بن سلمان يوازن زيارة تركيا بضم قبرص واليونان إلى جولته الإقليمية

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 998
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

كان بإمكان الزيارة المرتقبة لولي العهد السعودي أن تجعل الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" سعيدًا لو لم يضف "محمد بن سلمان" اليونان وقبرص إلى جولته، حيث تأتي رحلة الأمير كرسالة مفادها أن السعودية ليس لديها نية لإغضاب أصدقائها أثناء إصلاح العلاقات مع تركيا، في وقت تتصاعد فيه التوترات بين تركيا واليونان.

ووفقًا لـ"رويترز"، فإن الجولة المقررة لولي العهد السعودي تتضمن أيضًا مصر والأردن، ولا يزال الجدول الزمني قيد المناقشة.

وقال مصدران للوكالة إن الرحلة قد تتم قريبًا في يونيو/حزيران.

 

دوافع التقارب

إن تصورات الرياض بشأن التهديد الإيراني المتزايد، وتعثراتها في حرب اليمن، والتغيرات في السياسة الأمريكية يمكن أن تكون كلها أسبابًا للتقارب مع تركيا.

كما أن فكرة وجود محور سني ضد إيران في سوريا والعراق واليمن ولبنان تساعد في تقريب الرياض وأنقرة على الرغم من تعاونهما مع جهات محلية مختلفة على الأرض.

واشتبكت أنقرة وطهران حول مجموعة من القضايا في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وطريق التصدير المحتمل للغاز الكردي، وملاحقة تركيا للمسلحين الأكراد على أراضي كردستان العراق والتهديدات بالتدخل أيضًا في سنجار، والتشارك في المياه العابرة للحدود وشبح عملية عسكرية تركية جديدة في سوريا.

وقد يكون لدى "أردوغان" دوافع أخرى للتصالح مع "بن سلمان" رغم أنه سعى إلى تشويه سمعته دوليًا بعد مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" في القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018.

وبالنسبة للعديد من المراقبين، فإن سعي "أردوغان" لتخفيف الأزمة المالية في تركيا هو السبب الأكثر إلحاحًا.

علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي إصلاح العلاقات مع السعوديين إلى تخفيف مشاكل تركيا الإقليمية إلى حد ما.

وستظل أنقرة تواجه عقبات في علاقاتها مع مختلف الدول العربية ما دامت العلاقات متوترة مع الرياض، ويمكن للسعودية أن تؤثر على تلك العلاقات - سلبًا أو إيجابًا - بفضل عقود من تقديم المساعدات المالية وتصدر دور قيادة العالم الإسلامي.

وبالفعل، وجدت تركيا تأثير هذا النفوذ السعودي في عدة دول بما في ذلك مصر وليبيا والصومال والسودان وتونس.

 

قلب التوازن شرق المتوسط

وقفت السعودية والإمارات إلى جانب الرباعي (مصر واليونان وقبرص وإسرائيل) الذي عزل تركيا في شرق البحر المتوسط​​ بالرغم أن الدولتين الخليجيتين ليستا منخرطتين بشكل مباشر في هذه القضية.

ويتمثل أحد الأهداف الرئيسية لحملة تركيا لتطبيع العلاقات مع مصر وإسرائيل والدول الخليجية ذات الوزن الثقيل في قلب التوازن في شرق البحر المتوسط ​​لصالحها، وهو ما يجعل اليونان في حالة تأهب ضد فقدان أصدقائها العرب.

وتأتي خطة ولي العهد لزيارة تركيا في أعقاب رحلة "أردوغان" للمملكة لإصلاح العلاقات في أبريل/نيسان.

وقد يبدو الأمر كأنه مبادلة زيارة بزيارة، إلا أن ضم اليونان وقبرص إلى نفس الجولة قد يحبط الحالة المزاجية في أنقرة، بالنظر إلى آمال تركيا في تحقيق مكاسب ضد منافسيها التاريخيين في شرق البحر المتوسط.

لم يكن للسعوديين دور مباشر في الخلافات، لكن تضامنهم مع اليونان وقبرص أثار حفيظة أنقرة.

وفي مارس/آذار 2021، أرسلت المملكة طائرات حربية إلى اليونان في إطار مناورات عسكرية مشتركة، موضحة الجانب الذي تنحاز إليه في الخلافات.

في الشهر التالي، وافقت أثينا على إمداد الرياض بنظام الدفاع الجوي "باتريوت" للمساعدة في حماية البنية التحتية السعودية ضد الهجمات الصاروخية من اليمن.

وتعد جولة ولي العهد لافتة أيضًا في توقيتها، حيث تأتي وسط التوترات التركية اليونانية المتزايدة.

وفي الأسبوع الماضي، هاجم "أردوغان" رئيس الوزراء اليوناني "كيرياكوس ميتسوتاكيس" بسبب الضغوط التي مارسها على الكونجرس ضد تركيا.

في غضون ذلك، بدأ القبارصة اليونانيون التنقيب عن الغاز في منطقة متداخلة مع المنطقة الاقتصادية التي تطالب بها أنقرة.

كانت مقابلة "أردوغان" الدافئة لـ"بن سلمان" أبرز ما في رحلته إلى السعودية، لكنه عاد دون توقيع أي اتفاقيات، وليس من الواضح حاليا ما ستسفر عنه زيارة "بن سلمان" لتركيا.

وأبدت أنقرة تحفظا على الحديث حول الزيارة منذ أن نشرت "رويترز" الأخبار في 23 مايو/أيار.

ونقلت "رويترز" عن مسؤول تركي تصريحًا مقتضبًا ذكر فيه أن موضوعات المناقشة ستكون "التجارة الثنائية، والتنمية الإقليمية، واتفاق مبادلة عملة محتمل، ومشاريع الاستثمار والطاقة الأخرى".

ويقال إن السعوديين مهتمون بشراء الطائرات المسيرة التركية من طراز "بيرقدار TB2".

 

بين الآمال والإحباطات

ويأتي تقارب تركيا مع السعودية في أعقاب مصالحتها مع الإمارات، والتي حدثت بسرعة إلى حد ما ولكنها لم تحقق بعد الخطوات الكبيرة التي تتوقعها أنقرة فيما يتعلق بالتجارة والاستثمارات.

وطرحت أنقرة مشاريع سكك حديدية وطرق برية لربط تركيا والخليج عبر العراق، وركزت مناقشاتها مع الإمارات على فرص الاستثمار في مختلف القطاعات، من الطاقة المتجددة إلى الرعاية الصحية.

ويهدف الجانبان إلى إبرام اتفاقية تجارة حرة شاملة بحلول نهاية العام.

وقد يستغرق التقدم مع السعوديين وقتاً أطول، بالنظر إلى تضرر العلاقات الثنائية بشدة بسبب قضية "خاشقجي"، الأمر الذي شوه الصورة الإصلاحية والتقدمية التي كان "بن سلمان" يحاول إظهارها للعالم، حيث شاركت أنقرة تفاصيل جريمة القتل المروعة مع وكالة المخابرات المركزية.

ولعب "ميتسوتاكيس" والرئيس القبرصي "نيكوس أناستاسياديس" أدوارًا مهمة في كسر العزلة الدبلوماسية لولي العهد.

وتتزامن جولة "بن سلمان" المقبلة أيضًا مع سعي الولايات المتحدة لإصلاح العلاقات مع السعودية وإقناعها بزيادة إنتاج النفط لتعويض تأثير حرب أوكرانيا على أسعار النفط.

وبالتالي، فإن "بن سلمان" لديه نفوذ أكبر في التعامل مع أنقرة الآن.

ومن خلال الجمع بين رحلته إلى تركيا وزيارته إلى اليونان وقبرص، يبرز ولي العهد عزمه على الحفاظ على علاقات الرياض مع البلدين.

وفعلت مصر الشيء نفسه بعد إطلاق محادثات المصالحة مع تركيا العام الماضي، حيث أظهرت التزامها بعلاقاتها مع اليونان ومنتدى غاز شرق البحر المتوسط​ (هيئة إقليمية تستثني تركيا).

في غضون ذلك، يأمل "أردوغان" أن تصبح تركيا طريقا لإمدادات الغاز البديلة إلى الاتحاد الأوروبي الذي يسعى لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي، ويأمل في إبرام صفقات مع إسرائيل ومصر قريبًا مدعومًا بقرار واشنطن إلغاء دعم مشروع خط أنابيب "إيست ميد" لنقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر قبرص واليونان.

ومع ذلك، يعمل الاتحاد الأوروبي بالفعل على صفقة لاستيراد الغاز الإسرائيلي عبر مصر، والتي بموجبها سيتم تسييل الإمدادات الإسرائيلية في مصر قبل شحنها إلى أوروبا.

باختصار، من غير المرجح أن يتغير التوازن في شرق البحر المتوسط ​​بسهولة لصالح تركيا على المدى القصير، حتى لو استمرت علاقات تركيا مع مصر وإسرائيل والخليج في التحسن.

وقد لا تأتي الاستثمارات الأجنبية التي يريدها "أردوغان" بالوتيرة والحجم المطلوبين  قبل انتخابات العام المقبل.

ومع هذه العقبات، يمكن ألا تعدو آماله عن كونها مجرد أمنيات.

المصدر | فهيم تستكين | المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد