السعودية تضخ المليارات في باكستان.. هل اقترب خضوع إسلام آباد لشروط صندوق النقد؟
"شريان حياة محتمل لدولة تواجه التخلف عن سداد القروض".. هكذا وصفت صحيفة "وول ستريت جورنال" إعلان السعودية، الثلاثاء، دراسة تقديم ما يصل إلى 11 مليار دولار لباكستان، بتوجيه من ولي العهد "محمد بن سلمان".
وذكرت الصحيفة الأمريكية، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن الدعم المقدم من السعودية أن يمكن أن يقوي موقف باكستان في التفاوض على استئناف خطة الإنقاذ الاقتصادي المتوقفة بعدما اشترط صندوق النقد الدولي رفع الدعم عن الكهرباء والبنزين وزيادة الضرائب، وهو ما رفضته إسلام آباد حتى اليوم.
لكن احتياطيات البلاد من العملات الأجنبية تنفد بسرعة، ويقدرها محللون ماليون فقط حوالي 4.5 مليار دولار، وتأمل الأسواق المالية أن يعود برنامج صندوق النقد الدولي إلى مساره الصحيح في غضون أيام.
ومن المقرر أن تسدد باكستان، في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط من هذا العام، ديونا بقيمة 6.4 مليار دولار، وفقًا لأرقام البنك المركزي. وبحلول ديسمبر/كانون الثاني المقبل، يجب أن تسدد 12.8 مليار دولار أخرى.
وإزاء ذلك، يقرأ عديد المراقبين زيارة قائد الجيش الباكستاني، الجنرال "عاصم منير"، الأخيرة إلى السعودية ، حيث التقى "بن سلمان"، واستعرض معه "العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها"، حسب ما أوردته وسائل الإعلام السعودية.
وباكستان شريك عسكري وثيق للسعودية، حيث وفرت للمملكة جنودا لحراسة المواقع وتدريب قوات الجيش، فضلا عن عمل ملايين الباكستانيين في المملكة.
الإمارات وقطر والصين
كما استعانت باكستان في الأشهر الأخيرة بحلفائها المقربين الآخرين، خاصة الإمارات وقطر والصين، في الوقت الذي تكافح فيه لسداد القروض التي حصلت عليها خلال العقد الماضي.
وفي السياق تأتي زيارة رئيس الوزراء الباكستاني "شهباز شريف" إلى الإمارات في وقت لاحق من هذا الأسبوع، وتأمل إسلام آباد أن يقوم مضيفوه بتجديد قرض قيمته ملياري دولار من المقرر أن يحل أجله قريبًا، فضلا عن تقديم تمويل إضافي.
وتعهدت الإمارات، العام الماضي، باستثمار نحو ملياري دولار في باكستان، فيما قالت قطر إنها ستستثمر 3 مليارات دولار، لكن أيا من هذه الخطط الاستثمارية لم اتحقق حتى الآن.
ومن المرجح أن تتضمن هذه الخطط شراء الشركات المملوكة للدولة، كما طرحت المملكة العربية السعودية فكرة بناء مصفاة نفط كبيرة في باكستان. أما الصين فقدمت وديعة قرض بقيمة 4 مليارات دولار للبنك المركزي الباكستاني.
وهنا تشير الصحيفة الأمريكية إلى أن حوالي ثلث ديون باكستان مملوكة لبكين، التي نفذت في السنوات الأخيرة برنامجًا لبناء البنية التحتية في البلاد بمليارات الدولارات، وهو عرض ضمن مبادرة الحزام والطريق العالمية، التي تسعى إلى نشر النفوذ الصيني من خلال مشاريع البناء الكبيرة.
صندوق النقد
وإزاء ذلك، فإن القليل من الفرص الاستثمارية في باكستان جاهزة لدول الخليج، في حين أن احتياجات إسلام آباد النقدية فورية، ما يعني أن باكستان لاتزال بحاجة إلى صندوق النقد الدولي، حسب ما يراه "سميع الله طارق"، مدير الأبحاث في الشركة الباكستانية الكويتية للاستثمار.
وأشار إلى أن دول الخليج سبق أن قدمت قروضًا بشرط أن تنخرط باكستان ببرنامج صندوق النقد الدولي.
ولم يتضح ما إذا كان هذا ينطبق على إعلان السعودية، الثلاثاء، بدراسة وضع وديعة بقيمة ملياري دولار بالبنك المركزي الباكستاني، ولم يصدر تعليق فوري من الحكومة الباكستانية بهذا الشأن.
وقال رئيس الوزراء الباكستاني، الإثنين، إن بلاده كانت تأمل في تعليق مؤقت لشروط القروض القاسية بصندوق النقد الدولي، خاصة أنه يواجه انتخابات في وقت لاحق من هذا العام ولا يستطيع تكديس المزيد من المصاعب المعيشية على شعبه.
وعقد وزير المالية الباكستاني وصندوق النقد الدولي محادثات، الإثنين الماضي، لكن لم يتم الإعلان عن انفراجة.
وأوقفت الحكومة الباكستانية الكثير من الواردات لتوفير الدولارات، فيما أوقفت بعض المصانع الإنتاج لعدم تمكنها من استيراد قطع غيار أو آلات.
وفي غضون ذلك، استعت الفجوة بين سعر الصرف الرسمي للروبية مقابل الدولار والسعر الفعلي المتاح في السوق إلى 10%، ودفع ذلك تدفقات مالية كبيرة خارج القنوات المصرفية، حيث يستفيد العمال الباكستانيون في الخارج وغيرهم ممن يرسلون الأموال إلى الوطن من سعر الصرف غير الرسمي.
يشار إلى أن خبراء الاقتصاد يقولون إن باكستان قد تواجه خطر التخلف عن سداد التزاماتها المالية خلال العام المقبل، ويشيرون إلى أن إعادة هيكلة الديون، والإعفاء من بعضها من شأنه أن يوفر طريقة أكثر تنظيماً للخروج من الأزمة التي تعاني منها البلاد، وإلا فمصير مشابه للاضطراب الذي شهدته سريلانكا، العام الماضي، قد يلوح في الأفق.
المصدر | وول ستريت جورنال - ترجمة وتحرير الخليج الجديد