الانقلاب المُزكّى أميركياً: رَجل واشنطن يرث هادي

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1166
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

صنعاء | أنهت القرارات التي أعلنها الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، فجر الخميس، رسمياً، حالة ما تُسمّى «الشرعية»، عبر نقلها السلطة بشكل كلّي من هادي ونائبه علي محسن الأحمر، إلى مجلس رئاسي تمّ تشكيله بناءً على مقترحات أميركية - بريطانية سابقة، جرى تداولها منذ عدّة أشهر، وسبق لهادي أن رفضها خلال لقائه المبعوث الأميركي إلى اليمن، تيم لينيدركينغ، الشهر الفائت. وحتى ظهوره الأخير خلال مأدبة إفطار أقيمت للمشاركين في مشاورات الرياض، كان هادي يجدّد تمسّكه بـ«المرجعيات الثلاث» التي تُبقيه رئيساً انتقالياً، إلّا أنّ «انقلاباً أبيض» عليه قاده وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، انتهى بعزله ونائبه، وتشكيل مجلس رئاسي جديد مكوّن من ثماني شخصيات سياسية وعسكرية، وفق مبدأ المناصفة بين الجنوب والشمال.
مصادر سياسية يمنية في الرياض شكّكت في أن يكون هادي قد تخلّى طوْعاً عن صلاحياته، واعتبرت ما حدث «نتيجة اتفاق مسبق بين أعضاء الرباعية الدولية التي ناقشت مقترح تشكيل مجلس رئاسي أو تعيين نائبَين لهادي أحدهما يمثّل الشمال والآخر الجنوب». وقالت المصادر إن ممثّلي «الإصلاح» في مشاورات الرياض رفضوا المقترحَين المذكورَين بشكل كلّي، لتتطوّر الخلافات إلى مشادّات كلامية مع أعضاء «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات، والذين طالبوا بعزل الأحمر، متّهمين إيّاه بإفشال تنفيذ بنود «اتفاق الرياض» المُوقّع أواخر عام 2019. ووفقاً لمصادر ديبلوماسية، فإنّ السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، تدخّل وفضّ الاجتماع، ولم تنعقد جلسة فريق الإصلاحات السياسية عقب ذلك. وبينما كان من المرجّح أن يتمّ إعلان اختتام المشاورات أمس كما هو محدَّد لها، تفاجأ الجميع بقرار عزل الرئيس ونائبه.

وفي التفاصيل، فإن عملية الانقلاب حدثت خلال ساعات، وبدأت بلقاء ابن سلمان الشخصيات التي تَشكّل منها المجلس الرئاسي لاحقاً، منذ الساعة الحادية عشرة من مساء الأربعاء حتى الواحدة من فجر الخميس. وبعد انتهاء الاجتماع الذي لم يكن يعلمه هادي، عقد وليّ العهد لقاءً منفصلاً مع الرئيس المنتهية ولايته، استمرّ لما يقرب من 45 دقيقة. ووفقاً للمصادر، فإنّ ابن سلمان «طلب بحزم» من هادي التوقيع على قرار تشكيل «الرئاسي»، بعدما رفض الأخير نقل صلاحياته وأبدى موافقته على تعيين نائب توافقي له أو نائبَين، لكن ابن سلمان كان قد عزم على إنهاء حقبة «الشرعية» بشكل كلّي. وعقب خروجه من الاجتماع، تولّت الاستخبارات السعودية مهمّة إجبار هادي على تسجيل كلمة أعلن فيها نقل صلاحياته، ليلتقي ابن سلمان إثر ذلك أعضاء «الرئاسي»، ويُوجّه بتقديم دعم فوري للاقتصاد اليمني، توزّع ما بين 600 مليون دولار لصندوق دعم شراء المشتقّات النفطية، و400 مليون دولار لدعم المشاريع التنموية.

وكان قد جرى الحديث، سابقاً، عن رغبة أميركية - بريطانية في تعيين القيادي في حزب «المؤتمر الشعبي العام» - جناح الخارج، رشاد العليمي، بديلاً لهادي، ليتحقّق ذلك بالفعل فجر أمس، فيما تمّ حسم الخلافات بين القوى الموالية للتحالف السعودي - الإماراتي، بمنح ممثّليها صلاحيات نائب رئيس الجمهورية. وتمثّلت الإمارات في المجلس - في حصّة الجنوب - عبر كلّ من رئيس «الانتقالي» عيدروس الزبيدي، والقائد العام لـ«ألوية العمالقة» السلفية عبد الرحمن أبو زرعة، ومحافظ حضرموت فرج البحسني، إضافة إلى طارق صالح في حصّة محافظات الشمال. وبينما نال حزب «المؤتمر» ثلاثة مقاعد شغلها إلى جانب صالح، رئيس المجلس نفسه رشاد العليمي، ومستشار هادي، عثمان مجلي، حظي حزب «الإصلاح» بمقعدَين لمدير مكتب هادي عبد الله العليمي باوزير، ومحافظ مأرب سلطان العرادة.
في المقابل، أعلنت أكثر من شخصية رفضْها المشاركة في المجلس، كحال مدير مكتب هادي السابق، أحمد صالح العيسي، الذي قال في تغريدة له إنه «تمّ اختياري في المجلس الرئاسي فرفضْت، ولن أكون شريكاً في بيع سيادة وقرار البلد وملشنتها»، وأكّد أن «تشكيلة المجلس جاءت بضغط سعودي لتمكين الانتقالي وطارق صالح من المشاركة في إدارة مستقبل اليمن». ويرى مراقبون سياسيون في صنعاء أنّ قرار نقل السلطة من هادي إلى مجلس رئاسي أنهى عملياً «المرجعيات الثلاث»، ونسف القرار الدولي 2216. فيما وصف مقرّبون من حزب «الإصلاح» ما حدث بأنه «انقلاب كامل الأركان على شرعية هادي ونائبه»، معتبرين إيّاه «أمراً مُدبّراً اتّخذ من مسرحية مشاورات الرياض ذريعة جديدة للانقلاب». مع ذلك، فقد تمّ منح «الإصلاح» مشاركة أوسع في الهيئات التابعة للمجلس، كـ«هيئة التشاور والمصالحة» التي تضمّ 50 عضواً، فضلاً عن تعيين موالين للحزب في اللجان القانونية والاقتصادية.