هل ما زال الرئيس اليمني المعزول هادي مُحتَجزًا في قصره بالرياض؟ وهل جرى إجباره على الاستِقالة على “الطّريقة الحريريّة” مثلما كشفت إحدى الصحف الأمريكيّة المُقرّبة من الأمير بن سلمان؟ ولماذا لم يتأسّف عليه إلا القلّة من اليمنيين؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1199
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

إذا صحّت الأنباء التي نشرتها صحيفة “وول ستريت جورنال” أمس الأحد وتؤكّد أن وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أعطى الرئيس اليمني عبد ربه هادي منصور مرسومًا كتابيًّا لتفويض جميع صلاحيّاته إلى المجلس الرئاسي الانتقالي وطلب منه قراءته أمام عدسات التّلفزة، ونعتقد أنها أقرب إلى الصحّة، فهذا يُؤكّد حُدوث مُراجعات من القِيادة السعوديّة لسياساتها في اليمن، واعتِرافها بأن رِهانها مُنذ اليوم الأوّل على الرئيس هادي لم يكن مُوَفّقًا على الإطلاق.

نقول إن هذا التقرير ينطوي على الكثير من الصحّة، لأن هذه الصّحيفة مُقرّبة من الأمير بن سلمان، وكانت ولا زالت منبرًا للكثير من تسريبات الفريق المُحيط به حول تطوّرات الأوضاع في اليمن، وخصّها أكثر من مرّةٍ بمُقابلاتٍ صحافيّة خاصّة، ولعلّ الهدف من هذا التّسريب الأحدث هو إيصال رسالة إلى الأطراف اليمنيّة وخاصَّةً تحالف حركة “أنصار الله” الحوثيّة، بأنّ الرئيس هادي انتهت صلاحيّته كُلِّيًّا، وأن الرئيس اليمني الجديد رشاد العليمي هو عُنوان المرحلة الجديدة، وخِيار التحالف السعودي الإماراتي.

احتِجاز الرؤساء الأجانب من حُلفاء المملكة أمر طبيعي في الرياض وغير مُفاجئ على الإطلاق، ولا يقتصر على الرئيس هادي، فالسيّد سعد الحريري رئيس وزراء لبنان السّابق واجَه المصير نفسه وهو في ذروة تولّيه لمنصبه، وجرى إجباره على قراءة بيان استِقالته بعد ضربه وإهانته، ولولا تدخّل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شخصيًّا، لبقي السيّد الحريري مُحتَجَزًا في منزله حتى كتابة هذه السّطور.

نشرح أكثر ونقول، إن الرئيس هادي ليس أكثر أهميّة من العديد من الأمراء السعوديين البارزين أمثال الأمير محمد بن نايف وليّ العهد الأسبق، أو بعض أبناء العاهلين السّابقين الأمير فهد بن عبد العزيز، والأمير عبد الله بن عبد العزيز، شقيقي العاهل السعودي الحالي سلمان بن عبد العزيز، الذين يعيشون حاليًّا، ومعهم العشرات من أُمراء الأُسرة الآخرين، تحت الإقامة الجبريّة ومحظور عليهم السّفر ومُغادرة البِلاد في إطار سياسة القبضة الحديديّة التي يُطبّقها وليّ العهد السعودي الحاكِم الفِعلي للبِلاد.

الرئيس هادي في نظر القِيادة السعوديّة فشل في مُهمّته في توحيد أبناء الشعب اليمني تحت مظلّة شرعيّته، ولم يملك الكاريزما التي تُؤهّله لقِيادة البِلاد في مُواجهة حركة “أنصار الله” التي أطاحت بحُكمه، وأصبح عبئًا ثقيلًا على حُلفائه السعوديين والإماراتيين، وتعرّض لانتقاداتٍ شرسة من قِبَل الكثير من الشخصيّات التي من المُفترض أن تكون حليفه له تقف في خندقه، وتُقاتل تحت رايته، مُضافًا إلى ذلك الاتّهامات المُوجّهة إليه وبعض أبنائه والمُقرّبين منه بالفساد، ولهذا جاء خُروجه من المشهد اليمني حتميًّا، سواءً بالاستِقالة أو الإقالة، فالأمْر سيّان.

مرحلة الرئيس هادي التي استمرّت لسبع سنوات من الحُروب، انتهت بطريقةٍ مأساويّة له ولحُلفائه، فلم ينجح في الحرب، ولم ينجح في السّلم، ويظَل السّؤال الأهم حول ما إذا كانت القِيادة الرئاسيّة الجديدة، أفضل حالًا أم لا، رغم أن خطوتها الأولى بالعودة إلى عدن جاءت مُختلفة، ومدعومة بثلاثة مِليارات دولار من الرياض ولا نعرف ما إذا كان هذا التّحالف الجديد المليء بالتّناقضات، قادر على أن يُحافظ على تماسكه أوّلًا، وتقديم أداء سياسي عسكري أفضل ثانيًا، وتطول فترة إقامته في عدن ثالثًا، وقُدرته إلى أن يكون نِدًّا قَويًّا لحركة “أنصار الله” رابعًا.

السيّد محمد عبد السلام، رئيس وفد التحالف الحوثي في المُفاوضات والمُتحدّث باسمه، نشر تغريدة على حسابه في “التويتر” تقول “إن إنشاء المجلس الرئاسي الجديد مُحاولة يائسة لإعادة ترتيب صُفوف المُرتزقة للدّفع بهم نحو مزيد من التّصعيد”، الأمر الذي يعني للوهلة الأولى أن حركته لا تعترف بالمجلس الجديد، أو رئيسه خليفة هادي، وأن احتمالات صُمود هُدنة الشّهرين الحاليّة تبدو ضعيفة، والشّيء نفسه يُقال عن احتماليّة الانخِراط في مُفاوضاتٍ جادّة بعد نهايتها خاصَّةً أن الاتّهامات عن الاختِراقات لهذه الهدنة من الجانبين مُتزايدة بشَكلٍ لافت.

قليلون يتأسّفون على رحيل الرئيس هادي، وأقل منهم من يتعاطفون معه، أو يعبأون باحتِجازه أو منعه حتى من استِخدام الهاتف، وهذا أمرٌ ليس مُستَغربًا، لأنّه كان فاقد السّيادة، وقراره مَرهونٌ عند حُلفائه، ولم يكن إلا مُجرّد دُمية في أيديهم، واللُه أعلم.

 

“رأي اليوم”