مُستشرِقٌ إسرائيليٌّ: ترامب أهان الملك سلمان بشكلٍ سوقيٍّ ويُريد السعوديّة والإمارات بقرةً حلوب لتمويل “صفقة القرن” ولكنّها قد لا تُعرَض بتاتًا لخوف الزعماء من شعوبهم
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
قال مُستشرِقٌ إسرائيليٌّ إنّ المملكة العربيّة السعودية ودولة الإمارات العربيّة المُتحدّة لا تسارِعان في دعم صفقة القرن، رغم الطلبات التي قدّمها إليهما مستشارو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفي مُقدّمتهم مستشاره الكبير وصهره، غاريد كوشنير، لإعطاء حوافز ماليّةٍ لخطة السلام في الشرق الأوسط، التي باتت تُعرَف إعلاميًا بـ”صفقة القرن”، ما لا يجعل من السلطة الفلسطينيّة وحيدةً في معارضة الصفقة، على حدّ تعبيره.
وأضاف جاكي حوغي، الخبير الإسرائيليّ في الشؤون العربيّة، والذي يعمل مُحلّلاً لشؤون الشرق الأوسط في إذاعة جيش الاحتلال (غالي تساهل)، قال في مقالٍ نشره في صحيفة (معاريف) العبريّة، إنّ ترددات خطاب الرئيس الأمريكيّ ترامب أمام مؤيديه في ولاية ويسكنسن الأمريكيّة، الأسبوع الماضي، كانت قاسيةً في المملكة السعوديّة، عندما كشف النقاب عن مُلخّصٍ لمحادثةٍ هاتفيّةٍ جمعته مع الملك سلمان بن عبد العزيز، وقد أشاعت شكوكًا كبيرة حول ماهية كلام الشوارع الذي تحدث به ترامب عن السعودية، ويخلو من أيّ دبلوماسيّةٍ، على حدّ وصفه.
بالإضافة إلى ذلك، أشار المُستشرِق الإسرائيليّ إلى أنّ المملكة العربيّة السعوديّة هي حجر الزاوية في نجاح أيّ خطة سلامٍ للمنطقة، ما سيُسّهل على حلفائها الأمريكيين عرضها وتسويقها، سواءً بسبب موقعها الجغرافيّ، أوْ مكانتها الدينية، ولكن الأهّم من ذلك بسبب قدرتها المالية، كما أكّد حوغي.
وأوضح أيضًا أنّ صفقة القرن قائمة في الأساس على ترميم الاقتصاد الفلسطينيّ بمليارات الدولارات في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة، وهذه الأموال يجب أنْ تأتي من مصدرٍ معلومٍ وواضحٍ، وهي جيوب الشيوخ والأمراء في الرياض، والسعوديون يُدرِكون تمامًا أنّ الرئيس الأمريكيّ ترامب يُريد منهم أنْ يكونوا عبارةً عن بقرةٍ حلوبٍ، وممولاً أساسيًا لخطة سلامٍ يدور حولها خلاف إقليميّ كبير، وفقًا لأقوال المُستشرِق الإسرائليّ.
عُلاوةً على ذلك، أكّد حوغي على أنّ السعوديين قد لا يكونون متحفزين لدعم صفقة القرن من الناحية الماليّة، مُوضِحًا في الوقت عينه: صحيح أنّهم لم يُعلِنوا عن ذلك، ولم يُلمّحوا حتى بذلك، لكنّ الأجواء في الرياض تشير إلى أنّ الخطّة قد لا تُعلَن من الأساس، لأنّهم يرون أنّها قد تُسبِّب لهم صداعًا مُزمنًا في الرأس، ولذلك قد لا يكونون بحاجةٍ لها، فهم لن يستطيعوا إقناع الجماهير العربيّة والمسلمة بأنْ تبقى شرقي القدس تحت السيادة اليهوديّة، على حدّ تعبير المُستشرِق الإسرائيليّ.
وساق الخبير الإسرائيليّ في الشؤون العربيّة أنّ جيران السعودية في دولة الإمارات لديهم الانطباع ذاته من صفقة القرن، لأنّهم ردوا بعصبيّةٍ على الطلب الأمريكيّ بفتح صناديقهم المالية، حتى أنّ المسؤولين المصريين لم يعودوا يكنون لمبعوثي ترامب ذات الودّ والاحترام الذي كان في السابق، سواءً لأسباب السعودية ذاتها أوْ بسبب أسلوبهم معهم، كما أكّد.
واستدرك المُستشرِق الإسرائيليّ قائلا إنّ الأردنيين منذ فترةٍ أظهروا موقفهم السلبيّ من صفقة القرن، وأعلنوا أنّ السلام من دون شرقي القدس لن يتحقق، رغم أنّهم لا يخفون خشيتهم من أنْ يكون الرئيس الأمريكيّ ترامب، يُخطِّط لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في المملكة الهاشميّة، أوْ اقتطاع بعض المساحات من أراضيها لإعطائها للفلسطينيين لإقامة دولتهم المستقلة، قال حوغي.
وخلُص المُستشرِق الإسرائيليّ إلى القول إنّ لحظة تفكير من عالم الفانتازيا، أيْ الخيال بالعربيّة، قد تدفع إلى تصور أنْ تبيع الأنظمة العربيّة القضيّة الفلسطينيّة تحت ضغط الحِفاظ على بقائها واستقرارها بفضل ضمانات البيت الأبيض، لكنّ الشارع العربيّ لن يمنحهم تحقيق ذلك، وليس هناك حاكمٌ عربيٌّ من الكويت إلى المغرب لم يعُد يحسب حسابًا للشعب الذي يحكمه، لذلك ما زالت “صفقة القرن” حتى في مرحلة ما قبل إعلانها مازالت تُعاني من فقدان الدعم من شركائها المُفترضين، على حدّ قوله.