صحيفة لبنانية: الأردن يتهم السعودية بالمشاركة في حصاره اقتصاديا
قالت صحيفة لبنانية، مقربة من "حزب الله" إن الأردن يتهم جارته الجنوبية، السعودية، بالمشاركة في حصاره اقتصاديا بالتعاون مع الولايات المتحدة، بهدف فرْض أجندة بعيْنها على المملكة.
كشف ذلك صحيفة "الأخبار" اللبنانية التي قالت إن هذا الحصار تحدّث عنه بوضوح الملك "عبدالله الثاني" قبل عام، أمام مجموعة من الإعلاميين الأردنيين، متّهِماً صِهر الرئيس الأمريكي السابق "جاريد كوشنير"، بمحاولة فرْضه، مشيراً حينها أيضاً إلى تورُّط دولة عربية كبرى (لم يُسمّها).
وأضافت الصحيفة: "مؤخرا، اتهم العاهل الأردني وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان بالتآمر على الأردن، ومنع الدول العربية الشقيقة من تقديم مساعدات إليه".
ويُعتبر كلام الملك الذي جاء في وثائق سرّية قالت "الأخبار" إنها اطلعت على مضمونها، وتتناول الوضع في هذا البلد على الصُعد كافّة، إشارة مزدوجة إلى "صفقة القرن" التي أراد "كوشنير" فرْضها على عمّان، ومحاولة الانقلاب الفاشلة التي قادها شقيق الملك الأمير "حمزة" بمساعدة "باسم عوض الله" مستشار "بن سلمان"، المعتقَل حالياً لدى السلطات الأردنية.
ولفتت إلى أن "عوض الله" مثّل حلقة الوصل بين "بن سلمان" والأمير "حمزة"، على رغم أن الرياض حرصت على ألّا تترك دليلاً على تورُّطها في تلك المحاولة.
وفي هذا الإطار، نَقل المدير التنفيذي للبنك الدولي "ميرزا حسن"، إلى مسؤول خليجي التقاه في يونيو/حزيران 2021، معلومات تفيد بأن السعودية لم تُبدِ تأييداً لفكرة محاولة الانقلاب على "عبدالله"، ولكنها لم تُعارضها كذلك.
وأضاف أن "عوض الله" أكد للأمير "حمزة" أنه يضْمن دعْم السعودية للعملية، منبّهاً إيّاه في الوقت نفسه إلى أن الأخيرة لا تريد أن يكون هناك دليل على تورّطها فيها.
وتتابع الصحيفة بأن وزير الخارجية السعودي "فيصل بن فرحان" تبرأ من "عوض الله" رغم قربه من "بن سلمان"، لكنه أشار إلى أن "كوشنر" يشعر بالاستياء من ملك الأردن بسبب عدم تعاونه في تمرير "صفقة القرن".
وتنوه إلى أن السعودية تحاول انتزاع الوصاية على المقدسات في فلسطين من الأردن، إلى جانب مخاوف من المغرب في الشأن ذاته خصوصا بعد التطبيع مع الاحتلال.
وتلفت إلى أن الأردن لديه هواجس منذ تولي "بن سلمان" ولاية العهد.
وفي موازاة الجفاء مع السعودية، سعى الملك الأردني إلى تعزيز علاقته برئيس الإمارات "محمد بن زايد"، في محاولة لكسر الحصار غير المعلَن على بلاده التي تفتقر إلى الموارد، وتعيش على المساعدات الخارجية.
وتشير إلى أن ملك الأردن غادر إلى الإمارات في يوليو/تموز 2020 بهدف التقرب من "بن زايد" الذي كان وليا للعهد وقتها، ولوحظ بعد عودته من الإمارات استهداف الدولة لجماعة الإخوان المسلمين، وحل نقابة المعلمين، وإصدار القضاء الأردني قرارا بعدم قانونية جماعة الإخوان، وطلب الملك من المخابرات مراقبة تحركات الجماعة، والاستعداد لضبطها عند الحاجة.
وجاء ذلك في وقت بدأت فيه ملامح "الأردن الجديد"، على حدّ وصْف السفير الأمريكي في عمّان "هنري ووستر" تتشكّل، وتأخذ مظاهر سلبية للغاية، من بينها ارتفاع نسبة البطالة إلى 50%، وانتشار السلاح بين أيدي المواطنين، وتنامي ظاهرة فرْض الخوّات، وتزايُد لجوء الأردنيين إلى عشائرهم على حساب منطق القانون، واستمرار نعرة التمييز بين الأردنيين من أصل فلسطيني والأردنيين من عشائر شرق الأردن.
هذا فضلاً عن التظاهرات التي شهدتْها أخيراً عدد من المحافظات، ولا سيما معان والطفيلة والزرقاء، احتجاجاً على تردّي الأوضاع الاقتصادية واستمرار الاعتقالات السياسية.
وتضيف الصحيفة: "يبدو، أن معاهدة السلام مع إسرائيل لم تَعُد تشفع للأردن، الذي صار منذ سنوات، حتى تحت حُكم الملك عبدالله، يمثّل إحدى الدول التي تقف عائقاً في وجه المشاريع الإسرائيلية والأمريكية المستجدّة، خاصّة فيما يتعلّق بالأراضي الفلسطينية المحتلّة وتحديداً بالمسجد الأقصى".
وتتابع: "ارتبطت شرعيّة النظام، في نَظر الكثير من الأردنيين، بالوصاية الهاشمية على الحرم القدسي، فمن الطبيعي أن يفكّر اليمين الإسرائيلي الحاكم في التخلّص منها، إذا ما أراد المُضيّ في مشاريعه لتغيير الوضع القائم هناك".
وتزيد: "لذا، فالخيار الأفضل بالنسبة إليه، كما يَظهر، هو إضعاف النظام الأردني، وبثّ الفوضى في هذا البلد".
وفي الإطار نفسه، أفادت المعلومات بأن الملك الأردني طلب من إدارة المخابرات العامّة، في يونيو/حزيران 2022، مراقبة تحرّكات الجماعة، والاستعداد لضبطها عندما تدعو الحاجة.
وتنبع بعض مخاوف الملك من احتمال لجوء الإخوان إلى الإفادة من الأوضاع الصعبة في البلاد لتعزيز حضورهم.
وتشير إلى ذلك انتخابات نقابة المحامين التي أسفرت عن فوز أحد المحامين المحسوبين على الجماعة بمنصب النقيب، إضافة إلى استمرار تدفُّق التبرعات لبعض جمعياتها من مصادر خليجية.
ووفق الصحيفة، تستغلّ الإدارة الأمريكية ظروف الأردن الصعبة لتحويل أراضيه إلى قاعدة لدعم قوّاتها في المنطقة، ولدفعه إلى تبنّي مشاريع تطبيع على غرار اتّفاقية التعاون مع إسرائيل في مجالَي المياه والكهرباء.
وقد أثار ذلك اعتراضات كان من أبرزها إصدار 148 شخصية سياسية وحقوقية وعشائرية، في سبتمبر/أيلول 2022، بياناً تضمّن رفْض تلك الاتّفاقية.
من جهة أخرى، ذكر تقرير دبلوماسي أعدّته دولة خليجية مطلع عام 2019، أن وليّ العهد السعودي يعمل من أجل انتزاع الوصاية الهاشمية على القدس، من الأردن لحساب السعودية.
كما برزت مخاوف لاحقاً من سعي المغرب أيضاً لوضع يده على المقدسات الإسلامية في المدينة المحتلّة، في ضوء عملية التطبيع الرسمي التي بدأتْها الرباط مع تل أبيب، لا سيما أن ملك المغرب "محمد السادس" يرأس "لجنة القدس" في منظّمة التعاون الإسلامي.
كذلك، يشير دبلوماسيون مطّلعون على الوضع في الأردن، إلى ازدياد التدخّلات الخارجية في شؤونه الداخلية، بدءاً من البحث الأمريكي عن حلول للقضية الفلسطينية عبر "صفقة القرن" والمخاطر التي حملتْها على مستقبل هذا البلد باعتباره "الوطن البديل" المفترَض للفلسطينيين، وانتهاءً بالتنافس الإقليمي على تشكيل أدوات ضغط في الساحة الأردنية.
ويندرج، في الإطار المتقدّم، التنافس بين السعودية والإمارات من جهة، وقطر وتركيا من جهة أخرى، والذي يفيد دبلوماسيون بأن بعض المُعارضين الأردنيين الناشطين في الخارج يتمّ استخدامهم في سياقه.
المصدر | الخليج الجديد