مصنع الصواريخ السعودي الجديد يحيي مخاوف الانتشار النووي
ترجمة وتحرير زياد محمد - الخليج الجديد
في عام 2016، أعلن ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" عن المرحلة الأخيرة من "السعودة"، وهي استبدال الأجانب لصالح السعوديين، ولكن يبدو الآن أن السياسة لا تتوقف عند استبدال المصرفيين والخبازين فحسب، بل تمتد إلى الصواريخ الباليستية.
وتظهر صور الأقمار الصناعية التي حللها باحثون من معهد ميدلبوري للدراسات الدولية، والتي نشرتها صحيفة "واشنطن بوست"، أن السعودية تقوم ببناء مصنع لمحركات الصواريخ، في قاعدة صاروخية قائمة في منطقة "الوطية" جنوب غرب الرياض، ويبدو أنه تم إنشاؤه من أجل صواريخ الوقود الصلب، التي يمكن إطلاقها بسرعة أكبر من تلك التي تعمل بالوقود السائل.
ولا تعد السعودية جديدة على مجال الصواريخ، فبعد أن شاهدت إيران والعراق يقذفانها على بعضهما البعض خلال الثمانينيات، اشترت بضع عشرات من صواريخ "دي إف 3" من الصين في عام 1987، وقد اقتربت من إطلاقها بعد أن ضربتها صواريخ سكود العراقية إبان حرب الخليج عام 1991، ولاحقا، يعتقد أن الرياض حصلت على مجموعة من صواريخ "دي إف 21 إس" الصينية الأحدث والأكثر دقة.
سباق تسلح في المنطقة
وقامت إيران -المنافس اللدود للمملكة- بتعزيز قوتها الصاروخية على الرغم من معارضة الغرب وانتقادات الأمم المتحدة، حيث أجرت 135 اختبارا تجريبيا منذ عام 1990، وفي الأول من ديسمبر/كانون الأول، اختبرت صاروخا قادرا على الوصول بسهولة إلى أي ركن من أركان الأراضي السعودية، وفي يناير/كانون الثاني، أصر رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني "علي شمخاني" أنه على الرغم من أن بلاده لا تتطلع إلى توسيع نطاق صواريخها، فإنها "تعمل باستمرار على زيادة دقتها"، ويعد هذا التصريح مطمئنا للأوروبيين والأمريكيين، ولكنه ليس كذلك بالنسبة للسعوديين.
لكن إيران ليست الوحيدة التي تثير المخاوف، حيث يمتلك "حزب الله"، وهو جماعة لبنانية متشددة برعاية وتسليح إيران، ترسانة متنامية من الصواريخ، يمكن لبعضها بالفعل الوصول إلى الأجزاء الشمالية الغربية من السعودية، كما تمتلك (إسرائيل) أيضا الكثير من الأسلحة، وعلى الرغم من أن ولي العهد السعودي على علاقة جيدة مع الدولة اليهودية، إلا إنه يقال أن صور الأقمار الصناعية المنشورة في عام 2013 أظهرت أن أحد منصات إطلاق صواريخ "دي إف 3" السعودية في منطقة "الوطية" كانت في اتجاه تل أبيب.
مخاوف النووي
وبما أن الصواريخ هي أنظمة إيصال مثالية للأسلحة النووية، فإن أخبار المصنع السعودي أعادت أيضا إحياء المخاوف بشأن النوايا الذرية للسعودية، كما أدى تخلي أمريكا عن الاتفاق النووي متعدد الجنسيات مع إيران العام الماضي إلى زيادة خطر إمكانية استئناف إيران لتخصيب اليورانيوم على نطاق واسع.
وتعهدت السعودية بمواكبة التقدم، وهي تريد بناء مفاعلين نوويين وتصر على حقها في تخصيب اليورانيوم (وإعادة معالجة الوقود المستنفد من تلك المفاعلات، الذي يعد طريقا آخر لقنبلة ذرية)، وحذر الأمير "محمد بن سلمان" في مارس/آذار الماضي قائلا: "بدون شك، إذا ما طورت إيران قنبلة نووية، فسوف نتبعها"، وقد رفضت إدارة "ترامب" بيع التكنولوجيا النووية المدنية للرياض وفق هذه الشروط.
ولذلك فإن السعودية قد تلجأ إلى أصدقاء نووين آخرين. ولطالما كان الدبلوماسيون والاستخباراتيون الغربيون يشعرون بالقلق من أن باكستان، التي كانت السعودية تمول برنامجها النووي، قد تكون موردا جاهزا للوقود والصواريخ، وفي عام 1999، أرعب وزير الدفاع السعودي آنذاك المسؤولين الأمريكيين بجولة في المرافق النووية الباكستانية حيث اجتمع مع "عبدالقدير خان"، العالم الذي باع التكنولوجيا النووية إلى كوريا الشمالية وإيران وليبيا، وكان من المقرر أن يوافق الأمير "محمد بن سلمان" على استثمار بقيمة 14 مليار دولار في باكستان خلال زيارته للبلاد اليوم 16 فبراير/شباط.
وهناك خيار آخر يكمن في الشرق، ويقول "مايكل إيلمان"، خبير الصواريخ في معهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إنه على يقين من أن مصنع الصواريخ الظاهر "صمم وجُهز وشيد من قبل كيان خارجي، وأن السعودية لا قدرة لها على لمثل هذا المشروع"، كما ذكر أن المنشأة تشبه تصميم المنشآت الصينية وهو ما قد يكون مؤشرا أن الرياض قررت بالفعل الاتجاه صوب بكين.
المصدر | إيكونوميست