السعودية تتصدّر «مؤتمر البحرين»: «الفصائل» تضغط على السلطة لإعلان المقاطعة
بينما تضغط الفصائل لأخذ السلطة موقفاً علنياً، يكرر عريقات تأكيد رفض المشاركة (أ ف ب )
بينما اكتمل المثلث الخليجي، البحريني والسعودي والإماراتي، في إظهار دوره بدقة في الجانب الاقتصادي حالياً من «صفقة القرن»، يتواصل الضغط الأميركي لإنجاح الورشة، فيما لا تزال مواقف عمّان والقاهرة وحتى رام الله غير حاسمة ومعلنة بوضوح، على بعد نحو شهر من بدء الورشة
بعد يومين على الإعلان الأميركي ـــ البحريني المشترك في شأن عقد «الورشة الاقتصادية» في المنامة، وعقب يوم على إعلان الإمارات نيتها المشاركة بقوة في الورشة، صرّحت السعودية بموقفها من المشاركة، لتؤكد المؤكَّد، عبر كشفها نيتها إرسال وفد إلى العاصمة البحرينية يومَي 25 و 26 حزيران/ يونيو، لكنها ربطت هذه المشاركة بأنها بناءً على «دعوة كريمة من مملكة البحرين الشقيقة»، على أن يمثل الوفد السعودي «وزير الاقتصاد والتخطيط محمد بن مزيد التويجري»، طبقاً لصحف سعودية، قالت إن «مشاركة الوزير التويجري تأتي استمراراً لمواقف المملكة... الثابتة والداعمة للشعب الفلسطيني ولما يحقق له الاستقرار والنمو والعيش الكريم... وبما يعود على المنطقة بالأمن والاستقرار»، في تشابه مع التبرير الإماراتي. وكانت أبو ظبي قد رحبت قبل يوم بورشة «السلام من أجل الازدهار»، وفقاً لوزارة الخارجية التي قالت في بيان إن «الإمارات تقف مع كافة الجهود الدولية الرامية إلى ازدهار المنطقة، والتخفيف من الظروف الصعبة التي يعيشها... خاصة أبناء الشعب الفلسطيني».
وبينما يتكشّف أكثر فأكثر الموقف الخليجي، ولا سيما لدى السعودية والإمارات اللتين تُعَدّان الراعيتَين الأساسيتَين مالياً لـ«صفقة القرن»، علمت «الأخبار» أن فصائل فلسطينية بدأت ممارسة ضغوط على رئيس السلطة، محمود عباس، لحثّه على عدم المشاركة في «ورشة البحرين»، خاصة مع «الضبابية حول الموقف الرسمي، وغياب أي فعل دبلوماسي أو تحرك مع الدول العربية لوقف هذه الورشة سوى التصريحات»، كما تفيد بذلك مصادر مطلعة قالت إن كلاً من «الجبهة الشعبية» و«الديموقراطية» دعتا «أبو مازن» إلى «الإسراع بإعلان موقف واضح وصريح لرفض ورشة البحرين، بالإضافة إلى دعوة الدول العربية والإسلامية والصديقة والشركات ورجال الأعمال وعموم الجاليات الفلسطينية لمقاطعتها، خاصة مع توزيع واشنطن الدعوات هنا وهناك»، وذلك رغم بعض تصريحات المسؤولين الفلسطينيين.
بدأت واشنطن توزيع الدعوات، وطالبت الدول العربية بالضغط لإنجاح المؤتمر
كذلك، شددت «الشعبية» على «موقف فلسطيني موحد يعلن رفض أي مشاركة رسمية أو غيرها، ومحاسبة من يخرج على هذا الموقف، ومقاومة أي نتائج تصدر عنها، كجزء من المقاومة الشاملة لصفقة القرن التي تستهدف تصفية القضية». بالتوازي مع ذلك، علمت «الأخبار» أنه ضمن ضغوط الجبهتين على السلطة، فإنهما هدّدتا بـ«اتخاذ خطوات غير مسبوقة إذا قرر عباس أو أي ممثل عنه أو عن منظمة التحرير المشاركة في هذه الورشة». رغم هذا، عاد أمين سر «اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير»، صائب عريقات، ليصرِّح أمس بأن «القيادة قررت عدم المشاركة بأي حال في المؤتمر الاقتصادي... (المنظمة) لم تفوض إلى أحد الحديث باسمها»، مضيفاً: «إنّ من يريد الدفاع عن مصالح الشعب الفلسطيني، عليه أن يدعم موقف الإجماع الفلسطيني ممثلاً بموقف الرئيس واللجنة التنفيذية».
في سياق متصل، نقلت وكالة «رويترز» عن مصادر وصفتها بـ«المطلعة على المناقشات»، أن إدارة دونالد ترامب «سعت لطلب الدعم من الحكومات العربية» في المساهمة المادية والحث على المشاركة. وفي الوقت نفسه، قالت المصادر، إن الرياض «طمأنت حلفاءها العرب إلى أنها لن توافق على أي خطة لا تُلبي المطالب الفلسطينية التي تشمل القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية وحق العودة للاجئين... وتجميد بناء المستوطنات».
في غضون ذلك، قال المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، في كلمة ألقاها خلال جلسة لمجلس الأمن حول الشرق الأوسط أمس، إن «عدم مشاركة الفلسطينيين في مؤتمر البحرين سيكون خطأ، لكن ذلك خيارهم»، مضيفاً: «يجب وقف الادعاء أنّ القرارات الأممية الموجودة حالياً تحل هذا الصراع»، وذلك بعد يوم على تغريدة في «تويتر»، قال فيها: «ندعو الذين يزعمون أن رؤيتنا زائفة إلى عدم تصديق الشائعات بأن الخطة اقتصادية فقط»، مضيفاً: «كنا واضحين في الرؤية الاقتصادية التي نقدمها، ولا يمكن أن توجد دون المكون السياسي، ولا يمكن المكونَ السياسي أن ينجح دون الاقتصاد». ويشار إلى أن غرينبلات سارع إلى انتقاد السلطة الاثنين الماضي بمجرد إعلان رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، أن رام الله لن تشارك في المؤتمر الاقتصادي، قائلاً: «من الصعب أن يفهم المرء لماذا ترفض السلطة ورشة عمل صُممت لمناقشة رؤية مع إمكان إحداث تغيير جذري في حياة الناس... التاريخ سيحاكم السلطة بقسوة لتضييعها الفرصة في صفقة القرن التي يمكنها أن تعطي الفلسطينيين شيئاً مختلفاً مقارنة بما لديهم اليوم».
من جهته، قال منسق الأمم المتحدة الخاص لـ«عملية السلام» في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، في الجلسة نفسها أمس، إن «حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي عملية سياسية بالأساس»، في أول تعليق رسمي من مسؤول أممي على الورشة الاقتصادية. وأوضح ملادينوف أنه «أُحيط علماً بانعقاد ورشة عمل لمناقشة إمكانات الاستثمارات الاقتصادية والمبادرات التي يمكن أن تتحقق بفضل اتفاقية سلام فلسطينية إسرائيلية في المستقبل»، مضيفاً: «يعد الدعم الإنساني والاقتصادي مهماً جداً للناس، وكذلك لإيجاد بيئة مواتية لمفاوضات قابلة للحياة». لكنه وجّه انتقاداً ضمنياً إلى «حماس» في تعقيبه على وضع غزة، بالقول: «حماس التي تسيطر على غزة يجب عليها ألّا تستخدم الاحتجاجات غطاءً لمحاولة وضع قنابل عند السياج، فضلاً عن وسائل الاستفزازات، ويجب ألّا يختبئ ناشطو حماس بين المتظاهرين وألّا يخاطروا بحياة المدنيين».
(أ ف ب، الأناضول)