تخفيضات إنتاج النفط.. هل تدفع اقتصاد السعودية نحو الانكماش؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 596
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

قالت وكالة "بلومبرج" الأمريكية (Bloomberg) إن تمديد السعودية لتخفيض إنتاج النفط، في محاولة "غير ناجحة إلى حد كبير لرفع الأسعار"، قد يؤدي إلى انكماش في اقتصاد المملكة، بعد كانت أسرع دول مجموعة العشرين نموا العام الماضي.

وفي 3 يوليو/ تموز الجاري، مددت السعودية، أكبر مصدر للنفط، للشهر الثاني على التوالي خفض إنتاجها الطوعي بمقدار مليون برميل نفط يوميا لشهر آخر حتى أغسطس/ آب المقبل، وربما يمتد هذا الخفض لفترة أطول.

بينما أعلنت روسيا عن خفض مقداره نصف مليون برميل خلال الشهر المقبل، ما رفع الأسعار على الرغم من مخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد العالمي واحتمال أن يزيد البنك الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة.

وأوضحت الوكالة، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن "تخفيض الإنتاج بالتزامن مع انخفاض الأسعار سيقلل إلى حد كبير من الواردات المالية التي تحصل عليها المملكة من بيع النفط".

والإثنين بلغ سعر خام برنت 77.87 دولار، بينما تحتاج السعودية إلى تداوله عند حوالي 81 دولارا للبرميل من أجل تحقيق التوازن في ميزانيتها، بحسب صندوق النقد الدولي، وقد انزلقت المملكة مرة أخرى إلى عجز في الميزانية العام الجاري بعد أن سجلت فائضا العام الماضي للمرة الأولى منذ ما يقرب من عقد من الزمان.

وجراء ضعف الطلب الصيني وارتفاع المعروض الأمريكي، خفض تحالف "أوبك+"، الذي يضم منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وحلفاء بقيادة روسيا، الإمدادات بالفعل منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي لتعزيز الأسعار، لكنه فشل حتى الآن في إخراج الأسعار من نطاق يتراوح بين 70 و80 دولارا للبرميل.

والعام الماضي، شهدت السعودية طفرة مدفوعة بإنتاج خام قياسي بلغ حوالي 10.5 مليون برميل يوميا بمتوسط سعر 100 دولار للبرميل، حيث تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا منذ 24 فبراير/ شباط 2022 في اضطراب أسواق الطاقة، وفقا للوكالة.

واستدركت: لكن مع التباطؤ الاقتصادي العالمي، الذي يؤثر الآن على الطلب على النفط الخام، تخفض المملكة الإنتاج الشهر الجاري إلى نحو 9 ملايين برميل يوميا، وهو مستوى نادرا ما وصلت إليه في العقد الماضي، وقد أدى إلى رفع الأسعار لكن بشكل طفيف أقل من المأمول.

وتابعت أن الحكومة السعودية باعت سندات يورو بقيمة 16 مليار دولار منذ بداية العام الجاري، على الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة في الوقت الذي تكافح فيه الولايات المتحدة والبنوك المركزية الأخرى التضخم.

 

عبء على المملكة

وفي حال حدوث انكماش فسيكون "تحولا صارخا للاقتصاد البالغ قيمته 1 تريليون دولار، والذي نما بنسبة 9٪ تقريبا في 2022، مما ساعد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على استثمار عشرات المليارات من الدولارات في كل شيء من الرياضة إلى السياحة والمدن الجديدة"، بحسب الوكالة.

ورجحت أن انخفاض الإمدادات سيكون عبئا على السعودية، وسينخفض الاقتصاد بنسبة 0.1٪ العام الجاري إذا رفعت المملكة الإنتاج في سبتمبر/ أيلول المقبل وبنسبة 1٪ إذا استمرت في المسار لبقية 2023.

وقال جان ميشيل صليبا، خبير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في بنك "أوف أمريكا كورب"، إن "الخفض السعودي قد يكون مكلفا."

و"إذا لم يتم عكس تخفيضات العرض من النفط العام الجاري، فسيؤدي ذلك إلى جعل المملكة أسوأ اقتصاد أداءً في مجموعة العشرين بعد الأرجنتين"، وفقا للوكالة.

وقالت إن العديد من محللي الطاقة، وكذلك السعودية نفسها، يتوقعون أن يتقلص المعروض في سوق النفط خلال بقية 2023 مع نمو الطلب في الصين والهند. وفي مثل هذا السيناريو، من المرجح أن ترتفع الأسعار، وتتوقع مجموعة "جولدمان ساكس" أن تقفز إلى 86 دولارا للبرميل بحلول ديسمبر/ كانون الأول المقبل.

لكن الوكالة قدَّرت أن السعودية تحتاج إلى سعر 100 دولار للبرميل إذا أخذنا في الاعتبار إنفاق صندوق الثروة السيادية وكيانات الدولة الأخرى على ما ما تُسمى بـ"المشاريع العملاقة" لولي العهد، وبينها مدينة نيوم الجديدة.

 

القطاع الخاص

وتحتاج السعودية للعوائد، لاسيما من بيع النفط، لتمويل مشاريع استثمارية ضخمة ضمن "رؤية المملكة 2030" التنموية الهادفة بالأساس إلى تنويع اقتصاد البلاد بعيدا عن النفط.

ووفقا للوكالة "تُظهر صادرات السعودية أنها لم تنوع اقتصادها كثيرا، فلا تزال تدفقات النفط حاسمة بالنسبة للمملكة، على الرغم من كل جهود التنويع التي بذلتها منذ بدء رؤية 2030 في 2016".

في المقابل فإن بعض المحللين متفائلون بأن الناتج المحلي الإجمالي للسعودية يمكن أن ينمو حتى إذا استمرت تخفيضات إنتاج النفط حتى 2024. وترى آمي مكاليستر من "أكسفورد إيكونوميكس" أن الناتج المحلي الإجمالي سيرتفع بنسبة 0.3٪ في هذا السيناريو.

ولا يزال الاقتصاد غير النفطي، حيث يعمل السواد الأعظم من السعوديين والذي تهدف "رؤية 2030" إلى تغييره، مزدهرا، وقد عززت الشركات الخاصة خارج صناعة النفط طلباتها بأسرع معدل على الإطلاق في يونيو/ حزيران الماضي، وفقا لمؤشر مديري المشتريات.

وقال زياد داود، كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في "بلومبيرج إيكونوميكس" إن "هذا هو القطاع المهم حقا لخلق فرص العمل وأرباح الشركات". وتستهدف الحكومة السعودية أن يتوسع الاقتصاد غير النفطي على الأرجح بنسبة 5.8٪ هذا العام.

 

المصدر | بلومبرج- ترجمة وتحرير الخليج الجديد