عودة السفراء الخليجيين إلى بيروت بعد قطيعة استمرّت خمسة أشهر.. منّ الذي تنازل لِمَنْ؟ وهل أُزيلت الأسباب الحقيقيّة لسحبهم؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1258
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

 ولماذا تزامنت هذه العودة مع الانقِلاب السعودي على “الشرعيّة” اليمنيّة؟ وتخفيف الحِصار عن حُكومة صنعاء “الحوثيّة”؟

رحّبت السّلطات اللبنانيّة بعودة سفيريّ السعوديّة والكويت إلى مقرّ عملهما في بيروت صباح اليوم الجمعة، ومن المُنتظر أن يلتحق بهما سفيريّ دولة البحرين والإمارات قريبًا، بعد غيابٍ استمرّ أكثر من خمسة أشهر على أرضيّة تصريحات لوزير الإعلام المُستقيل جورج قرداحي أدلى بها قبل أشهر من تولّي منصبه، ووصف فيها الحرب اليمنيّة بالعبثيّة، وأكّد أن حركة “أنصار الله” الحوثيّة تُدافع عن نفسها في مُواجهة عُدوان خارجي مُمثّلاً في التحالف السعودي الإماراتي.

البيان الرسمي السعودي برّر هذه العودة بالقول “إن هذه الخطوة جاءت بعد تعهّد الحُكومة اللبنانيّة بوقف كُل الأنشطة السياسيّة والعسكريّة والأمنيّة التي تَمُس المملكة، ودول مجلس التعاون الخليجي”، ودون أيّ تحديد نوعيّة هذه الأنشطة، لكن من المُعتقد أنها إشارة إلى استضافة “حزب الله”، اللبناني لأنشطة للمُعارضة الخليجيّة في بيروت، واستِضافة مُؤتمر لشخصيّات سعوديّة وبحرينيّة في الضّاحية الجنوبيّة من بيروت.

وبينما كانت بعض الأحزاب اللبنانيّة السنّية والمسيحيّة المُقرّبة من الرياض مُستاءة من غِياب السّفراء الخليجيين الأربعة، وفشل لكُل الجُهود المَبذولة لحل الأزمة، بما في ذلك “إجبار” الوزير القرداحي على الاستِقالة فإنّ كُتلة المُقاومة التي يتزعّمها “حزب الله” لم تُعِر أيّ اهتِمام لغِياب السّفراء، واعتبرت سحبهم أزمة مُفتعلة تُشَكّل إهانةً واستخفافًا بلبنان وسيادته.

قُلناها في هذا المكان، ولا يُضيرنا تِكرارها، أن الأزمة لم تكن بسبب تصريحات السيّد قرداحي، وإنما بسبب قوّة “حزب الله” وأنصاره، ودعم الحزب لحركة “أنصار الله” الحوثيّة في الحرب اليمنيّة سياسيًّا وإعلاميًّا وعسكريًّا، وربّما ليس من قبيل الصّدفة أن تتزامن عودة السّفراء مع مُؤتمر الحِوار بين المُكوّنات السياسيّة اليمنيّة في الرياض، وتشكيل مجلس قيادي رئاسي للتّحاور مع حركة أنصار الله، وإبعاد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ونائبه اللواء على محسن الأحمر من منصبيهما، وإعلان هُدنة لمُدّة شهرين بمُناسبة شهر رمضان وبتَغطيةٍ أُمميّة.

دول الخليج التي سحبت سُفراءها كانت في اعتقادنا المُتضرّر الأكبر من الإقدام على هذه الخطوة الانفعاليّة بسحب السّفراء من لبنان، لأن الهدف الحقيقي من الإقدام عليها أيّ “هيمنة” حزب الله على الواقع السّياسي اللبناني، مثلما قال الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجيّة السعودي، ما زال قائمًا، هذا إذا افترضنا أنها تُهمة صحيحة، فالحزب ما زال قويًّا، ودعمه لحُكومة صنعاء ما زال مُسْتَمِرًّا ولم يَنقُص بوصةً واحدة.

مُشكلة لبنان الرئيسيّة تكمن في ضَعف قطاع عريض فيه أمام حُكومات دول الخليج، وحِرصه على استِمرار التبعيّة لها طمعًا في مُساعداتها الماليّة رُغم أن هذه المُساعدات توقّفت تقريبًا، وأن مُعظم رموز هذ القطاع يتحمّلون مسؤوليّة الأزمة الاقتصاديّة الطّاحنة لفسادهم، وفشل حُكوماتهم التي تزعّموها بحُكم تقاسُم السّلطات الطائفيّة.

رُغم تحفّظاتنا العديدة في هذه الصّحيفة “رأي اليوم” على مُبالغة بعض الأطراف اللبنانيّة في إرضاء حُكومات خليجيّة، سواءً لأسبابٍ سياسيّة طائفيّة، أو لمصالح ذاتيّة، فإنّنا نُرَحِّب بعودة السّفراء والاستِفادة من دُروس سحبهم وما ترتّب عليها من أضرار، سواءً للحُكومات التي اتّخذت هذا القرار “النّزق” أو للبنان نفسه، تقديرًا لظُروف لبنان الحاليّة الصّعبة ونتمنّى في الوقت نفسه التِزام الطّرف الآخَر (الخليجي) بعدم التدخّل في الشّؤون اللبنانيّة الداخليّة والتّطاول على رُموز وقيادات محور المُقاومة سواءً من خِلال امبراطوريّاته الإعلاميّة الضّخمة، أو على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصَّةً في هذا الوقت الذي ترفع فيه السعوديّة الحِصار المفروض على اليمن ولو جُزئيًّا، والالتِزام بهُدنة لمُدّة شهرين مُرشّحة للتّمديد إذا أجرى الالتِزام ببُنودها في تغييرٍ لافت ومُراجعة تبدو جديّة لبعض سِياساتها السّابقة.. واللُه أعلم.

 

“رأي اليوم”