انتبهوا أيها السعوديون.. حليفكم أمريكا وليس ترامب
ترجمة وتحرير زياد محمد - الخليج الجديد
سُرّت السعودية بشراكتها المتجددة مع الولايات المتحدة خلال إدارة الرئيس "دونالد ترامب"، لكن القيادة السعودية وضعت نفسها في خطر أن تصبح نقطة اشتعال حزبية في السياسة الأمريكية، مما سيكون كارثيا لكلا البلدين.
التحالف مهدد بالحزبية
يبدو أن الديمقراطيين الذين يسيطرون على مجلس النواب الأمريكي يستغلون العديد من الأمور المثيرة للجدل التي تتورط فيها السعودية لمهاجمة سياسة "ترامب" الخارجية.
ومن المحتمل أن يكون مقتل الصحفي في "واشنطن بوست" جمال خاشقجي في أكتوبر/تشرين الأول على يد عملاء سعوديين، والدمار الذي تسببت به الحرب في اليمن، والقيام بحملة قمع حكومية ضد النشطاء السعوديين، بمن فيهم المدافعين عن حقوق المرأة، موضوعات لنقاد "ترامب" الديمقراطيين في الأشهر القادمة.
وقد أعرب بعض الجمهوريين عن اعتراضاتهم أيضا، حيث قام حلفاء "ترامب" مثل السناتور "ليندسي غراهام" و"ماركو روبيو" باستخدام نقد للسعودية لمحاولة دفع الرئيس إلى تبني سياسة خارجية دولية تقليدية.
وكنتيجة لذلك، فإن التحالف المتين بين البلدين القائم على المصالح العالمية المتبادلة يتحول إلى رابطة بين حزبين يناضلان للحصول على أفضلية سياسية، ويكمن الخطر في أن تغير الظروف السياسية في أي من البلدين قد يضعف التحالف الذي تحتاج إليه كلا الدولتين.
وكانت محطة "ترامب" الأولى في الخارج في عام 2017 هي الرياض، والتي نجحت فيها الحكومة السعودية في مغازلة غروره وحبه للأبهة.
ومنذ ذلك الحين، تباهى "ترامب" في كثير من الأحيان بمليارات الدولارات من عقود الأسلحة السعودية الجديدة، في حين يحتفي القادة السعوديون بانسحاب "ترامب" من الاتفاق النووي مع عدوهم اللدود إيران، والعقوبات الجديدة الصارمة ضد طهران.
ويقارن كلا الجانبين علاقتهما الدافئة بالبرود الذي ميز فترة ولاية الرئيس السابق "باراك أوباما" الثانية.
(إسرائيل) تتفادى الفخ
ولفهم ما هو على المحك هنا، من المفيد أن نذكر ناقوس الخطر الذي عبّر عنه بعض الإسرائيليين حول تقارب رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" المتشابه مع "ترامب".
إن ارتباط "نتنياهو" القوي بالجمهوريين الأمريكيين وعداؤه لـ"أوباما" يتحدى العقيدة التقليدية التي لا ينبغي فيها أبدا اعتبار العلاقة الأمريكية الإسرائيلية بأنها حزبية.
هذا هو السبب الذي يجعل اللوبي الأمريكي الرئيسي الموالي لـ(إسرائيل)، ولجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية، تقوم مؤخرا بتعهد الديموقراطيين في محاولة لموازنة جهود الجمهوريين لتقديم حزبهم بوصفه الصديق الحقيقي الوحيد الموالي لـ(إسرائيل)، ولردع الانتقاد الموجه ضد (إسرائيل) في الجناح اليساري من الحزب الديمقراطي.
لكن (إسرائيل) محمية من قبل دوائر سياسية أمريكية قوية في كل من اليسار واليمين في حين لا تتمتع السعودية بهذه الميزة، حيث يمكن لشركات النفط ومتعاقدي الدفاع أن يدفعوا باتجاه تبادلات مثل مبيعات الأسلحة، لكن لا يمكن لأحد أن يظن هذه المبادرات التزاما راسخا تجاه رفاهية الرياض.
ومع استعداد الديموقراطيين وبعض الجمهوريين للتصعيد في الأشهر المقبلة، من المرجح أن يكون عام 2019 عاما صعبا بالنسبة للسعودية في واشنطن.
كارثة لكلا البلدين
وسيكون من الحكمة للسعودية التواصل مع الديمقراطيين، مثلما يفعل بعض أكبر الداعمين الأمريكيين لـ(إسرائيل). وبينما كانت هناك بعض الجهود السعودية لفعل ذلك، فإن الرواية السائدة تسقط في فخ رؤية الجمهوريين المحافظين كحلفاء، والديموقراطيين الليبراليين على أنهم تهديدات.
حتى إن بعض المؤسسات الإعلامية السعودية البارزة اتخذت خطوة غريبة في الآونة الأخيرة بمهاجمة شابتين مسلمتين، ديموقراطيتين ليبراليتين، تم انتخابهما للتو في مجلس النواب الأمريكي.
وهاجمت المقالات والعروض الحوارية والتغريدات السعودية عضوتي الكونغرس الجديدتين "رشيدة طليب" و"إلهان عمر"، باعتبارهما متعاطفتين مع جماعة "الإخوان المسلمون".
يبدو المنطق وراء هذا الهجوم بالنسبة للسعوديين هو أن أولئك الذين ليسوا مع "ترامب" هم تابعين للخصمين الإقليميين الرئيسيين للسعودية، إيران وقطر، ويجب أن ينظر إليهم على أنهم تهديدات، وإذا تم تعميم هذا الخط من الهجوم، فإنه يمكن أن يصبح نبوءة سعودية تحقق نفسها ذاتيا.
لم تتخلَّ إدارة "أوباما" عن التحالف مع السعودية لصالح شراكة مع إيران كما كان يزعم أحيانا، لكن يبدو أن "ترامب" مدفوع لفعل عكس ما يعتقد أن سلفه قد دافع عنه.
وإذا تمكن "ترامب" من إقناع الأمريكيين بالتفكير في التحالف مع السعودية كشيء مرتبط بإدارته وليس كاستمرار لستة عقود من السياسة الخارجية الأمريكية المتسقة، فقد يتخذ الديمقراطيون نفس الموقف في المستقبل عندما يتعلق الأمر بالرياض.
وسيكون من الكابوس بالنسبة للسعودية أن يبدأ الديمقراطيون بالاعتقاد عن طريق الخطأ بأن أجندة السياسة الخارجية الخاصة بهم، التي يفترض أنها مستوحاة من "أوباما"، ستعني رفض الشراكة مع الرياض وفتح حوار تعاوني جديد مع طهران.
سيكون ذلك كارثة بالنسبة للولايات المتحدة أيضا، ومع ذلك، فإن الجادين في كلا الجانبين يروجون له عن غير قصد، والسيناريو الذي كان سخيفا ذات يوم، أصبح معقولا اليوم بشكل مزعج.
المصدر | حسين إبيش - بلومبيرغ