سيول جدة تحول الشوارع إلى "ساحات خردة".. والعمال الوافدون أكبر الخاسرين
مئات السيارات تطفو وتصطدم بسيارات أخرى وتتلطخ محركاتها بالطين الكثيف.. مشهد تداوله الآلاف من رواد مواقع التواصل الاجتماعي السعوديين خلال الساعات الماضية بعدما تحولت مدينة جدة إلى ساحات "خردة"، حسب وصفهم للسيارات التي باتت هي والعدم سواء.
من بين هؤلاء "ساجين سليم"، الذي كان عائدا من قطر إلى المدينة، بعد حضورة مباراة في كأس العالم، وعند وصوله إلى مطار الملك "عبد العزيز"، بعد أن غمرت انتظر لساعات للحصول على سيارة أجرة، لكن دون جدوى، بسبب مياه السيول، حسبما أورد موقع "ميدل إيست آي".
اضطر "سليم"، في النهاية، إلى الانتقال مع مسافر آخر، كان يقود سيارته عائدا من المطار، ونزل على بعد 6 كيلومترات من منزله لأن السيارة لم تستطع القيادة بسبب ارتفاع منسوب المياه.
وصلت المياه إلى مستوى ركبة "سليم"، ما اضطره إلى حمل أمتعته فوق رأسه، وعاد أخيرا إلى المنزل ليجد سيارته الجديدة، صينية الصنع من طراز شانجان، غارقة في الوحل، الذي ملأها حتى عجلة القيادة.
وبينما يتعافى سكان جدة ببطء من أثر السيول، يكافح الكثيرون مثل "سليم" لتشغيل سياراتهم مرة أخرى في مدينة لا يوجد بها نظام نقل عام فعال.
وفي حين لم يتم الإعلان عن أرقام الأضرار بعد، أوردت دراسة أجريت عام 2015 على فيضانين مشابهين في نوفمبر/تشرين الثاني 2009 ويناير/كانون الثاني 2011 أن أكثر من 10000 منزل و 17000 مركبة دمرها الحدثان مجتمعان.
ويعد العمال الوافدون أكبر الخاسرين من أثر السيول، إذ يعتمدون في الغالب على السيارات الصغيرة للنقل والمطاعم في الغذاء.
وفي هذا الإطار، نقل الموقع البريطاني عن "إسحاق بوندولي"، وهو عامل وافد، قوله إن "العديد من العمال الذين يعتمدون على المطاعم كانوا يعانون من الجوع طوال وقت السيول"، مشيرا إلى أن السلطات بدأت العمل على تطهير المركبات المتكدسة في الشوارع وفتح الطرق.
ولذا فإن القضية التي تدور في أذهان العديد من السكان الآن هي التعويضات والتأمين على السيارات، إذ يفضل الكثيرون في السعودية السيارات المستعملة لأنها ميسورة التكلفة، فيما تميل سياسات شركات التأمين إلى تعويض مالكي السيارات الجديدة.
وإزاء ذلك، أعلن المتحدث باسم شركات التأمين السعودية، "عادل العيسى"، الجمعة ، أنه سيتم دفع تعويضات عن الأضرار الناجمة عن السيول، كما أعلنت سلطات بلدية جدة عن خطة لتعويض المتضررين.
وغالبا ما يشار لجدة، المدينة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 4 ملايين نسمة وتقع بالقرب من البحر الأحمر، باسم "بوابة مكة"، حيث يتجه منها الملايين إلى مكة لأداء مناسك الحج والعمرة كل عام.
وتشهد المدينة سيولا وفيضانات شتوية كل عام تقريبًا، فيما يبدي السكان استياءا متزايدا من ضعف البنية التحتية، وهو ما أدى إلى وفاة 123 شخصا جراء سيول عام 2009.
وبلغ متوسط كلفة أضرار السيول التي ضربت جدة في عامي 2009 و 2011 ما يقرب من 10 مليارات ريال سعودي (2.6 مليار دولار)، بحسب دراسة نشرت عام 2015 في مجلة "جيوماتيكس"
وأشارت الدراسة إلى أن التغير المناخي والتوسع العمراني غير المخطط له كانا سببان رئيسيان وراء تكرار أزمة الأضرار الكبيرة جراء سيول جدة، وتوقعت استمرار حدوثها.
((2)
المصدر | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد