هل تشعر السعوديّة بالثّقة المُتزايدة؟.. ماذا عن ترجيح وزير خارجيّة أمريكا أن يكون بن سلمان “قائد المملكة” وماذا تعني تغريدة الهذلول عودتها “إلى مُربّع العلاقات الأوّل”؟..
المحكمة تُثبّت “التخابر” تُهمَتها فهل غابت “شمس بايدن” عن بقيّة المُعتقلين؟
عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
على عكس التوقّعات التي ذهبت باتّجاه “خُنوع” العربيّة السعوديّة لضُغوطات إدارة جو بايدن الأمريكيّة، لم تُقدّم السلطات السعوديّة للإدارة الجديدة، سوى إفراج مشروط عن الناشطة لجين الهذلول ومنعها من السفر ووضعها تحت المُراقبة وتقييد حركتها، وفيما يتعلّق بجريمة مقتل الصحافي جمال خاشقجي، والتي تبيّن تورّط ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان فيها، وفقاً لتقرير الاستخبارات، فلا يبدو أن المُتّهمين المستشار سعود القحطاني، وأحمد عسيري الذي ظهر أخيرًا، في وارد تطبيق العُقوبات عليهما، فهما جرى تبرئتهما وفقاً لأحكام القضاء السعودي، ومُسامحتهما من قبل عائلة خاشقجي، بالرّغم أنّهما جرى ذكر اسميهما في التقرير الأمريكي بالتورّط في الاغتيال.
وها هو العسيري يظهر على متن الطائرات، وفي الأعراس، والقحطاني تظهر دعوات منصّاتيّة مُؤخّرًا تدعوه للعودة إلى “تويتر” بعد أن كان قد توارى عن الأنظار بعد اتّهامه بمقتل الصحافي المغدور، وتردّد أنباء عن تسميمه ووفاته تبيّن عدم صحّتها لاحقاً.
“رأي اليوم” كانت قد أشارت في مادّةٍ سابقة وفقاً للمُعطيات، أنّ سُفن العربيّة السعوديّة لن تُعاكسها رياح الولايات المتحدة الأمريكيّة، فإدارة بايدن عدا أنها لم تجرؤ على مُعاقبة الأمير بن سلمان، ها هو وزير خارجيّتها أنتوني بلينكن رفض وصف الأمير بالقاتل، كما أكّد أنه من المُرجّح أن يكون الأمير بن سلمان قائد المملكة في المُستقبل البعيد، وأنّ لديهم مصلحة قويّة مع المملكة.
كُل هذه عوامل، تدفع بزيادة ثقة العربيّة السعوديّة بنفسها، فعدا عن تصدير “قتلة” خاشقجي للمنصّات التواصليّة بصُورٍ يُراد لها أن تبدو “عفويّةً” ودلالة على حُريّتهم، لم تُقدِم السلطات السعوديّة على الإفراج عن أيّ مُعتقل سياسي واحد، وحديث الوزير بلينكن عن ترجيح قيادة الأمير بن سلمان للبلاد، يشي بأنّ خِيارات بايدن فيما يتعلّق بمصير الأمير محمد بن نايف ولي العهد السابق، أو أيّ أسماء أخرى لاستبدالها بديلاً عن محمد بن سلمان، بدأت تضيق، أو غير واردة، بحُكم فِعليّة السّيطرة التي أحدثها الأمير الشاب على أجهزة الدولة، ليكون الحاكم الفِعلي للبِلاد دون مُنازع.
هذا كلّه يتقاطع مع تغريدة لافتة للناشطة السعوديّة لجين الهذلول، والممنوعة من السفر، والتي أكّدت عليها المحكمة الأحكام، وقالت فيها على حسابها في “تويتر”: “إنها عادت للمُربّع الأوّل في مُربّع العلاقات”، وأضافت في تغريدتها: “بالإضافة إلى التسونامي الذي أركبه، لقد عُدت إلى المُربّع الأوّل من لعبة العلاقات، واعتبرت هذا بأنه ليس لطيفاً على الإطلاق”.
وأرفقت الناشطة الشابّة مع تغريدتها صُورةً ساخرة.
وكانت المحكمة قد ثبّتت الحُكم الصادر بحق الهذلول، وهو التّخابر مع جِهات أجنبيّة، من بينها المملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وهو ما يعني أنّ لجين ستبقى ممنوعةً من السفر بعد رفض طعنها، وهو ما يُقلّل بالتّالي من آمال المُعتقلين السياسيين، وأهاليهم، الذين تأمّلوا الإفراج عنهم، بعد الهذلول، وتحديدًا مع مقدم بايدن، و”شمس” ديمقراطيّته على حد توصيف صُحف أمريكيّة تغنّت بمقدمه بعد دونالد ترامب.
تغريدة الهذلول “المُحبطة” هذه، تدل بكُل الأحوال أن الناشطة قد دخلت لعبة المصالح والعلاقات بين المملكة، وأمريكا، ويبدو أنّ الأخيرة قد قدّمت مصالحها على مصالح الإنسان، والرئيس بايدن لم يُنفّذ وعده الخاص بتقديم المصالح الإنسانيّة على السياسيّة، وستبقى الهذلول تحت الرقابة، وربّما احتماليّة إعادة اعتقالها، في حال مُخالفتها شُروط الإفراج.
بالتّزامن، يُكثّف الأمير بن سلمان ظُهوره الإعلامي، بدايةً من طرحه للمُبادرات البيئيّة، مُرورًا بتعهّده بصرف أموال لم يجر صرفها خلال 300 عاماً، وضخ المليارات في القطاع الخاص، ونهايةً بتصدّره المشهد السياسي، وغياب والده الملك سلمان بن عبد العزيز، آخِرها استقباله رئيس الوزراء العِراقي مصطفى الكاظمي.
وكان لافتاً، أنّ المنصّات السعوديّة، عادت للتّهجّم على الهذلول، والتّشكيك ببراءتها، ومدى تعرّضها للظلم، فعبد الله الغامدي غرّد مُهاجماً: “لماذا تصر وسائل الاعلام الغربية على وصف هذه المرأة بالناشطة؟، ما هو نشاطها غير انها تخابرت مع دول معادية لوطنها!، السعوديات تجاوزن مثلها وحصلن على امتيازات مهولة بدعم الدولة وولي العهد”.
صالح محمد قال: “لجين الهذلول طول وقتها وهي تختفي تحت ستار ناشطة حقوقية وبالأساس هدفها المساس بأمن الدولة ومن الأشياء اللي تدينها انها حاولت تجنيد العديد من الأفراد اصحاب المناصب الحكومية والهدف منه حصولها على معلومات حساسة لتسليمها لدول معادية”.
وأمام هذا كله، ترى أوساط سعوديّة، أنه من غير المُنتظر أن تُقدِم السلطات السعوديّة على حملة إفراج تشمل العديد من رموز البلد، من ناشطين، وسياسيين، ومشائخ، ولعلّ هذا الأمر لن يتم إلا بتوقيت الأمير بن سلمان، فهو من أطلق حملة فندق الريتز كارلتون للفاسدين، وهو من رسم مشهد التّسوية النهائي فيها، وبغض النظر عن ساكن البيت الأبيض، فوفقاً للوزير عادل الجبير لا فرق، بين إدارتيّ ترامب، وبايدن، في التّعامل مع بلاده.