صفقة نيوكاسل.. السعودية تضع اللمسات الأخيرة لدفن قضية خاشقجي

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1417
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

استحوذت مجموعة يقودها صندوق الاستثمارات العامة السعودي على نادي "نيوكاسل يونايتد" الإنجليزي بعد جدل استمر 18 شهرا حول ما إذا كانت الدولة السعودية ستكون هي المسيطرة الحقيقية على النادي أم صندوق الثروة السيادي.

وبعد مرور ما يقرب من 3 سنوات من اغتيال الصحفي "جمال خاشقجي" في القنصلية السعودية في إسطنبول، عكست مشاهد احتفال الآلاف من أنصار "نيوكاسل" بعض جوانب القوة الناعمة التي تتوقع السعودية تعظيمها بعد عملية الاستحواذ.

 

مفتاح فك الجمود

مع كون "نيوكاسل يونايتد" أحد أقدم الفرق الإنجليزية، فإن لديه أكثر القواعد الجماهيرية انفعالا في البلاد وقد اتهموا في السنوات الأخيرة المالكين السابقين بالتقصير في الاستثمارات والمسؤولية عن سنوات من الأداء السيء.

وفي ظل هذه الخلفية من سوء الأداء المزمن، تحمست الجماهير لإعلان أبريل/نيسان 2020 بأن صندوق الاستثمارات العامة السعودي سيشترك مع "ار بي سبورتس اند ميديا" و"بي سي بي كابيتال بارتنرز" لشراء الفريق، حيث توقعوا أن الصفقة ستحول الفريق إلى قوة أوروبية مثلما حدث مع استحواذ أبوظبي على "مانشستر سيتي" في عام 2008 وشراء قطر لـ"باريس سانت جيرمان" في عام 2010.

وبالرغم أن قرار الاستحواذ (والذي ظل في جمود منذ يوليو/تموز 2020) قد تم تقديمه في إطار تطمينات من صندوق الاستثمارات العامة للدوري الإنجليزي الممتاز فيما يتعلق بانفصاله عن الحكومة السعودية، إلا أن مفتاح فك الجمود يبدو أنه كان قرارًا سعوديًا بإلغاء حظر شبكة "بي إن سبورتس" القطرية من البث في المملكة.

وتستحوذ شبكة "بي إن" على حقوق شمال أفريقيا والشرق الأوسط في بث ألعاب الدوري الإنجليزي الممتاز، بالإضافة إلى مجموعة من المسابقات الرياضية الأخرى، لكن إشارتها قد حُظرت في السعودية منذ عام 2017 كجزء من حصار قطر.

كما جرى اتهام السلطات السعودية بتجاهل (إن لم تكن قد تواطأت بالفعل) شبكة "بي أوت كيو" التي قرصنت حقوق "بي إن" بشكل منهجي بما في ذلك الدوري الممتاز في عام 2018 و 2019، في جهد واضح لتسجيل نقاط ضد الدوحة خلال الحصار.

وبالتالي ليس من الصدفة أن استحواذ "نيوكاسل" قد أخذ أخيرا الضوء الأخضر من الدوري الإنجليزي الممتاز بعد يوم من الإعلان عن حل مشكلة "بي إن".

لكن الحقيقة غير المستساغة في الأمر هي أن الاعتبارات التجارية تم تقديمها على قضايا شائكة مثل ملكية صندوق الاستثمارات العامة للطائرات التي نقلت قتلة "خاشقجي" إلى إسطنبول في عام 2018.

كما أن الحماسة التي استُقبل بها المالكون السعوديون الجدد في "نيوكاسل" هي إشارة أخرى على انتهاء التجاهل الذي واجهه ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" بعد اغتيال "خاشقجي"، وهو عكس ما وعد به "جو بايدن" خلال حملته الرئاسية حين قال إنه سيجعل السعودية "منبوذة".

 

دوافع السعودية الحقيقية

خسرت الفرق العشرين في الدوري الإنجليزي الممتاز ما مجموعه مليار جنيه إسترليني في الموسم الذي ضربه الوباء 2019-2020، وسجل "مانشستر سيتي" المملوك لأبوظبي خسائر سنوية تصل إلى 100 مليون جنيه إسترليني.

وبالتالي فإن شراء فريق لا يمكنه أن يضمن عائدًا على رأس المال. ويرجح أن السعودية تنظر إلى الاستحواذ على "نيوكاسل" كوسيلة لكسب النفوذ والترويج لها، أيّ كـ"غسيل رياضي للسمعة"، خاصة أن الاستحواذ لا يخدم مهمة صندوق الاستثمارات العامة للمساعدة في التنويع الاقتصادي وخلق فرص عمل في المملكة.

وتوجد إشارات بأن المالكين الجدد يسعون لاستخدام الصفقة كأداة لإبراز القوة الناعمة وتغيير صورة السعودية واستغلال الحب الجماهيري لكرة القدم للوصول إلى جماهير جدد في جميع أنحاء العالم.

وقام "بن سلمان"، الذي يرأس أيضًا مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة، بالمخاطرة بمصداقيته كملك قادم عبر "رؤية 2030" وفرضية أنه وحده القادر على تحويل الاقتصاد السعودي والمجتمع.

وتحتل الرياضة والترفيه والسياحة مكانة بارزة في "رؤية 2030" والمشاريع العملاقة المرتبطة بها والتي أعلن عنها "بن سلمان" منذ عام 2017 (وعهد بتنفيذها إلى صندوق الاستثمارات العامة).

 

غسيل رياضي للسمعة

وفي عهد "بن سلمان"، أصبحت السعودية أكثر نشاطا أيضا في استخدام قوة الثقافة والرياضة لتلميع صورتها. ومن المقرر إقامة سباق "جائزة السعودية الكبرى" (سباق فورمولا 1) في حلبة شارع جدة في ديسمبر/كانون الأول المقبل، فيما تقود المملكة حملة ضغط لعقد كأس العالم "فيفا" كل عامين بدلا من أربعة، على أمل أن تستضيف البطولة هي كذلك.

ولا يعد "الغسيل الرياضي" مفهوما جديدا كما لا يرتبط بالسعودية وحدها؛ بل يحتاج المرء إلى تذكر مشهد الألعاب الأولمبية عام 1936 في برلين، والتي استخدمها "هتلر" لتصدير وجه قوي ومسالم عن ألمانيا حينذاك.

وبما أن ألعاب الدوري الإنجليزي الممتاز تُشاهد في أكثر من 200 دولة، فيمكن لـ"نيوكاسل" أن يلعب دورا ملموسًا في الترويج للسعودية لدى جمهور عالمي، مما يجعل قضية "خاشقجي" من الماضي.

وربما يأمل "بن سلمان" في أن تحويل السعودية إلى مركز قوة رياضي دولي سيجعل العالم يتعامل بشكل طبيعي مع المملكة وقادتها بعد سنوات شديدة الصعوبة.

 

المصدر | كريستيان كوتس أولريشسين/ ريسبونسبل ستيتكرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد