ن.تايمز: السعودية تسعى لإبقاء العالم مدمنا للنفط باستراتيجية عدوانية
بينما تسرع الكثير من دول العالم خطاها من أجل التحول للطاقة المتجددة لخفض الانبعاثات الكربونية وحماية المناخ، تتخذ السعودية خطوات مماثلة؛ لكن لغرض آخر.
جاء ذلك وفق تقرير أوردته مراسلة صحيفة "نيويورك تايمز"، "هيروكو تابوتشي"، التي تدرس رؤية المملكة لمستقبل غني بالنفط.
وترى "تابوتشي" إن الهدف السعودي من بناء المزيد من الألواح الشمسية بسرعة وتوسيع استخدام السيارات الكهربائية، هو رغبة المملكة في حرق كميات أقل من النفط في الداخل (سواء للحصول على الكهرباء أو لغيرها)؛ لتوفير المزيد من الخام لبيعه في الخارج.
وأوضحت المراسلة أن ما سبق، مجرد جانب واحد من "الاستراتيجية العدوانية" طويلة الأجل طويلة التي تنفذها السعودية؛ لإبقاء العالم مدمنًا على استخدام النفط لعقود قادمة، وتظل هي أكبر مورد مع هروب المنافسين.
ونقلت عن مصدرين مطلعين قولهما إن ممثلين عن السعودية دفعوا خلال مشاركتهم في قمة المناخ في مصر (كوب 27) باتجاه عرقلة دعوة المؤتمر العالم لحرق كميات أقل من النفط، وكانت الذريعة السعودية أن البيان الختامي للقمة "لا ينبغي أن يذكر الوقود الأحفوري"
وقالت "تابوتشي" إنه بعد اعتراضات من السعودية وعدد قليل من منتجي النفط الآخرين، فشل البيان في تضمين دعوة للدول للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري.
وذكرت مراسلة "نيويورك تايمز" أن خطة المملكة لإبقاء النفط في قلب الاقتصاد العالمي تلعب دورها في جميع أنحاء العالم في الأنشطة المالية والدبلوماسية السعودية، وكذلك في مجالات البحث والتكنولوجيا وحتى التعليم.
ولفتت "تابوتشي" إلى أن استراتيجية السعودية تتعارض مع الإجماع العلمي على أن العالم يجب أن يبتعد بسرعة عن الوقود الأحفوري، بما في ذلك النفط والغاز؛ من أجل تجنب أسوأ عواقب الاحتباس الحراري.
وأشارت إلى أنه في مسعى آخر من المملكة لإبقاء العالم مدمنا على النفط، فإن شركة النفط السعودية "أرامكو" (المملوكة للدولة) أصبحت ممولًا غزيرًا للأبحاث في قضايا الطاقة الحرجة.
ووفق قاعدة بيانات "Crossref" التي تتعقب المنشورات الأكاديمية، فقد مولت "أرامكو" ما يقرب من 500 دراسة على مدى السنوات الخمس الماضية، بما في ذلك الأبحاث التي تهدف إلى الحفاظ على تنافسية سيارات البنزين أو التشكيك في السيارات الكهربائية.
وإضافة إلى ذلك، تدير أرامكو أيضًا شبكة عالمية من مراكز الأبحاث، بما في ذلك مختبر بالقرب من ديترويت، حيث تعمل على تطوير جهاز متنقل "لاحتجاز الكربون"، وهي معدات مصممة لتوصيلها بسيارة تعمل بالبنزين، وحبس الغازات المسببة للاحتباس الحراري قبل أن تفلت من أنبوب العادم.
على نطاق أوسع، ضخت السعودية 2.5 مليار دولار في الجامعات الأمريكية على مدار العقد الماضي، مما جعل المملكة واحدة من أكبر المساهمين في البلاد بالتعليم العالي.
وأنفقت السعودية ومقربين منها ما يقرب من 140 مليون دولار منذ عام 2016 على جماعات الضغط وآخرين للتأثير على السياسة الأمريكية والرأي العام، مما يجعلها واحدة من أكبر الدول التي تنفق على الضغط الأمريكي.
تعاونت أرامكو السعودية مع كبرى شركات صناعة السيارات، مثل "هيونداي"، لتطوير وقود "فائق الاحتراق" للسيارات الهجينة التي تعمل بالغاز والكهرباء، والتي ستظل تستخدم البترول، لكن في المقابل فإن بعض الأبحاث الممولة سعوديًا تلقي بظلال من الشك على السيارات الكهربائية.
ويقول المسؤولون السعوديون إن الانتقال السريع إلى مصادر الطاقة المتجددة وإلى سيارات كهربائية أنظف من شأنه أن يجلب الفوضى الاقتصادية، وهي وجهة نظر يقولون إنها أثبتتها بسبب الاضطرابات الأخيرة في سوق الطاقة العالمية وسط نقص الإمدادات وارتفاع الأسعار.
وفي هذا الصدد، قال ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان": إن "اعتماد سياسات غير واقعية للحد من الانبعاثات من خلال استبعاد المصادر الرئيسية للطاقة سيؤدي في السنوات المقبلة إلى تضخم غير مسبوق وزيادة في أسعار الطاقة، وزيادة البطالة وتفاقم المشكلات الاجتماعية والأمنية الخطيرة".
وبحلول عام 2027، ستبني المملكة منشأة قادرة على تخزين كمية من ثاني أكسيد الكربون يمكن أن تنبعث منها مليوني سيارة تعمل بالبنزين في غضون عام. سيكون ذلك بمثابة اختراق؛ لأن احتجاز الكربون لم يتم إثبات فعاليته بعد على نطاق واسع.
المصدر | هيروكو تابوتشي/نيويورك تايمز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد