1200 عقار انتُزعت ملكيتها.. السلطة السعودية تهجّر أهالي القطيف

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 3155
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

الحميرية نيوز | تقارير
سناء إبراهيم /مرآة الجزيرة
 لا تشبه حملات النظام السعودي ضد أبناء القطيف والأحساء أي ممارسات لسلطة شرعية مع شعبها. حملات تماثل فقط ما يفعله العدوان والاحتلال بحق أصحاب الأرض، ليبسط سلطته عليها ويجعلها تحت انتدابه ويشرد أهلها عنها. على أبواب ذكرى ثورة الـ17 من فبراير 2011 في القطيف، التي لا تزال تنبض بروح ثورة أهلها، يعمد النظام إلى الانقضاض على أرض الثورة وانطلاقتها، عبر مزاعمه وادعاءاته حيال المشاريع الإنمائية، التي تبتعد عن مصالح الأهالي كل البعد، بفعل سياسة الحرمان المنتهجة بوجه أبناء “القطيف والأحساء”. بعد عدوانها على مسوّرة العوامية، وتشريد أهالي البلدة تحت مزاعم وادعاءات الإصلاح، تكشف السلطة عن مشاريع مماثلة تستهدف مئات العقارات على امتداد بلدات محافظة القطيف وقراها، ولعل أبرز تلك المشاريع الكاشفة عن أهداف السلطة، هي الإجهاز على شارع الثورة الذي احتضن انطلاقة الحراك السلمي في المنطقة قبل تسع سنوات. المعالم المستهدفة في مشاريع ما يسمى “إنماء وتحديث” يكشف عن الأهداف السياسية خلفه، ويوضح كيف تعمل السلطة من أجل القضاء على كل معلم يذكرها بروح شعب انتفض من أجل حقوقه ولا يزال. وبحسب ما يكشف مصدر أهلي لـ”مرآة الجزيرة”، عن أن المشروع الذي تحضر له السلطات في العوامية، يستهدف نزع ملكية 91 عقاراً، بحجة توسعة الطريق، إلا أنه في حقيقة الأمر يهدف إلى إحداث تغيير ديمغرافي في البلدة، باستهداف أكثر المناطق كثافة سكانية في البلدة. وفي مركز مدينة القطيف وبحسب المخطط الذي تستهدف السلطات السعودية تنفيذه يرمي إلى هدم أغلب الأحياء السكانية المنتشرة على امتداد شارع الثورة، الذي احتضن أولى شرارات الانتفاضة السلمية التي انطلقت من ساحاته وأزقته، وشهدت أرضه وأروقته على معالم الثورة ضد حكم آل سعود، فبين أرجاء هذه الأحياء ذات الكثافة السكانية العالية أشعل أبطال القطيف انتفاضتهم ضد الظلم والطغيان، وهناك تساقطت دماء أوائل قافلة الشهداء. يوم الأربعاء 12 فبراير 2020، اتجهت آليات الهدم وبمؤازرة سيارات تابعة للشرطة وعناصر الأمن، نحو مدينة صفوى، وأجهزت على المحال التجارية التابعة لذوي الدخل المحدود، وبدأت بتدميرها أمام أنظار أصحابها، الذين لم يكن لهم حيلة لردع الآليات التي تهدم مصدر أرزاقهم وتدمرها بقرار بلدي سلطوي متخذ للإنقضاض على الأهالي وأصحاب الأرض من دون أي وجه حق. مصدر مطلع على مجريات ما يحصل من مشاريع تدميرية في المنطقة، وفي مداخلة خاصة مع “مرآة الجزيرة”، كشف عن أن ما يحصل في صفوى هو جزء من مشروع ضخم يستهدف محافظة القطيف، من الجنوب إلى الشمال، وهذا المشروع مجزءأ إلى عدة مراحل، كان بينها مشروع هدم المسوّرة في العوامية، ومشروع وسط القطيف المتمثل في الشويكة ويمتد إلى جنوب القطيف في عنك، كما يتضمن المشروع قسم يستهدف المساحة الممتدة من العوامية إلى صفوى شمالاً، وهو ما يعرف بشارع التحدي، والأخير يتم بموجبه نزع أكثر من 50 عقاراً. تغيير ديمغرافي ومخططات تهجير ولاشك أن مشروعات الهدم الواسعة تستهدف تغييراً ديمغرافياً في المنطقة، وهو ما يجزم به الأهالي، وفي التفاصيل فان أحد أجزاء المشروع يستهدف “الشارع الممتد من مستشفى “محمد بن فهد لأمراض الدم الوراثية” شرق العوامية، وصولاً إلى جنوب البلدة وتحديداً حي الزارة، الذي يحتضن جامع الإمام الحسين (ع) الذي كان معقل حركة الشهيد الشيخ نمر باقر النمر، ويقيم فيه صلاة الجمعة والجماعة، ولا يخفى على أهالي المنطقة ما يحمله هذا المسجد من دلالات وارتباط وثيق بالإنتفاضة المجيدة، وكانت السلطة تبيت النية إلى تدميره منذ زمن، وضمن هذا الجزء من مشاريع الهدم والتهجير يتم نزع ملكية 520 عقاراً وأكثر”. واستناداً إلى مخطط المشروع المعلن من قبل السلطة تحت ذريعة العمران والتطوير وتوسعة الطرق، تستهدف عملية التدمير شق الطرق وسط المناطق ذات الكثافة السكانية بتدمير منازل الأهالي وأملاكهم من دون توفير أي بدائل كمخططات سكنية متكاملة الخدمات والبنى التحتية ليتجه الأهالي لبناء منازلهم فيها، إلا أنها تدّعي تعويضهم وهذه التعويضات التي قد يحصل عليها البعض لا يعوّل عليها، ولايمكن أن تؤمن منزلاً أو محلاً تجارياً أو ما يضاهي ما يستهدف تدميره. المخطط المعد من قبل البلدية، يتضمن جنوب حي المسورة الأثري الذي تم اجتياحه عام 2017م، حينها انتزعت أكثر من 488 ملكية عقارية من أصحابها، تحت ذريعة وجود “مطلوبين” داخل الحي الأثري الذي كان يعود عمره إلى ما يزيد على 400 عام، وكان تدميره محط تنديد دولي وحقوقي وأممي. وبعد أكثر من عامين على تدمير الحي، تبين أن ما تم إنشاؤه مجرد مساحة فراغ لإقامة المهرجانات، وهو مشروع كان من الممكن إنجازه في أي مساحة أخرى من المنطقة ولم يكن بحاجة لتهجير عشرات العوائل وترويعها وتدمير تراث بأسره. وانطلاقاً، مما حدث في مسوّرة العوامية، فإن التخوف يلف بلدات القطيف المستهدفة في المخطط، ففي العوامية نفسها ستمتد عملية التدمير من غرب المسوّرة حتى دوار مقبرة الشهداء وأيضاً الشوارع المحيطة بها. وبموجب المشروع فإن عشرات العقارات سيتم انتزاع ملكيتها، وفي نوفمبر 2019، أعلن وزير الشؤون البلدية والقروية ماجد بن عبد الله القصبي، عن بدء إجراءات نزع ملكية 68 عقارا في عنك، بمحافظة القطيف، بحجة ما زعم بأنه “تنظيم مسار شارع عرض (30م) والممتد من شارع الملك عبدالعزيز حتى التقائه بشارع عبدالرحمن بن عوف شرقا بمدينة عنك في القطيف”. واستكمل رواية القصبي لتبرير الجريمة، رئيس بلدية القطيف المهندس محمد بن عبد المحسن الحسيني، مدعيا بأن تزايد النمو السكاني، أحد العوامل التي تسبب أزمة مرورية وتخل بانسياب الحركة المرورية، الأمر الذي دعا لاعتماد مشاريع لتأهيل وتطوير الطرق ليتناسب ذلك مع حجم النمو في المحافظة على كافة الأصعدة”، بحسب مزاعمه، وطالب “المواطنين أصحاب العقارات التي تقع على هذه الشوارع إحضار الوثائق المطلوبة وهي: صورة الصك مع الأصل للمطابقة، صورة البطاقة مع الأصل، صورة الوكالة (إن و جد) مع الأصل، صورة رخصة البناء إن وجد، صورة الولاية للأوقاف مع الأصل، العنوان الوطني، صورة من صك حصر الورثة (إن وجد) مع الأصل”، فيما يقول الأهالي بأن “إحضار الوثائق لا ينفع ولا يعوّل عليه، وهذه المطالب لن تكون سوى شكلية وصورية لا نفع لها، فالتعويضات غير مجزية ولا توفر البديل، ولا يوجد في المحافظة مخططات قادرة على احتضان الأهالي الذين سيخسرون منازلهم”. المسورة نموذج التهجير المخططات التدميرية التي تحاك في القطيف اليوم، ليست وليدة اللحظة، إذ أن سياسة انتزاع الملكيات وتهجير أصحاب الأرض سياسة متبعة منذ استيلاء آل سعود على مناطق شبه الجزيرة العربية والحجاز. وبحسب المصدر، فإن مجموعة العقارات التي تم انتزاعها لشق الطرق المزعومة وفك الإختناق المروري في القطيف والعوامية وصفوى تتجاوز 1200 عقار، ما بين عام 2017 وبداية العام 2020، وجميع المليكات انتزعت تحت مزاعم لا صحة لها. لا يمكن التعويل بتاتاً على التعويضات التي تقدمها السلطة أو الوعود التي تلوح بها لأصحاب العقارات، لأن التعويضات ليست مجزية، وأكبر دليل على ذلك، ما حصل في مسورة العوامية عام 2017م، فالتعويضات لم تكن مجزية خاصة أن بعض المنازل التي تم تدميرها تضم في داخلها أكثر من عائلة، جرّاء ضيق الحال والأوضاع الاقتصادية الصعبة في المنطقة، الأمر الذي تسبب للبعض منهم بأزمة معيشية وحياتية بعد خروجهم من منازلهم في الحي لم تنتهي حتى اللحظة. كما يترجم تدمير حي المسوّرة وما أقيم مكانه، الأهداف التي تخفيها السلطة وراء مخططاتها ضد أهالي القطيف، ويشير مصدر أهلي في دردشة مع “مرآة الجزيرة”، إلى أن “مشروع وسط العوامية هو مشروع تهجير أهالي الشهداء وأصحاب الأرض كي يقام مكانه حفلات غناء ورقص لا تمت لطابع المنطقة وعاداتها وتقاليدها بأية صلة، تنفيذا لرؤية الإنفتاح السلماني، الذي لا يُعرف منه سوى هذه المظاهر، التي تنقض على عادات وتقاليد مجتمع بأسره بهدف مزاعم التطوير والانفتاح”. وأضاف المصدر: “أهالي المنطقة مستاؤون جداً مما يحصل في مشروع وسط العوامية، “المسورة” والغالبية قاطعوا هذه الفعاليات البعيدة كل البعد عن عاداتهم وتقاليدهم وأخلاقهم والتزامهم، خاصة أن موقع المسورة برمزيته هو “أرض الشهداء” روتها دماءهم الزكية، لكن السلطة بفعل سياساتها الانتقامية تحاول تحويلها إلى ساحة للإحتفالات، وتطبيق سياسة التهجير القسري والتغيير الديموغرافي، وإزالة كل ما يرتبط ويتعلق بانتفاضة الكرامة التي انطلقت شرارتها في 17 فبراير 2011م”. يشار إلى أن مشاريع التهجير تستهدف عددا كبيرا من دور العبادة المتوزعة على طول الشارع الذي سيطاله مخطط التوسعة، وأغلبه يحظى إضافة إلى قدسيته بمكانة رمزية واعتبارات تاريخية واجتماعية والمساجد هي “الشويكة والمسألة والجمعية ومسجد الشيخ عبدالحميد الخطي، ومنزل الشيخ منصور البيات، إضافة إلى حسينية بن جمعة وحسينية العوامي”؛ فيما الأحياء المستهدفة هي “حي الشويكة والمسعودية وحي الدبابية وميّاس وحي الكويكب”، إضافة إلى “حي الشريعة وباب الشمال وباب الساب والقلعة والبحر، وحيي الجراري والشماسية وقرية البحاري وأحياء من مدينة القديح”.