كيف تبدّل أردوغان مع بن سلمان خلال زيارته للسعوديّة وهل نجح خاشقجي برسم الابتسامة على مُحيّا الزعيمين؟..

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1084
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

الملك سلمان عاد للمشهد ولماذا اصطحب الرئيس التركي وزيريّ العدل والدفاع؟.. والزيارة بطلب من أنقرة أم تلبية لدعوة من الملك؟ وأمير مكّة استقبل “السلطان” في المطار!

عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:

 

نجح الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان فيما يبدو بفتح البوّابات السعوديّة أمامه، بعد إغلاق قضيّة مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، ونقل مُتّهميها للقضاء السعودي، فها هو وبعد إلغاء زيارته التي أعلن عنها في فبراير الماضي للسعوديّة، يستقبله العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، والأهم الأمير محمد بن سلمان وليّ العهد، المُتّهم غربيّاً بإعطاء الأمر المُباشر للاغتيال.

في الاستقبال لأردوغان، لم تُغيّر المملكة المراسم التي كانت في استقباله العام 2017، أي قبل تأزّم العلاقات على خلفيّة دعم أنقرة للدوحة في أزمتها الخليجيّة ومُقاطعتها، والتصعيد في ملف اغتيال خاشقجي، فقد كان في استقباله أمير منطقة مكّة خالد الفيصل، وكان في استقباله الفيصل أيضاً أمس الخميس، يخرج الأمير محمد بن سلمان لاستقبال ضيوفه في المطار في بعض الأحيان، في إشارةٍ على اهتمامه بالضيف، وقد فعلها مثلاً مع أمير قطر تميم بن حمد، وذلك بعد الخلاف والمُقاطعة بينهما.

اللافت في استقبال أردوغان سعوديّاً أيضاً، أنه جرى استقباله من قبل الملك سلمان، حيث الأخير غاب عن الأنظار في عدّة مناسبات هامّة، أبرزها قمّة العلا التصالحيّة، والقمّة الخليجيّة، وعن استقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ولكنّه عاد للمشهد، بعد تأويلات عديدة، أهمّها المرض، وصُعود بن سلمان للعرش ملكاً، فيما رأى البعض أن الملك سلمان خرج لاستقبال أردوغان في قصر الحُكم لأهميّته، وحرصه على تمتين العلاقات بين قيادتيّ العالم الإسلامي “السنّي”، ولم يتوجّه إلى مكّة كما يفعل عادةً في العشر الأواخر من شهر رمضان.

ويُعوّل الرئيس أردوغان على الزيارة التي تستمر ليومين، في رفع الحظر السعودي عن بضائعه ومنعها من الدخول للمملكة حتى التلف، وعودة رحلات الطيران والسياحة لاسطنبول، ووقف الحملات التحريضيّة لمُقاطعة المُنتجات التركيّة، وقد اصطحب أردوغان في الوفد المُرافق عددًا من كبار المسؤولين، بينهم وزراء داخليّة، والدفاع، والعدل، والماليّة، ولافت بالأكثر اصطحابه وزير العدل التركي للسعوديّة، والذي وافقت وزارته على نقل ملف خاشقجي للمملكة، وبالتالي تعهّد كامل أمام السعوديين بعدم فتح الملف نهائيّاً، وتحت أيّ ظُروف.

وخلال جلسة المُباحثات بقصر السلام الملكي في جدة التي عقدت بين ولي العهد السعودي والرئيس التركي، برز مشهد المُصافحة والعناق الذي جمع بين بن سلمان، وأردوغان، فظهر الأمير الشّاب الحاكم الفعلي لبلاده باسماً مُعانقاً للسلطان التركي الذي عانقه هو الآخر، في مشهد أعاد للأذهان، حالة الجفاء والغضب والامتعاض التي ظهرت على مُحيّا الأمير بن سلمان، حين اجتمعا في أوّل لقاء في قمّة العشرين بالأرجنتين بعد مقتل خاشقجي، وحينها كان أردوغان رافضاً وغاضباً لمُصافحة بن سلمان، مُتجاهلاً وجوده حين التقاط الصورة الجماعيّة للزعماء المُشاركين، ويتوعّد بكشف تورّطه المُباشر في عمليّة الاغتيال الدمويّة بالدلائل، أما الآن فيبدو المشهد للمُعلّقين بتخلّي أردوغان عن دماء خاشقجي، وضرب كُل وعوده في ذلك السّياق عرض الحائط، مُقابل منافع اقتصاديّة سياسيّة سعوديّة، في ظِل ارتفاع التضخّم في تركيا بنسبة 60 بالمئة، وتراجع القُدرة الشرائيّة، وتأرجح الليرة التركيّة أمام الدولار (14 ليرة مُقابل الدولار).

ووسط جدل منصّاتي أن الزيارة جاءت بدعوة من الملك سلمان، أو بطلب من أنقرة، أكّد أردوغان في سلسلة تغريدات أن زيارته تأتي تلبيةً لدعوةٍ من ملك السعوديّة، كما أنها ستفتح الأبواب أمام عهد جديد مع المملكة التي وصفها بالصّديقة والشّقيقة.

وأدّى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة، مناسك العمرة خلال زيارته للمملكة التي تستغرق يومين وبعد لقائه القيادة السعوديّة، وأقام العاهل السعودي مأدبة عشاء رسميّة تكريمًا للرئيس التركي، ورصدت حسابات تواصليّة تزيين مُحافظة جدّة بالأعلام التركيّة، في حين وصلت الحملات السعوديّة ما قبل تحسّن العلاقات إلى اعتبار شراء المُنتجات ومُشاهدة الدراما التركيّة بمثابة الخيانة للوطن.

وتُطرح تساؤلات فيما إذا كان تحسّن العلاقات بين أنقرة والرياض، سيدفع بمزيد من التعاون العسكري بين البلدين، وما إذا كان يُمكن لتركيا مُساعدة السعوديّة في حربها على اليمن، وبيعها طائرات بيرقدار المُسيّرة، والتي أزعجت روسيا خلال اجتياحها لأوكرانيا، فوزير الدفاع التركي تحديدًا كان حاضرًا مع الوفد المُرافق لأردوغان.

ومن غير المعلوم، إذا كانت زيارة أردوغان مُقتصرةً على تلبية الطلب السعودي في إغلاق ملف خاشقجي، مُقابل رفع الحظر السعودي عن بضائعه في المقام الأوّل، وما إذا كان قد طلب الرئيس التركي من الأمير بن سلمان الإفراج عن بعض القيادات الإسلاميّة الإخوانيّة السعوديّة، ووقف الهُجوم الإعلامي السعودي التحريضي على تركيا، في حين بدأت أنقرة التخلّي أساساً عن “الإسلام السياسي”، والعودة لسياسة “تصفير المُشكلات” مع جميع الدول، ويُمكن لأنقرة أن تلعب دور الوسيط في تطبيع العلاقات بين السعوديّة، ودولة الاحتلال الإسرائيلي مع انفتاح أردوغان على الأخيرة، في حين يرى الأمير بن سلمان بإسرائيل “حليفاً مُحتملاً”.

من الصّعب استباق الأحداث والحُكم على نتائج هذه الزيارة التي وصفها الكثير من المُعلّقين بأنها كانت تنازلاً تُركيًّا ضخمًا، وتجاوبًا مع كُل الشّروط التي فرضها الأمير بن سلمان التي وصفته بعض التعليقات أنه أدار الأزمة بجدارة مع الرئيس التركي، ولكن من غير المُستبعد أن يكون التأنّي على الطّريقة المِصريّة، وعدم الاندفاع في تحسين العلاقات هو النّهج السعودي في هذا الملف، خاصَّةً أن هُناك تنسيقًا استراتيجيًّا بين مِصر والسعوديّة في هذا المِلف تحديدًا.

بيع تركيا طائرات بيرقدار المُسيّرة للسعوديّة لدعم حربها في اليمن ربّما يُؤدّي إلى توتّر في علاقات المملكة مع إيران التي بدأت بالتحسّن بعد جلسة المُفاوضات الخامسة بين البلدين، التي انعقدت قبل أيّام في بغداد، ويُمكن أن يُقال الشّيء نفسه عن علاقاتها مع إدارة الرئيس جو بايدن الأمريكيّة أيضًا المُتوتّرة أصلاً في الوقت الرّاهن.

زيارة أردوغان للسعوديّة عزّزت موقف الأمير السعودي الحاكم الفِعلي للبلاد، وأضعفت موقف أردوغان في أوساط حُلفائه من أنصار أيديولوجيّة الإسلام السياسي في المنطقة العربيّة، حسب تقديرات عديدة على وسائط التواصل الاجتماعي.