بلومبرج: اكتتاب أرامكو لن يكون كافيا لإنجاح رؤية 2030
يعد الاكتتاب العام الأولي لشركة أرامكو السعودية لحظة فاصلة بالنسبة لشركة تمول المملكة وحكامها لعقود من الزمن. وسيتم تداول أسهم أكبر شركة عامة في العالم الآن في الرياض وليس في نيويورك.
لكن يبقى الأمر الأقل وضوحا هو إلى أي مدى سوف يساعد الاكتتاب في إصلاح اقتصاد أكبر بلد مصدر للنفط في العالم.
فجوة في التوقعات
وتم طرح فكرة الاكتتاب عمليا للمرة الأولى من قبل ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان" في عام 2016 مع طموح لجمع ما يصل إلى 100 مليار دولار، وتم طرح بيع الأسهم كجزء من مخطط لتحويل المملكة إلى عصر بعد النفط. وكان من المفترض أن تقوم المملكة العربية السعودية بجمع الأموال من أكبر أصولها، واستخدامها لتطوير صناعات جديدة.
ولكن بعد أن رفض المستثمرون العالميون تقييم الشركة بمبلغ 2 تريليون دولار، لم تكن الصفقة النهائية كما كان يتصور ولي العهد. وفي النهاية عرضت أرامكو 1.5% فقط من أسهمها واختارت إدراجها محليا، معتمدة بالكامل تقريبًا على المستثمرين السعوديين والإقليميين.
وبينما تتجاوز عائدات اكتتاب أرامكو -المقدرة بواقع 25.6 مليارhj دولار- عوائد اكتتاب شركة علي بابا في عام 2014، والذي كان يعد الاكتتاب الأكبر في التاريخ قبل اكتتاب أرامكو، فمن غير المرجح أن يكون هذا المبلغ مؤثرا في تغيير اقتصاد المملكة الذي يبلغ حجمه 780 مليار دولار.
وقال "بيل فارن برايس" مستشار في مجموعة آر إس للطاقة: "من الصعب أن نرى كيف يمكن لهذا الاكتتاب توفير الإيرادات التي تتطلبها الرؤية 2030". وأضاف: "يحتاج التنويع الاقتصادي السعودي إلى أكثر بكثير من ذلك".
ويعد بيع أسهم أرامكو هو الأول ضمن عملية كبرى مخططة لبيع أصول الدولة بموجب خطة لتمكين القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تراجعت منذ انهيار أسعار النفط في عام 2014.
وقالت "مونيكا مالك" كبيرة الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري: "توفر العملية دفعة لدعم الاستثمارات لكنها في حد ذاتها ليست كافية".
ومن المقرر أن يتم تحويل عائدات الاكتتاب إلى صندوق الاستثمار العام الذي قام بعدد من الاستثمارات الجريئة، حيث ضخ 45 مليار دولار في صندوق تابع لشركة "سوفت بنك"، كما حصل على حصة بقيمة 3.5 مليار دولار في شركة "أوبر".
وفي الداخل، يمول صندوق الثروة السيادية مشاريع ضخمة لتطوير مراكز سياحية على طول البحر الأحمر وفي أماكن أخرى.
لكن الصندوق تعرض لانتقادات بسبب امتلاكه حصص في مشاريع غير مربحة. وأثارت خطط إنشاء مدينة مستقبلية تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار في عام 2017 مخاوف من أن ولي العهد يضح أموالh كبيرة في مشاريع غير مجدية لإرضاء غروره الشخصي.
وبحسب "زياد داود"، كبير الاقتصاديين في منطقة الشرق الأوسط في بلومبرج إيكونوميكس، فإنه "ينبغي استثمار الأموال من الاكتتاب العام في المشروعات المحلية المضمونة"، مع تجنب "الفيلة البيضاء"، وهو مصلح يطلق على المشاريع الكبرى التي تحتوي على نسب مقامرة عالية.
وأضاف: "لقد فشل نمط الإنفاق الأخير للحكومة في الوفاء بهذه المعايير حيث أظهرت ميلًا مستمرًا للإنفاق على المشاريع الضخمة".
ومع ذلك، فإن الصفقة يمكن أن تساعد الأمير على إعادة خطته الطموحة للاقتصاد إلى مسارها الصحيح بعد النكسات في الداخل، بما في ذلك رد الفعل العنيف ضد تطهيره للنخبة، والاستياء الخارجي جراء مقتل الكاتب "جمال خاشقجي" والحرب في اليمن.
ومن المتوقع أن تسهم أغنى العائلات في المملكة، والتي كان بعض أفرادها محتجزون في فندق ريتز كارلتون في عام 2017، بنسب كبيرة في الاكتتاب العام.
وقد حددت شركة النفط العملاقة المملوكة للدولة السعر النهائي لأسهمها بـ32 ريالاً (8.53 دولارا)، ووفقا لهذا الرقم، تقدر قيمة الشركة الأكثر ربحية في العالم بـ1.7 تريليونات دولار.
وسوف تصبح أرامكو أكبر الشركات قيمة في العالم بمجرد أن يبدأ التداول على أسهمها، الأربعاء، متجاوزةً شركتي مايكروسوفت وأبل.
مخاطر
في الوقت نفسه، يفتح الاكتتاب نسبيا أمام العالم واحدة من أكثر الشركات سرية، والتي لم يسبق لها أن نشرت أية بيانات مالية.
وهذا يعني أيضًا أن الشركة لديها الآن مساهمين غير الحكومة السعودية للمرة الأولى منذ تأميمها بالكامل في عام 1980.
ولضمان نجاح الاكتتاب العام، خفضت الدولة سعر الضريبة لشركة أرامكو 3 مرات، ووعدت بأكبر توزيعات للأرباح في العالم وعرضت أسهما مجانية للمستثمرين الأفراد الذين يحتفظون بأسهمهم لفترة طويلة.
وتتولى مجموعة "جولدمان ساكس جروب" مهمة جلب الاستقرار لأسعار الأسهم من خلال محفظة تبلغ قيمتها 450 مليون سهم. ويمكن للمجموعة شراء كل أو بعض هذه الأسهم خلال أول 30 يوما بعد بدء التداول، حيث يمكن أن يرفع ذلك حصيلة الاكتتاب العام إلى 29.4 مليارات دولار.
المصدر | بلومبرج - ترجمة الخليج الجديد