تل أبيب تكشِف: كجزءٍ من المساعي لتمرير “صفقة القرن” محادثات سريّة مع السعوديّة برعاية ٍ أمريكيّة لإدخال ممثلين عن الرياض للأوقاف الإسلاميّة بالقدس
والأردن وافق شريطة دعمه بأموال المملكة
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
نقلاً عن مصادر سياسيّة واسعة الاطلاع في تل أبيب كشفت صباح اليوم الاثنين صحيفة (يسرائيل هايوم)، المُقربّة جدًا من رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، كشفت النقاب عن أنّه إلى جانب خطة السلام الأمريكيّة التي باتت معروفةً باسم “صفقة القرن”، والتي طرحها في آذار (مارس) الماضي الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب، وبالإضافة إلى المحادثات حول ضمّ كيان الاحتلال الإسرائيليّ مناطق في غور الأردن وأجزاءً من الضفّة الغربيّة المُحتلّة، بدعمٍ عربيٍّ-أمريكيٍّ، أكّدت المصادر أنّه تجري مباحثاتٍ سريّةٍ للغاية، منذ شهر كانون الأوّل (ديسمبر) الماضي، بين المملكة العربيّة السعوديّة والدولة العبريّة، بوساطة الولايات المُتحدّة لإدخال مُمثلين ومندوبين عن المملكة السعوديّة إلى لجنة الأوقاف المسؤولة عن الأماكن المُقدّسة في القدس المحتلة، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك، طبقًا لما نقلته الصحيفة عن المصادر رفيعة المُستوى في تل أبيب.
وتابعت الصحيفة قائلةً إنّ دبلوماسيين سعوديين، الذين هم على دراية بالمباحثات السريّة بين الرياض وتل أبيب، أكّدوا للصحيفة العبريّة أنّ الحديث يجري عن مُباحثاتٍ حساسّة وسريّة للغاية، والتي تجري من تحت الرادار وبعيدًا جدًا عن الأضواء بواسطة طاقم صغير من دبلوماسيين ومسؤولين أمنيين رفيعي المُستى من إسرائيل، الولايات المُتحدّة الأمريكيّة والمملكة العربيّة السعوديّة، كجزءٍ من المحادثات لتمرير خطّة السلام الأمريكيّة (خطة القرن)، على حدّ قولهم.
عُلاوةً على ما ذُكر آنفًا، أردفت الصحيفة العبريّة قائلةً، نقلاً عن المصادر في كلٍّ من الرياض وتل أبيب، أردفت قائلةً إنّه حتى قبل عدّة شهورٍ أعربت المملكة الأردنيّة الهاشميّة عن أنّها هي المسؤولة الوحيدة عن الأوقاف الإسلاميّة في القدس المُحتلّة، وأنّها تُعرِض وبشدّةٍ أيّ تغيير في الوصاية الأردنيّة على الأوقاف الإسلاميّة في المدينة المُقدّسة، ولفتت المصادر إلى أنّ التغيير الجذري في موقف المملكة الهاشميّة جاء بعد ازدياد التدّخل التركيّ في القدس الشرقيّة بشكلٍ عامٍّ، وفي المسجد الأقصى المُبارك، على نحوٍ خاصٍّ، وفقًا لما أكدّته المصادر للصحيفة العبريّة.
ووفقًا لما ورد في الصحيفة العبريّة على لسان المصادر الرفيعة فإنّه في أعقاب ما أسمته أعمال العنف وفي باب الرحمة على وجه الخصوص، وقيام إسرائيل بوضع آلات الكترونيّة لفحص الداخلين إلى المسجد الأقصى، والتي تمّ أزالتها بناءً على طلبٍ من العاهل الأردنيّ، الملك عبد الله الثاني، قام الأردنيون بعد ذلك بتوسيع عدد أعضاء لجنة الأوقاف في المسجد الأقصى، وفي خطوةٍ تُعتبر خارجة عن السياق والقاعدة، وتتناقض مع اتفاق أوسلو، قاموا بإدخال ممثلين فلسطينيين في لجنة الأوقاف، ولكنّ المندوبين الفلسطينيين الجدد في اللجنة، تابعت المصادر عينها، سمحوا لتنظيماتٍ إسلاميّةٍ تركيّةٍ بالتدّخل في شؤون المسجد الأقصى، وقاموا بتحويل عشرات ملايين الدولارات إلى اللجنة من الأموال التي تلّقوها من الرئيس التركيّ، رجب طيّب أردوغان.
وبعد هذه الخطوة التركيّة، أردفت الصحيفة العبريّة قام الأردنيون بتوجيه رسالةٍ إلى كلٍّ من إسرائيل والولايات المتحدّة مفادها أنّ الديوان الملكيّ الأردنيّ على استعدادٍ لتخفيف معارضته بشأن إدخال مندوبين وممثلين من المملكة العربيّة السعوديّة إلى لجنة الأوقاف، شريطة ألّا يمسّ هذا الإجراء من السيطرة الأردنيّة الخاصّة على الأوقاف في القدس الشرقيّة، وبالإضافة إلى ذلك، اشترطت الأردن بأنْ تقوم السعودية بتحويل ملايين الدولارات كتبّرعٍ للجمعيات الإسلاميّة الفاعلة في القدس الشرقيّة وفي المسجد الأقصى المبارك، وأنْ تقوم إسرائيل، كما جاء في الرسالة الأردنيّة، بتفعيل ضغوطاتٍ دبلوماسيّةٍ وسياسيّةٍ لطرد التنظيمات التركيّة من القدس، والتي تعمل تحت غطاءٍ فلسطينيٍّ، كما أكّدت المصادر الإسرائيليّة الرفيعة للصحيفة العبريّة.
وقالت الصحيفة العبريّة نقلاً عن دبلوماسيٍّ عربيٍّ رفيعٍ لم تُفصِح عن جنسيته، قال إنّه تحدث معها وقال: إذا استمرّت الأردن في عدم التصدّي للأتراك في القدس، فإنّهم كانوا سيفقدون السيطرة الخاصّة بهم على الأوقاف الإسلاميّة في القدس، لافِتًا في الوقت عينه إلى أنّ الأردنيين بحاجة للدعم الماديّ والمعنويّ والدبلوماسيّ من المملكة العربيّة السعوديّة حتى يتمكّنوا من وقف التمدد التركيّ في القدس، وأضاف أنّه من ناحية إسرائيل وأمريكا فإنّهما تستفيدان من هذه الخطوة لأنّهما بحاجةٍ إلى الدعم السعوديّ لتمرير “صفقة القرن” وبخطوة الضمّ الإسرائيليّة، هذا بالإضافة، كما قال، أنّ السعوديّة ستجلِب مها الإمارات العربيّة المُتحدّة والبحرين، على حدّ قول الدبلوماسيّ العربيّ.
ومع ذلك استدرك الدبلوماسيّ العربيّ الرفيع وقال إنّه من المُبكِّر التأكد من أنّ هذه الخطّة ستخرج إلى حيِّز التنفيذ، ذلك أنّ الأردن يُوافِق على أنْ يكون التمثيل السعوديّ بدرجة مراقبين فقط كي لا يمسّ الأمر بسيطرته الخاصّة على الأوقاف الإسلاميّة في القدس الشرقيّة، على حدّ تعبيره.