محللون: لهذا تحذر الولايات المتحدة دول الشرق الأوسط من الأسلحة صينية الصنع
سلط موقع "إنسايدر" الضوء على تحذير الولايات المتحدة الأمريكية للدول الحليفة لها بالشرق الأوسط من شراء الأسلحة صينية الصنع، مشيرا إلى أن واشنطن ترى في ذلك تقويضا لقدرة الجيش الأمريكي على الاندماج مع شركائه في المنطقة.
وذكر الموقع، في تحليل ترجمه "الخليج الجديد"، أن الصين لا تقدم أسلحة يمكن أن تحل محل الأسلحة الأمريكية بشكل مباشر، "لكن الاهتمام المتزايد بما تبيعه بكين يعكس رغبة طويلة المدى لدول الشرق الأوسط في تنويع مورديها وقلقها المتزايد بشأن التزام الولايات المتحدة بالمنطقة".
وأضاف أن مبيعات الأسلحة الصينية في الشرق الأوسط زادت بنسبة 80% خلال العقد الماضي، نتيجة لتوسيع علاقات بكين هناك واستعدادها لتسليم الأسلحة بشكل أسرع وبشروط أقل من واشنطن.
وأشار إيدون إلى أن رئيس القيادة المركزية الأمريكية، مايكل كوريلا، أخبر لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، في مارس/آذار الماضي، بأنه كانت هناك "زيادة كبيرة" في المبيعات العسكرية الصينية الأجنبية في الشرق الأوسط.
وقال كوريلا: "إذا كانت هناك معدات صينية هناك، فلا يمكننا دمجها مع المعدات الأمريكية"، مضيفًا أنه "نظرًا لأن مبيعات الأسلحة الصينية تتحرك بشكل أسرع بكثير، فإن الولايات المتحدة في سباق للتكامل مع شركائنا قبل أن تتمكن الصين من اختراق المنطقة بالكامل".
اتساع النطاق
وفي السياق، حذر وكيل وزارة الدفاع الأمريكية السابق للسياسة، كولين كال، مؤخرًا من أن التبني واسع النطاق للمعدات العسكرية الصينية يمكن أن يتداخل مع إنشاء شبكة من أنظمة الدفاع الجوي التي تناقشها إدارة بايدن مع شركاء الولايات المتحدة في المنطقة.
وقال كال، للجمهور في تشاتام هاوس، وهو مركز أبحاث بريطاني، في يوليو/تموز، قبل وقت قصير من تنحيه من منصبه في البنتاجون: "الشيء الوحيد الذي لن يؤدي إلى دفاع جوي وصاروخي متكامل هو مجموعة من المعدات العسكرية الصينية في هذه البلدان التي لن تكون قابلة للتشغيل المتبادل مع أنظمتنا ولن يُسمح لها بالاتصال بأي شبكة".
وأضاف: "لن نسمح لأنظمة الدفاع الجوي الصينية بالتفاعل مع شبكاتنا، وأعتقد أن شركائنا يفهمون ذلك".
ولطالما كانت دول الشرق الأوسط، وعلى رأسها دول الخليج العربي، من كبار المشترين للأسلحة الأمريكية الصنع، ومع ذلك، فإن الاتجاه الآن يتغير، ففي عام 2010، اشترت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة طائرات بدون طيار مسلحة صينية في وقت لم تكن فيه الولايات المتحدة تصدر مثل هذه الأسلحة.
وقال أحمد أبو دوح، الزميل المساعد في مؤسسة "تشاتام هاوس"، إن مبيعات الأسلحة الصينية إلى المنطقة "كبيرة ومن المتوقع أن تستمر في الزيادة"، لافتا إلى أن كلا من الرياض وأبو ظبي اشترت مؤخرًا كميات كبيرة من الطائرات المسيرة تركية الصنع، "لكن هذا يعكس رغبة في تنويع سياسة الشراء بدلاً من الابتعاد عن الصين"، حسب تعبيره.
وأشار أبو دوح إلى أن الصين تركز منذ فترة طويلة على "سد فجوة أنظمة الأسلحة القتالية الخفيفة منخفضة التكلفة"، الأمر الذي شجعه تردد الولايات المتحدة في بيع مثل هذه الأسلحة لشركائها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، و"من هنا كانت صادرات الصين إلى المنطقة كبيرة"، حسب قوله.
وتابع: "هذه المبيعات هي عنصر لا ينفصل عن استراتيجية الصين العالمية لتصبح منتجًا رئيسيًا للأسلحة والسيطرة على حصة عالمية أكثر أهمية في مبيعات الأسلحة".
وعندما يتعلق الأمر بالدفاعات الجوية، تشغل دول الخليج أسلحة متطورة أمريكية الصنع مثل باتريوت ونظام الدفاع الجوي عالي الارتفاع، والذي ظهر لأول مرة عندما استخدمته الإمارات لإسقاط الصواريخ الباليستية التي تم إطلاقها من اليمن في يناير/كانون الثاني 2022، لكن أيا من دول الشرق الأوسط لم تشتر أنظمة دفاع جوي صينية متطورة مثل HQ-22(النسخة الصينية من S-300 الروسية).
وفكرت تركيا في شراء HQ-9 عام 2013، ما أدى إلى تحذيرات من الناتو بشأن مشكلات التشغيل البيني، ما دفع أنقرة إلى شراء منظومة S-400 الروسية، التي وجهت تحذيرات مماثلة وقادت في النهاية الولايات المتحدة إلى طرد تركيا من برنامج تصنيع طائرات F- 35 القتالية.
وفي حين أن الولايات المتحدة قلقة بشأن مبيعات الأسلحة الصينية إلى دول الشرق الأوسط، فإن الصين لا تقدم بدائل مباشرة لما تبيعه الولايات المتحدة.
وفي السياق، قالت إميلي هوثورن، محللة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة استخبارات المخاطر RANE، لـ "إنسايدر": "إذا تحولت هذه الديناميكية وأصبحت بكين مزودًا لمعدات أكثر تقدمًا، فسيكون ذلك تطورًا حاسمًا للولايات المتحدة، لكن هذا غير مرجح".
ومع ذلك، فقد أثرت مشاركة دول الشرق الأوسط مع الصين بالفعل على ما ترغب الولايات المتحدة في بيعه، إذ وافقت واشنطن على بيع 50 طائرة من طراز F-35 و 18 طائرة مسيرة من طراز MQ-4B إلى الإمارات مقابل 19 مليار دولار في يناير/كانون الثاني 2021.
لكن واشنطن تباطأت في تنفيذ الصفقة خوفًا من مشاركة الصين في البنية التحتية للجيل الخامس في الإمارات وميناء خليفة التابع لها، لتعلق أبو ظبي الصفقة بنهاية المطاف في ديسمبر/كانون الأول 2021.
ومنذ ذلك الحين، اشترت الإمارات 12 طائرة تدريب صينية من طراز L-15 وتشارك في تدريب للقوات الجوية في الصين هذا الشهر، وهو أول تدريب من نوعه بين البلدين.
وقالت هوثورن: "في حين أن تعميق العلاقات البحثية والأمنية بين بكين ودول الخليج العربي ليس مفاجئًا للولايات المتحدة، إلا أنها لا تزال مقلقة للأمن القومي الأمريكي"، مشيرا إلى احتمال أن لا تنظر واشنطن إلى ذلك باعتباره تهديدا إذا كانت تلك الدول "تحافظ على علاقاتها الأمنية والاستخباراتية والسياسية القوية حاليًا مع واشنطن أيضًا".
مخاوف أمريكية
وقال أبو دوح إن الولايات المتحدة لديها "مخاوف محددة" بشأن "تكثيف العلاقات العسكرية" بين الإمارات وبكين، فضلاً عن استيائها من تلقي السعودية مساعدة صينية في برنامجها النووي المدني و"شكوك حول برنامج منفصل للصواريخ الباليستية".
وأضاف: "إذا كانت الولايات المتحدة قلقة بشأن زيادة التبادلات العسكرية بين الصين ودول الخليج العربي، فعليها معالجة التصورات المتزايدة لتراجع التزام الولايات المتحدة بالأمن الإقليمي".
وتابع أبو دوح: "إذا لم تحصل تلك الدول على ما تريده من الولايات المتحدة فلن يكون أمامها خيار سوى البحث عن بدائل ستقوض المصالح الأمنية والعسكرية للولايات المتحدة بلا شك".
وتشير هوثورن إلى أن تحذيرات كال وكوريلا كانت نتاج "السنوات العديدة" التي قضتها الولايات المتحدة "في محاولة تجميع نظام دفاع جوي متكامل" في المنطقة.
وأضافت أن انخراط الصين في علاقات أعمق مع دول مجلس التعاون الخليجي وبروزها المتزايد "كشريك موثوق به للحكومات المتحالفة تاريخيًا مع الولايات المتحدة مثل الإمارات والسعودية "هو بالتأكيد أحد العوامل التي تعوق القدرة على تجميع مثل هذا النظام، لكنه مجرد عامل واحد من بين عديد العوامل، بما في ذلك تصورات التهديد المتفاوتة لإيران بين دول الخليج العربي، بالإضافة إلى مستويات مختلفة من الثقة بين حكومات الخليج العربي نفسها".
المصدر | إنسايدر/ترجمة وتحرير الخليج الجديد