السودان بعد البشير.. هل يتحول لحلبة تنافس خليجي جديدة؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2141
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير أسامة محمد - الخليج الجديد
 بعد ثمان سنوات بالضبط من إجبار محتجي الربيع العربي أربعة ديكتاتوريين من الشرق الأوسط على المغادرة، يبدو أن الأمر يتكرر مع خروج المتظاهرين إلى الشوارع في الجزائر والسودان للمطالبة بالتغيير.
وبعد أيام قليلة فقط من إعلان الرئيس الجزائري "عبدالعزيز بوتفليقة" استقالته، تم إقصاء الرئيس السوداني "عمر البشير" من منصبه من قبل الجيش الذي دفعه إلى السلطة.
وسيؤثر هذا الوضع الجديد بشكل حتمي على مصالح دول الخليج، خاصة في السودان، حيث كانت سياسة "البشير" الخارجية مرتبطة ارتباطا وثيقا بسياسات دول بعينها في الخليج.
ولدى كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر مصلحة واضحة في السودان، وسوف تعمل على الأرجح لضمان أن يكون بديل "البشير" حليفًا موثوقًا به.
ومع ذلك، قد يكون مثل هذا الهدف تحديا لأن البيئة السياسية السودانية لم تنتج بديلا واضحا بعد.
ونظرا للتغيرات الفوضوية في السودان، فإن التأخيرات المستمرة في وصول حاكم جديد قد تعرض المصالح الخليجية التي تم رعايتها بعناية مع "البشير" للخطر.
لذلك، يستدعي غموض الصراع الحالي على السلطة في السودان بالضرورة تأثير القوى الإقليمية والدولية، وعلى الرغم من أن دول الخليج تشترك في مصالح استراتيجية في السودان، فإن جداول أعمالها المتضاربة ربما تحول الدولة الأفريقية إلى موقع آخر للصراع بالوكالة.
وقد علمت الدروس المستفادة من حركات الربيع العربي السابقة المتظاهرين السودانيين الدرس الثمين الذي مفاده أن إزاحة رئيس دولة طويل الأمد يمكن أن يؤدي إلى ديكتاتورية عسكرية، وساعتها سوف تسعى القوى الخارجية (بما في ذلك بعض دول الخليج) للتدخل خلال فترات عدم اليقين.
وفور إعلان الجيش إقالة "البشير"، واصل المتظاهرون وقادة المعارضة والجمعيات العمالية الضغط لاستبعاد التدخل العسكري من الفترة الانتقالية، وكذلك تأمين تشكيل حكومة مدنية.
وقد مثل هذا الهدف ضغطا على حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم والقيادة العسكرية، حيث يعمل كلاهما على تأمين دور رئيسي في مستقبل السودان.
بالنظر إلى هذا الغموض، يبقى هناك احتمال أن تحول إقالة "البشير" السودان إلى مسرح آخر للمنافسات الخليجية.
وقد ترك استثمار الرئيس السابق القوي في خطوط النزاع بين الدوحة من ناحية، والرياض وأبوظبي من ناحية أخرى في الحفاظ على تأثير كلا المعسكرين في السودان.
وقد أتقن "البشير" اجتياز الطيف السياسي في الشرق الأوسط بسلاسة، ونجح في القفز برشاقة بين موقعي الجنرال العسكري والزعيم الإسلامي، وكان هذا مزجا نادرا بين أيديولوجيتين متعارضتين بشكل طبيعي في العالم العربي، تدعم كل منهما أحد القوى المتنافسة في الخليج.
ومع قدرته على النجاة من حربين أهليتين من خلال تكييف تحالفاته لضمان استمرار حكمه، فإن ذلك مكنه أن يكون حليفا متزامنا لطهران والدوحة وأبوظبي والرياض.
ولم يظهر هذا التوازن الدقيق لـ"البشير" في البيئة الجيوسياسية العربية الأفريقية فحسب، لكنه كان أكثر وضوحا في منطقة الخليج.
ومن خلال سياسته الخارجية، جعل "البشير" السودان حليفًا لإيران (حتى قطع العلاقات معها في عام 2016) وشريكا استراتيجيا لكل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية من خلال إرسال قوات إلى الحرب بقيادة السعودية في اليمن.
من ناحية أخرى، عززت قطر نفسها كشريك استراتيجي للسودان بعد أن توسطت الدوحة في اتفاق سلام دارفور، حيث أنهت بنجاح أحد أكثر الفصول دموية في تاريخ الحرب الأهلية في القارة الأفريقية، بينما اعتمدت السودان على المساعدة الاقتصادية من دول الخليج الغنية الثلاثة.
وفي عام 2018، أضاف "البشير" إلى لعبته بعدا آخر عندما سمح بوجود تركي في موانئه على البحر الأحمر، وهي خطوة يمكن اعتبارها تهديدًا للهيمنة السعودية المصرية على الممر المائي الحرج.

أكثر قلقا
من بين دول الخليج، قد تكون السعودية والإمارات الأكثر قلقا بشأن الاضطرابات المستمرة في السودان، لأنها قد تعرض مشاركة الدولة الفقيرة في حرب اليمن للخطر، ولذا أعلنت السعودية والإمارات عن حزمة مساعدات بقيمة 3 مليارات دولار مخصصة للخرطوم تشمل الإمدادات الطبية والقمح والمنتجات البترولية، كما تشمل أيضا إيداع 500 مليون دولار في البنك المركزي السوداني.
وبعد بضعة أيام من إزالة "البشير" قام وفد من الإمارات والسعودية بزيارة الخرطوم، فيما أصدرت عدة دول خليجية، وهي قطر والإمارات والسعودية والكويت والبحرين، بيانات متباينة تتعلق بالوضع في السودان.
وفي حين ركزت تعليقات كل من الكويت وقطر على الدعوة إلى الوحدة الوطنية، وحث المجتمع الدولي على عدم التدخل في سيادة السودان دون الخوض في تفاصيل الصراع الحالي على السلكطة، أعلنت البيانات الصادرة عن السعودية والإمارات والبحرين دعمها دعمها الواضح للمجلس العسكري الانتقالي.
وبالنسبة لكل من الرياض وأبوظبي، فإن استقرار السودان واستمرار تحالفاتهما مع الخرطوم تعد أهدافا استراتيجية.
ومن المحتمل أن ترى كلتا الدولتين أن أي تحول كبير في سياسات الخرطوم الخارجية يهدد استقرار حليفهما الرئيسي، الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي".
وليس سرا أن مصر تعتبر السودان حليفا طبيعيا بسبب قربها الجغرافي وكذلك التعاون الإجباري في تقاسم الموارد المائية والزراعية التي يوفرها نهر النيل.
لذلك، فإن أي تغيير جذري في الخرطوم (يتعلق بشكل أساسي بدور جيشها) قد يُنظر إليه على أنه خطر ناشئ على حكم "السيسي" الذي يواجه تحديات متزايدة، وربما يثمر عن تقارب البلاد مع الدوحة وتركيا، اللتين قد تضغطا من أجل دور أقل للجيش.
وتثير المصالح الوطنية لدول الخليج العربي وتدخلها المحتمل في "ربيع عربي" جديد جدلا واسعا.
وربما تجعل حقيقة أن الرئيس الذي نجا من حربين أهليتين قد أطيح به في نهاية المطاف من قبل المتظاهرين، ربما تجعل دول الخليج أكثر حذراً بشأن صياغة تحالفاتها، وانخراطها في الصراع مع كون المنطقة قد تشهد مرة أخرى تغييرات سريعة الحركة.
ومع ذلك، وبالنظر إلى المخاطر الكبيرة للتحول السوداني، سوف تتدخل القوى الخليجية التقليدية عند الضرورة لمنع قوة إقليمية أو دولية أخرى من السيطرة على مستقبل السودان.

المصدر | منتدى الخليج الدولي