رغم عودة موسم الحج.. متغيرات عالمية تهدد خطط السعودية لتعزيز السياحة

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 946
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

قطع موسم الحج شوطا كبيرا في العودة إلى طبيعته بعد توقف بسبب تفشي الوباء، حيث وصل عدد الحجاج هذا العام نحو مليون حاج حسب التقديرات الرسمية. وفيما سُمح لـ60 ألف حاج بأداء الفريضة في 2020. لا يزال رقم مليون هذا العام بعيدًا عن 2.5 مليون حاج رحبت بهم السعودية في عام 2019 ويرجع ذلك جزئيًا إلى استمرار قيود "كورونا"، التي تشمل الاختبار ومتطلبات اللقاح والقيود على الأعداد والفئات العمرية.

ويعتبر الحج محركًا رئيسيًا للسياحة في السعودية ويدعم آلاف الوظائف في جميع أنحاء البلاد. على سبيل المثال، شكل مبلغ 12 مليار دولار الذي حققه موسم الحج لعام 2019 ما يقرب من 3.5% من الإيرادات غير النفطية للمملكة في ذلك العام.

ويعد تعزيز السياحة الدينية أيضًا أحد الأهداف الرئيسية لرؤية 2030، حيث تهدف الرياض إلى جذب حوالي 30 مليون حاج بحلول نهاية ذلك العام. وتريد السعودية تحويل هؤلاء الحجاج إلى سياح منتظمين في البلاد بالإضافة إلى جزء من استراتيجية طويلة الأجل لتنويع اقتصاد المملكة بعيدًا عن النفط.

وكانت السعودية في البداية قلقة للغاية بشأن الآثار الصحية "لكورونا"، بالنظر إلى أن العديد من مواطنيها يعانون من أمراض مزمنة مثل السكر وارتفاع ضغط الدم مما يزيد من مخاطر الإصابة الشديدة. وقد أدى ذلك إلى اتخاذ الرياض نهجًا صارمًا في عامي 2020 و 2021 (بما في ذلك تقييد وصول الأجانب لأداء فريضة الحج)، حيث رأت المملكة أن انتشار فيروس قاتل يمثل تحديًا لشرعيتها أكثر من احتمالية عرقلة رؤية 2030.

ولكن مع تلقيح غالبية السعوديين الآن و/أو القدرة على الوصول إلى العلاجات الجديدة، فإن الرياض أقل قلقًا بشأن الارتفاع المحتمل في الإصابات نتيجة موسم الحج، لذلك قررت اتخاذ نهج أكثر مرونة في موسم الحج هذا العام عبر إلغاء إلزامية ارتداء الكمامات وتخفيف قيود السفر.

وبالرغم من العدد المتواضع للحجاج في عام 2022، فمن المرجح أن يتم الاستفادة من تجربة هذا العام لتوسيع الأعداد الموسم المقبل.

وغالبًا ما يدخر الحجاج لسنوات قبل السفر إلى مكة لأداء الحج، والتي تعتبر بالنسبة للكثيرين تجربة لا تتكرر في العمر. ويعني ذلك أن الحجاج الذين خططوا للحج في أعوام الإغلاق ربما لا يزال لديهم المدخرات والعزم على زيارة مكة بمجرد أن تفتح السعودية عددا أكبر من التأشيرات.

ومع زيادة الوصول إلى اللقاحات وعلاجات "كورونا" يمكن للرياض أن تخفف القيود أكثر العام المقبل. ويمكن للمملكة زيادة عدد التأشيرات بما يصل (وربما يتجاوز) 2.5 مليون زائر سافروا إلى السعودية لأداء فريضة الحج في عام 2019.

وتعمل السعودية أيضًا على تعزيز قطاع السياحة التقليدية، حيث تستهدف 70 مليون زائر هذا العام، صعودا من 19.8 مليون في عام 2019. وينمو هذا القطاع بسرعة، وقد بدأت السعودية فقط في تقديم تأشيرات سياحية في عام 2019. وبسبب هذا النمو، ستزداد قدرة السعودية على استضافة المزيد من الحجاج، مع بناء المزيد من الفنادق والمرافق. 

ومع ذلك، فإن ظهور متغيرات أكثر فتكًا من "كورونا" أو حدوث تباطؤ اقتصادي عالمي أطول من المتوقع يمكن أن يعرقل استراتيجية السياحة في السعودية، مما يعرض المستثمرين لخسائر ويدفع الحكومة إلى إعادة صياغة أهداف رؤية 2030، ما يؤدي إلى توقف عدد من المشاريع لتصبح أعمال البناء غير المكتملة أمرا متكررا.

وتعد السياحة والنشاط التجاري من العناصر الرئيسية لبناء اقتصاد ما بعد الهيدروكربونات في السعودية. ومع ذلك، فإن الإيرادات التي تجنيها الرياض من الارتفاع الحالي في أسعار النفط العالمية من شأنها أن تساعد في تخفيف الضربة الاقتصادية والسياسية لأي إغلاق آخر.

ولكن حتى إذا كانت السعودية قادرة على الإبقاء على أبوابها مفتوحة، فإن حالة الاقتصاد العالمي قد تثبط معدلات السياحة، حيث قفزت أسعار الرحلات الجوية بشكل كبير نتيجة ارتفاع أسعار الوقود. وقد تتسبب صدمة التضخم في قيام بعض الزوار باستخدام مدخراتهم التي كانوا يخططون لاستخدامها في برامج الحج والعمرة.

وتشهد العديد من البلدان حول العالم حاليًا زيادة أخرى في حالات "كورونا"، يغذيها متحور جديد سريع الانتشار "أوميكرون بي إيه 5". وتعد السلالة الجديدة شديدة العدوى وقادرة على تجاوز المناعة الناتجة عن اللقاحات والإصابة السابقة. وقد بدأت أبوظبي مؤخرًا إعادة فرض قيود "كورونا"، في أعقاب ظهور الطفرة الجديدة، وقد تضطر السعودية لتبني نهج مشابه.

لكن يظل التهديد الأكبر هو حالة الاقتصاد العالمي التي تؤثر علي قطاع الخدمات (بما في ذلك السياحة) على مستوى العالم. على سبيل المثال، يشهد موسم السياحة في الولايات المتحدة تراجعا ملموسا بسبب ارتفاع تكاليف السفر والمخاوف المتزايدة من الركود الاقتصادي الذي يلوح في الأفق.

 

المصدر | ستراتفور – ترجمة وتحرير الخليج الجديد