مصلحة أمريكية.. مبادرات دبلوماسية سعودية "أكثر نضجا وبراجماتية"

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 486
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

قال دانيال ديبتريس، كاتب مختص بالشؤون الخارجية في وسائل إعلام أمريكية، إن المبادرات الدبلوماسية السعودية العديدة على المستويين الإقليمي والدولي تعكس "نضج وبراجماتية" ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بعد أن اتبع في البداية "خطا مدمرا"، كما تخدم السياسة الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط المضطربة.

وتابع ديبتريس، في تحليل بموقع "سبكتيتر" (The Spectator) ترجمه "الخليج الجديد"، أن "الشرق الأوسط، المحفور في النفسية الغربية كمنطقة صراعات وأزمات اقتصادية وتنافس جيوسياسي، غارق الآن في نوبة من النشاط الدبلوماسي".

وأردف أن ذلك التغيير ينبع من "مصدر غير متوقع، وهو الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي الشاب والطموح الذي يحدث تحولا كبيرا يجب تشجيعه"، مضيفا أن "الولايات المتحدة وحلفاؤها كانوا ينظرون إليه على أنه مدمن عمل ومتهور ومندفع ولديه أحلام كبيرة للسعودية، لكن قليل الصبر".

وأوضح أن محمد بن سلمان "أراد تحويل بلاده إلى قوة اقتصادية وتكنولوجية، وتحدي القواعد الاجتماعية الصارمة التي هيمنت على الحياة السعودية منذ تأسيس المملكة (1932)".

 

خط مدمر

"لكن محمد بن سلمان جاء بخط مدمر، إذ يعتقد أن للمملكة حق حصري في قيادة الشرق الأوسط ولم يتسامح مع وقوف الآخرين في طريقه، وفي 2017 فرضت السعودية، بالاشتراك مع الإمارات والبحرين ومصر، حصارا بحريا وجويا على قطر المجاورة كعقاب على تحسين علاقاتها مع إيران"، وفقا لديبتريس.

واستطرد: "وخلال العام نفسه، تم استدعاء رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري إلى المملكة لعقد اجتماع عاجل، لكن زُعم أن الاجتماع كان عملية اختطاف، حيث لم يغادر الحريري السعودية حتى استقال من منصبه (تراجع لاحقا بعد مغادرته المملكة)".

وزاد ديبتريس بأنه "إلى الجنوب من المملكة، أثبتت الحرب ضد المتمردين الحوثيين (مدعومين من إيران) في اليمن، أنها فشلت فشلا ذريعا: الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية ضعيفة والحوثيون يسيطرون على المراكز السكانية الشمالية في البلاد، وجرائم الحرب التي ارتكبها التحالف (العسكري) السعودي تقوض سمعة المملكة".

واعتبر أن "القتل المتعمد لكاتب العمود في صحيفة واشنطن بوست (السعودي) جمال خاشقجي (داخل قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018)، والذي تردد أنه بأمر من محمد بن سلمان، كان القشة التي قصمت ظهر البعير للكثيرين في الغرب".

 

تحول دراماتيكي

وفي حين أنه سيكون من المبالغة، بحسب ديبتريس، "القول إن قتل خاشقجي كان درسا لمحمد بن سلمان، لا يمكنك إنكار أنه أصبح أكثر براجماتية في تعاملاته الدولية".

وتابع: "يمكن أن يُعزى جزء كبير من التغيير إلى اعتراف الرياض بأن السياسة الخارجية العدوانية للمملكة تضر أكثر مما تنفع وتضر بمكانتها الاستراتيجية وتسبب مشاكل في علاقتها مع الغرب".

ومضى قائلا: "كان التحول دراماتيكيا، فمحمد بن سلمان، الذي قال ذات مرة إن المرشد الإيراني علي خامنئي أسوأ من أدولف هتلر، يعمل الآن على استعادة العلاقات الدبلوماسية معه".

وبوساطة الصين في مارس/ آذار الماضي، اتفقت السعودية وإيران على اسنتئناف علاقتهما الدبوماسية بعد قطيعة استمرت سبع سنوات بين بلدين يقول مراقبون إنهما يتصارعان على النفوذ في المنطقة عبر وكلاء في دول منها لبنان وسوريا والعراق واليمن.

وبالنسية لليمن، قال ديبتريس:" "المسؤولون السعوديون أجروا مفاوضات مباشرة مع الحوثيين للتوصل إلى ترتيب يسمح للرياض بالانسحاب من الحرب الأهلية التي استمرت قرابة تسع سنوات".

واستطرد: "وبعد أن أمضى سنوات في محاولة للإطاحة بالديكتاتور السوري بشار الأسد، سافر وزير الخارجية السعودي إلى دمشق في 18 أبريل/ نيسان للترويج لتقارب دبلوماسي".

وتابع: "عزز السعوديون علاقتهم الاستخباراتية مع إسرائيل وألمحوا إلى تطبيع أوسع في مرحلة ما مستقبلا، حتى وهم يسعون إلى تحسين علاقاتهم مع (حركة المقاومة الإسلامية) حماس (في فلسطين) وتحسين آفاق التوسط في المصالحة بين الفلسطينيين".

وتطرق ديبتريس إلى الحرب الراهنة في السودان بقوله إن "السعودية ترعى حوارا  في جدة بين ممثلين عن قائد الجيش السوداني اللواء عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) كما ساعدت المملكة في التوسط في تبادل الأسرى العام الماضي بين موسكو وكييف".

 

تغيير ملحوظ

و"على الرغم من هذا النشاط السعودي، فإنه يجب توخي الحذر، فبعض المبادرات الدبلوماسية، ومنها جهود المصالحة بين السلطة الفلسطينية وحماس،  ربما يكون مصيرها الفشل"، بحسب ديبتريس.

واستدرك: "ولكن بغض النظر عن النتيجة النهائية، فإن المبادرات تتميز بتغيير ملحوظ في صنع القرار السعودي وتمثل نهجا أكثر نضجا فن الحكم".

وأردف: "هذا ليس مفيدا للمملكة فحسب، بل إنه إيجابي للولايات المتحدة أيضا، فالسعودية باتت أقل ميلا إلى الضغط على واشنطن لتصبح أكثر انخراطا في الشرق الأوسط، كما أن الصراع الأقل بين اللاعبين الرئيسيين في المنطقة يقلل من الخطر على القوات الأمريكية المتمركزة في الشرق الأوسط".

 

المصدر | دانيال ديبتريس/ سبكتيتر- ترجمة وتحرير الخليج الجديد