هل جاء إصرار الأمير محمد بن سلمان السّفر عشر ساعات للمُشاركة في قمّة العشرين بإندونيسيا لتبديد الشائعات عن عزلته؟ ولماذا هرع أردوغان وماكرون إلى مقعده لمُصافحته؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 964
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:

يبدو أن خطوات العربيّة السعوديّة ووليّ عهدها الأمير محمد بن سلمان في رفض زيادة الإنتاج النفطي، سمحت للأمير الشّاب الحاكم الفعلي لبلاده بهامش مُناورة كبير، فالعمليّة التخفيضيّة للنفط تمّت بالشراكة مع روسيا، وضمن اتفاق “أوبك+”، ونتج عنها أوّلاً ذهاب الرئيس الأمريكي جو بايدن للرياض فعاد خائباً، ثم ذهب الأمير بن سلمان للمُشاركة في قمّة مجموعة العشرين الثلاثاء، وبعد غيابه عن الأخيرة التي عُقدت في روما لأسبابٍ أمنيّة وأخرى تتعلّق بجائحة كورونا وتداعيات اغتيال الصحافي جمال خاشقجي، وكان قد ألقى كلمة السعوديّة في قمّة العشرين بروما مرئيّاً الملك سلمان بن عبد العزيز.

لا يُمكن بأي حال من الأحوال، إنكار حالة تسلّط الأضواء الإعلاميّة التي رافقت مُشاركة الأمير بن سلمان بقمّة العشرين (17) في بالي الإندونيسيّة، حيث وصل الأخير إلى إندونيسا فجر اليوم الثلاثاء، وذلك لرئاسة وفد بلاده في قمّة قادة دول مجموعة العشرين، وبدا واضحاً أن الأمير بن سلمان، قد بدّد بذلك الحديث عن عُزلةٍ دوليّةٍ، ولعلّ حرص الرئيسين الفرنسي، والتركي على التوجّه لمُصافحته دليل هذا.

الوفد السعودي المُشارك في القمّة، كان لافتاً أنه ضم وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان، ووزير الحرس الوطني الأمير عبد الله بن بندر، إلى جانب شقيق بن سلمان وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان، ووزير الخارجيّة الأمير فيصل بن فرحان، ووزير الداخليّة الأمير عبد العزيز بن سعود إضافة إلى عدد من الوزراء بينهم وزير الماليّة، والصحّة، والبيئة، والاتصالات، ونائب رئيس المراسم الملكيّة راكان بن محمد الطبيشي، وسكرتير ولي العهد بندر بن عبيد الرشيد.

ويبدو من الوفد المُرافق أن الأمير بن سلمان، حرص على اصطحاب جميع أركان حُكومته للمُشاركة في القمّة، وهو يبدو وفدًا كبيرًا يضم شخصيّات رفيعة في الدولة السعوديّة، ممّا يجعله الوفد الأضخم مُنذ عدّة سنوات.

اللقطات كثيرة هي التي جمعت بن سلمان مع الزعماء المُشاركين، ولكن أبرزها، توجّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مقعد ولي العهد السعوي لمُصافحته، ولقطة أخرى لافتة لتوجّه الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان لمُصافحة بن سلمان خلال حديثه مع الرئيس الإندونيسي، في حين كان رفض أردوغان بالمشهد الشّهير في قمّة مجموعة العشرين التي عُقدت في العاصمة الأرجنتينيّة بوينس آيريس العام 2018  مُصافحة بن سلمان، وأشاح برأسه عنه، وهي القمّة التي عُقدت بعد اغتيال خاشقجي.

ولعلّ اللقطة الأبرز، الحديث الجانبي الذي جمع بن سلمان بالرئيس الصيني شي جين بينغ، وفي ظل تراجع العلاقات الأمريكيّة- السعوديّة، وترقّب زيارة رئيس الصين للسعوديّة، وعقد قمّة سعوديّة- صينيّة-، خليجيّة- صينيّة، وعربيّة- صينيّة، ولكن أيضاً التقى الرئيسين الأمريكي والصيني وتصافحا وابتسما لبعضهما البعض “بهدف تحويل الصّراع إلى مُنافسة”، ما يطرح تساؤلات حول التقارب السعودي- الصيني، وموقف السعوديّة وتحالفاتها الجديدة مع روسيا والصين من تقاربٍ مُحتمل بين بكين، وواشنطن.

وتجنّب الرئيس الأمريكي جو بايدن عقد أيّ لقاءات مع الأمير بن سلمان في دلالة واضحة على تراجع العلاقات، واستمرار حالة عدم الثقة وتحميل واشنطن الرياض مسؤوليّة الإضرار بمصالحها بعد تخفيض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل نفط يوميّاً، وأساساً وصل بايدن مُتاخّرًا عن موعد انطلاق قمّة مجموعة العشرين بنصف ساعة، وذلك لانتظاره نتيجة فحص فيروس كورونا، وذلك للاشتباه بإصابته بعد إعلان رئيس الوزراء الكمبودي هون سين ثبوت إصابته بكورونا، بعد استضافة بلاده قمّة آسيان، واستضافة بلاده أكثر من 10 من قادة دول العالم، بينهم بايدن.

وعقد الأمير بن سلمان وبصفة بلاده ضمن أكبر 20 اقتصادًا في العالم لقاءات على هامش قمّة مجموعة العشرين، فلم يعد أحد منهم (الغربيون منهم) يتجنّب لقاءه، والنفط بات سِرُّ اهتمام الجميع، والتقى بن سلمان رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، الرئيس التركي أردوغان، رئيس الإمارات محمد بن زايد، المدير العام لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا.

هُناك مسائل أخرى تدفع قادة العالم للانشغال بها حاليّاً، مثل الحرب الأوكرانيّة- الروسيّة، غياب الرئيس الروسي فلادمير بوتين عن المُشاركة وحُضور وزير خارجيّته سيرغي لافروف مُمثّلاً عنه، أزمة الحبوب والغذاء، مع تقديم المصالح الاقتصاديّة على كافّة الملفات الأخرى ومنها ملف حقوق الإنسان.

مُشاركة الأمير بن سلمان على رأس وفد بلاده في قمّة العشرين في بالي الإندونيسيّة، تأتي بعد مُشاركته في قمّة المناخ التي عُقدت في شرم الشيخ المصريّة، وهذا حُضورٌ له رسائل مفادها بأن الأمير بن سلمان يستطيع السّفر في رحلة طويلة (رحلة تستغرق حوالي 10 ساعات من الرياض إلى بالي) وترك جبهته الداخليّة مع كامل طاقم حُكومته إلى أيّ مكانٍ في العالم، وسيحظى بالحفاوة والترحيب، وقد أنهى أيّ مخاطر واعتراضات تُهدّد وصوله للعرش (ظُهوره مع الأمير متعب بن عبد الله في منزله بالرياض لتعزيته بوفاة والدته)، وكُل ما أُثير عن عزلة دوليّة مفروضة عليه باتت في الماضي بحُكم حرص القادة على الأحاديث الجانبيّة الوديّة معه بقمّة العشرين، وما جرى تداوله عن عدم مُشاركته في القمّة العربيّة بالجزائر لأسبابٍ أمنيّةٍ داخليّةٍ بدا غير صحيح، بدليل مُشاركته في قمّتيّ المناخ، والعشرين.