فايننشال تايمز: إقالة الفالح تثير المخاوف في أسواق النفط

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2438
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

 أقالت السعودية وزير الطاقة "خالد الفالح"، أحد أقوى الشخصيات في صناعة النفط العالمية، فيما يعد تعديلاً هائلاً في قلب حكومة المملكة.
وبدلا من "الفالح"، تم تعيين الأمير "عبدالعزيز بن سلمان"، نجل الملك "سلمان" في منصب وزير الطاقة، ما يكسر التقليد طويل الأمد بعدم تعيين أعضاء الأسرة الحاكمة في هذا المنصب.
ويعد "عبدالعزيز بن سلمان" خبيرا في شؤون الطاقة حيث انضم إلى الوزارة منذ الثمانينات، لكن محللين قالوا إن التعديل الوزاري سيثير موجات صدمة في صناعة الطاقة العالمية في وقت تكافح فيه السعودية - الزعيم الفعلي لمنظمة "أوبك" - وحلفاؤها المنتجون للنفط لرفع أسعار النفط الخام.
وقال "أوليفر جاكوب" من شركة "بتروماتريكس الاستشارية، إن هذه الخطوة جلبت "مستوى جديدًا من الشكوك في السوق" لأنها تشير إلى أن نتيجة سياسة النفط الحالية لم تكن "مرضية" للعائلة المالكة إلى حد ما.
وقال: "إذا نظرت إلى الأسعار، فمن المنطقي ألا تكون المملكة راضية عن سعر يبلغ 60 دولارًا للبرميل".

هيكلة كبيرة
وتوجت إقالة "الفالح" - الذي كان الوجه الدولي لسياسة النفط في المملكة منذ تعيينه في عام 2016 - عاصفة من التغييرات في المناصب العليا في قطاع الطاقة في المملكة استمرت قرابة 10 أيام.
ففي الأسبوع الماضي، تم استبدال "الفالح" من منصبه كرئيس لشركة "أرامكو" السعودية في الوقت الذي يتم فيه تكثيف الجهود لإعداد شركة النفط الحكومية لطرح اكتتاب عام أولي، كما فصلت الحكومة وزارة الصناعة والموارد المعدنية عن حقيبة الطاقة، ما جرد "الفالح" من سلطة الإشراف على السياسة الصناعية.
وتعد إقالة التكنوقراط المخضرم في مجال النفط دليلا جديدا على أسلوب حكم ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان" الذي يبدي تسامحا محدودا في الوقت الذي يقود فيه برنامجا طموحا للإصلاح الاقتصادي.
لطالما اعتُبرت وظيفة وزير الطاقة واحدة من أكثر المناصب الحكومية أمانًا في المملكة، وغالبا ما كان هذا المنصب غير خاضع لتقلبات السياسة الداخلية بغية الحفاظ على مكانة المملكة العربية السعودية كأكبر مصدر للنفط في العالم وأحد أهم المتحكمين فيه. وقد شغل "على النعيمي"، سلف "الفالح" المنصب لمدة 21 عامًا.
لكن في السنوات الثلاث التي انقضت منذ تعيين الأمير "محمد بن سلمان" كولي العهد، فإنه قام بتقويض هذه العادة في النظام الملكي المطلق بفضل دوافعه العدوانية لإعادة تشكيل الأمة المحافظة وفقًا لرؤيته.

وزير النفط الجديد
ويعد "عبدالعزيز بن سلمان" هو الابن الرابع للملك والأخ غير الشقيق لولي العهد، وقد التحق بوزارة الطاقة في عام 1987 كمستشار بعد فترة قصيرة من العمل في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، بعدما حصل على شهادة في الهندسة الصناعية وماجستير في إدارة الأعمال.
تمت ترقيته إلى منصب نائب وزير النفط في عام 1995، ثم أصبح فيما بعد مساعدا لوزير النفط من عام 2004 إلى عام 2015، وخلال تلك الفترة، ترأس فريقًا مسؤولاً عن استراتيجية النفط في المملكة العربية السعودية واستراتيجية "أوبك" طويلة الأجل، وشغل منصب وزير الدولة لشؤون الطاقة منذ عام 2017.
وبدافع القلق المتزايد حول استهلاك المملكة المتنامي للطاقة، يُعزى الفضل إلى "عبدالعزيز بن سلمان" في دفع الحكومة إلى اعتماد برنامج وطني لكفاءة الطاقة، وافق عليه مجلس الوزراء العام الماضي، وقد شارك الأمير في تخطيط وتنفيذ سياسات تخفيض دعم الطاقة السعودية خلال الأعوام الأخيرة.
يقول المقربون من الحكومة أنه لا يوجد مسؤول كبير يضمن البقاء في وظيفته في البيئة الجديدة الحالية، وغير الأمير "محمد بن سلمان" وزير العمل 3 مرات مع ارتفاع البطالة إلى أكثر من 12%.

ما وراء الإقالة
وقال شخص مقرب من الحكومة السعودية لصحيفة "فايننشال تايمز": "الفالح هو ضحية الأداء الضعيف لحقيبة كبيرة للغاية، كانت وزارته متدخلة في كل شيء، وكان الكثير من الناس غير راضين عن عدم إحراز تقدم على صعيد الصناعة".
وفي حين أن ولي العهد السعودي مصمم في النهاية على فطام اقتصاد المملكة العربية السعودية عن إدمانه للنفط، لكنه في المدى القصير يحتاج إلى سعر أعلى للنفط لتمويل خططه.
وقال المحلل "ديريك بروير"، مدير مجموعة "آر إس إنيرجي جروب": "لقد دفع الفالح ثمن سعر النفط الذي ظل ثابتا دون النطاق الذي تحتاجه السعودية، وثمن الضعف المستمر لاقتصاد المملكة".
فيما يعتقد محللون آخرون أن إزاحة "الفالح" كانت مرتبطة على الأرجح بافتقاره الواضح للحماس للطرح العام المتأخر لشركة "أرامكو" السعودية، وهي الخطوة التي تمثل محور خطة ولي العهد للتحول الاقتصادي.
وقال "تشارلز هوليس" المدير في شركة "فالانكس أسينت" وهي شركة استشارية للأسواق الناشئة: "حدسي يقول إن الإقالة مرتبطة أكثر بعدم قيام الفالح بدفع الاكتتاب إلى الأمام بقوة كافية لأن نجاح رؤية يعتمد على ذلك".

مخاوف
قام ولي العهد السعودي بإعادة الزخم لعملية الاكتتاب العام لـ"أرامكو" مجددا خلال الأشهر الأخيرة، واستهدفت الرياض تقييمًا بقيمة 2 تريليون دولار للشركة، لكن المحللين والمصرفيين حذروا من أن هذا الرقم قد يكون متفائلاً.
ظل الاقتصاد السعودي يعاني من تباطؤ النمو منذ انخفاض أسعار النفط في عام 2015، وتواجه الحكومة أيضًا عجزًا متزايدًا في الميزانية، والذي يتوقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع إلى 6.5% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام.
وقد خفضت السعودية إنتاجها من النفط إلى أقل من 10 ملايين برميل يوميًا كجزء من اتفاق بين أوبك وحلفائها في محاولة لتعزيز الأسعار، ولكن سعر النفط ظل ثابتا حول مستوى 60 دولارًا للبرميل.
وقال "بروير" إن سوق النفط سيكون متوتراً لأن هناك تحولات كبيرة في السياسة السعودية قد تتبع إقالة وزير الطاقة، مضيفاً: "لمنع انخفاض الأسعار، ستحتاج المملكة إلى توضيح أنها ما تزال تتمسك بتخفيضات أوبك".
وقال "جيسون بوردوف"، مستشار الطاقة السابق لإدارة "أوباما"، إنه بينما كان "الفالح" يحظى بتقدير كبير من قبل مجتمع النفط العالمي، فإن الأمير "عبدالعزيز بن سلمان" لديه أيضًا علاقات عالمية قوية، وأضاف: "من المحتمل أن ينظر السوق إلى هذا التغيير كعلامة على التزام أقوى تجاه الاكتتاب العام لأرامكو".
وتمت إقالة "الفالح" من منصبه كرئيس لشركة "أرامكو" السعودية ليحل محله "ياسر الرميان"، أحد المقربين من ولي العهد، والذي يرأس صندوق الاستثمار العام، وهو صندوق الثروة السيادية القوي في المملكة.
ويعد صعود "الرميان" وإقالة "الفالح" دليلا آخر على أن "محمد بن سلمان" يعتمد بشكل أكبر على جيل جديد من المستشارين.
وقال مصرفي مقرب من "أرامكو" إنه في ظل قيادة "الرميان"، من الواضح أن "أرامكو" ستركز على تنفيذ الاكتتاب العام خلال هذا العالم.

المصدر | فايننشال تايمز - ترجمة الخليج الجديد