في الوقت الذي يترقب فيه الجميع زيارة الرئيس الأمريكي بايدن للمنطقة العربية، عبر عدد من أساتذة العلوم السياسية عن قلقهم من الزيارة، وما سوف يتمخض عنها من نتائج.
جولات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كانت هي الأخرى مثار جدل كبير.
الشراكات الجديدة
د.جمال عبد الجواد أستاذ العلوم السياسية يرى أنه كان على الدول العربية أن تبحث عن شراكات جديدة تعوض بها التخفف الأمريكى، مشيدا بتحرك دول المنطقة شرقا فى اتجاه روسيا والصين، ونسج شبكة علاقات ومصالح معقدة فى مجالات إنتاج وتصدير النفط والتسلح والتجارة والاستثمار، أملا فى تعويض التغير فى الدور الأمريكى، وهو ما تريد الولايات المتحدة من الدول العربية التراجع عنه.
وأضاف عبد الجواد أن الولايات المتحدة العائدة إلى الواقعية فى الشرق الأوسط تريد من الدول العربية فصم علاقات التعاون مع روسيا، والمساهمة فى فرض العزلة عليها، وتريد منها أيضا الخروج من اتفاقات تنظيم صادرات النفط التى عقدتها معها، وذلك بغرض زيادة إنتاج النفط وتخفيض أسعاره لتخفيف الضغط عن الأسواق والاقتصادات العالمية.
تمثل عودة الولايات المتحدة للتعامل بواقعية مع المنطقة فرصة لابد من استثمارها، لافتا إلى أنه سوف يكون على الدول العربية الاستجابة لمطالب أمريكية لإنجاح التحول الحادث فى سياسة واشنطن.
وتابع قائلا: “لكن فى نفس الوقت، فإن الولايات المتحدة لم تعد تتمتع بالثقة العربية التى تمتعت بها فى عقود سابقة، فى حين يتزايد فى داخلها نفوذ تيارات أيديولوجية تزدرى النخب والحكومات العربية، الأمر الذى يفرض على العرب تجنب الاندفاع فى الاستجابة للمطالب الأمريكية، والإبقاء على قدر مناسب من علاقات التعاون مع روسيا، وأيضا الصين، تجنبا لوضع البيض كله فى سلة السياسة الأمريكية المثقوبة سريعة التقلب”.
آن وقت الانعتاق
د. رضا عبد السلام الخبير الاقتصادي ومحافظ الشرقية السابق يدعو العرب لأخذ العبرة والعظة مما فعلته أمريكا وأوروبا مع روسيا.
وتابع عبد السلام قائلا: “أمريكا وأوروبا صادروا رؤوس الأموال الروسية 300 مليار دولار صادروهم، جمدوهم، خدوهم.. فلو قررنا- نحن العرب- أخذ موقف سياسي من الحرب الروسية على أوكرانيا، فماذا ستفعل بنا أمريكا وأوروبا؟”
وقال إن الأموال العربية المهولة في أمريكا والغرب سيتم مصادرتها فورا، لافتا إلى وجود توجه سعودي لإعادة النظر في توزيع محفظة استثماراتها في الولايات المتحدة.
وتابع قائلا: “لا تضع رقبتك تحت ايد حد.
خاصة أنهم يبتزونك ويأخذون مالك وثرواتك ويهينك”.
وذكّر عبد السلام بترامب الذي جاء إلى السعودية وحصد نصف تريليون دولار، وعاد ليقول للأمريكان: عدت ببليون دولار لتوفير ملايين الوظائف للمواطنين الأمريكيين.
وقال إن قادم الأيام ليس لأمريكا، مشيرا إلى أن الدراسات العلمية ( قبل أزمة كورونا وحرب روسيا )تشير إلى أن الصين ستكون أكبر اقتصاد في العالم عام 2033، وبعد أزمة كورونا قالت إن الصين ستصبح أكبر اقتصاد في 2028.
وتوقع عبد السلام أنه بعد أزمة روسيا وأوكرانيا ،قد تصبح الصين القوة الأكبر في 2025.
واختتم عبد السلام حديثه داعيا الدول العربية إلى إعادة ترتيب الأوراق، واللعب مع الجميع، لافتا إلى أننا لن نستطيع فعل ذلك إلا بتقوية أنفسنا.
وأنهى قائلا: “الثروة العربية الخليجية كيف توظف لخدمة الإنسان العربي، لنقوى جميعا، الاتحاد الأوروبي قبل أن تضع أمريكا مناخيرها فيه كان قويا جدا، ثم ضعف.
أدرك السلبيات العربية، ولكنني مع أي خطوة إيجابية تقودنا خطوة للأمام، وتخرجنا من رحم ورحمة الهيمنة الأمريكية والهيمنة الغربية”.
رحلات بن سلمان
برأي د.مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة فإن رحلات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قبل زيارة الرئيس الامريكي بايدن للسعودية واسرائيل والأراضي الفلسطينية وقمته المقبلة مع قادة الخليج ومصر والاردن والعراق تدعو للقلق بسبب ما يتردد عن نيته دعوة هذه الدول للانضمام لحلف عسكري مع الولايات المتحدة ضد ايران ولايخدم سوي اسرائيل والولايات المتحدة.
وتمنى السيد على حكومتنا الالتزام بالموقف الذي اتخذته الحركة الوطنية المصريةمنذ قرن بعدم الانضمام إلى تحالفات عسكرية لاتخدم سوى أهداف أعداء العرب وتجر الدول العربية لمواجهات عسكرية لن تعود عليها إلا بالخسارة.