبلوماسية. وبمرور الوقت، تطور هذا الحياد إلى مشاركة دبلوماسية أكثر نشاطا، حيث تسعى المملكة جاهدة للتوسط بين روسيا وأوكرانيا".

تحركات سعودية

و"على الرغم من العلاقات العميقة مع روسيا، صوّتت السعودية لصالح قرارات الأمم المتحدة الداعية إلى وقف النزاع وانسحاب القوات الروسية ووقف ضم الأراضي الأوكرانية. وقد حافظت المملكة على علاقة جيدة مع روسيا وأوكرانيا، مما يجعلها تعتقد أنها في وضع فريد كوسيط محايد وذو مصداقية في الأزمة"، كما أردف برادان.

وتابع: "في الوقت الذي تنادي فيه بوقف الحرب، قدمت المملكة مساعدات إنسانية للاجئين الأوكرانيين، وفي فبراير/ شباط الماضي، زار وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان أوكرانيا والتقى بالرئيس فولوديمير زيلينسكي، ووقَّع البلدان اتفاقيات بقيمة 400 مليون دولار هي 300 مليون دولار كمشتقات نفطية لأوكرانيا وتقديم مساعدات إنسانية بـ100 مليون دولار عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والمساعدات الإنسانية".

وزاد بأن "وزير الخارجية السعودي أعرب عن استعداد بلاده للتوسط في الصراع والمساعدة في حله. وخلال أقل من أسبوعين، زار بن فرحان موسكو أيضا والتقى بنظيره سيرجي لافروف، وجدد استعداد السعودية للتوسط من أجل إنهاء الحرب".

برادان قال إنه "منذ إنشاء (التحالف النفطي) "أوبك +" في عام 2016، تعمق التعاون السعودي الروسي في قطاع الطاقة بشكل كبير. وبالنسبة للولايات المتحدة، كان تعاونهما في "أوبك +" وتأثيره على سوق النفط العالمي مصدر قلق كبير".

وأضاف أنه "في الوقت الذي فرضت فيه الولايات المتحدة والدول الأوروبية حظرا على استيراد النفط الروسي (بسبب الحرب في أوكرانيا)، ساعدت سياسات "أوبك+" الاقتصاد الروسي خلال الحرب، كما ساعدت السعودية في الحفاظ على هيمنتها في سوق النفط والحفاظ على اقتصادها في حالة جيدة".

إجماع دولي 

وبالتالي، وفقا لبرادان، "لدى السعودية أسباب كثيرة لدعم موقف محايد في الحرب، متجنبة الضغط من الولايات المتحدة. وكانت علاقتها مع أوكرانيا دافئة أيضا مع العلاقات السياسية والاقتصادية الجيدة. ودعت السعودية زيلينسكي للمشاركة في قمة جدة لجامعة الدول العربية في مايو/ أيار الماضي، حيث سعى للحصول على دعم المنظمة ضد العدوان الروسي".

وأضاف أن "الرياض تسعى إلى تعزيز سمعتها كوسيط موثوق به في جوارها وما وراءه. وفي السنوات الأخيرة، أصبحت الوساطة سمة مهمة للدبلوماسية السعودية".

ولفت إلى أنها "توسطت في النزاعات الإقليمية في المنطقة العربية/ الإسلامية كما هو الحال في لبنان، وبين (حركتي) حماس وفتح في فلسطين، ومؤخرا بين الأطراف المتصارعة في السودان. وغالبا ما تستخدم الرياض قوتها الدينية الناعمة لإثبات مصداقيتها كوسيط، كما تقدم مساعدات مالية لدعم وتهدئة الأطراف المتصارعة".

وتابع أنه "في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، توسطت السعودية والإمارات بين الولايات المتحدة وروسيا للإفراج عن بريتني جرينير، وهي رياضية أمريكية (لاعبة سلة كانت) مسجونة في روسيا، وفيكتور بوت وروسي كان في سجن بالولايات المتحدة".

واستدرك برادان: "لكن النجاح في الوساطة في الحرب الروسية الأوكرانية، المستمرة منذ 18 شهرا، سيكون مهمة هائلة للرياض؛ إذ تدور الحرب في منطقة خارج جوارها العربي/ الإسلامي، حيث قوتها الناعمة غير فعالة، فعلى الرغم من الحفاظ على علاقات جيدة مع موسكو وكييف، إلا أن روافع الرياض السياسية والدبلوماسية للتأثير عليهما محدودة".

كما اعتبر أنه "سيكون من الصعب إقناع روسيا بالانسحاب دون اتفاق مقبول. وفي الوضع الحالي، حيث استولت روسيا على أراضٍ أوكرانية، تدعم الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي أوكرانيا في الحرب ولا تزال أزمة اللاجئين قائمة، وستظل فعالية وساطة الرياض مقيدة".

و"في اجتماع جدة، حققت الرياض بداية جيدة لجلب أصحاب المصلحة الرئيسيين من جميع أنحاء العالم للتشاور. وتمتلك جهود الوساطة السعودية القدرة على بناء إجماع دولي لإنهاء الحرب، لكن التحدي المعقد يكمن في الترجمة الناجحة لهذا الإجماع إلى إجراءات ملموسة وفعالة على الأرض"، كما ختم برادان.

 

المصدر | براسانتا كومار برادان/ معهد مانوهار باريكار- ترجمة وتحرير الخليج الجديد