السعودية: تغيير الإطارات لحماية السائق!
تغييرات بالإعلام والخارجية والحرس الوطني لكنها تبقى شكلية لأنها تعيد تأكيد وتثبيت صلاحيات ولي العهد الهائلة!
لم تقنع حركة الإقالات المترددة التي قامت بها المملكة العربية السعودية في أكتوبر الماضي لسعود القحطاني وأحمد عسيري، مساعدَيّ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لا السعوديين ولا غيرهم، بأن القيادة السعودية جادة في معالجة التداعيات الكبرى التي خلفها اغتيال الصحافي جمال خاشقجي بقنصلية السعودية بإسطنبول بداية الشهر نفسه.
والسبب في ذلك واضح وبسيط وهو أن قرارات الإقالة تجنبت عمليا من يرأس سلسلة الأوامر التنفيذية والذي لم يكن ممكنا إصدار أمر القتل من دون علمه.
الأسوأ من ذلك أن قرارات الاتهام للأشخاص الذين أشرفوا وشاركوا في العملية ترافقت مع إعادة تكليف ولي العهد السعودي لنفسه بـ«إعادة هيكلة» جهاز الاستخبارات السعودي المتهم بتلك العملية التي أساءت بشكل غير مسبوق ليس لسمعة المملكة فحسب بل لمحمد بن سلمان شخصيا بحيث تركزت الضغوط الدولية والإقليمية على تحميله المسؤولية شخصيا عن تلك العملية.
والآن بعد قرابة ثلاثة أشهر على تلك الحادثة الرهيبة تقوم القيادة السعودية بحركة إقالات وتعيينات جديدة لا تخلو من المفاجآت، ومن هذه المفاجآت طبعا إخراج تركي آل الشيخ، الذي كان وسعود القحطاني أحد أكبر المقربين من ولي العهد المكلف بإدارة ملف الرياضة في المملكة (وخارجها).
ولا بد أن العلاقة الشخصية لتركي آل الشيخ ببن سلمان سهلت طريقه إلى مناصب كبرى كرئاسة اتحاد كرة القدم العربية وغيرها، كما سمحت الملاءة المالية الضخمة الموفرة له لشراء ناد رياضي مصري، إضافة إلى فضاء لتطبيق «مواهب» أخرى في مجال الفن وغيره، ولم تنس القيادة السعودية هذه المواهب في تعيينه رئيسا لـ«هيئة الترفيه».
المفاجأة الثانية كانت عودة ابراهيم العساف، الذي حطت به الأقدار مع صعود بن سلمان فلم ينزع منه منصبه الذي بقي فيه عشرين عاما (1969 ـ 2016) وزيرا للمالية، بل شملته موجة الاعتقالات الهائلة لكبار الأمراء ورجال الأعمال والمسؤولين والمفكرين ورجال الدين والأكاديميين السعوديين الذين اشتهروا بتسمية «معتقلي الريتز كارلتون».
الغريب في هذا التعيين هو أن العساف لم يعد إلى موقعه السابق الذي خبر العمل فيه طويلا (السياسة المالية للمملكة)، ولا يمكن اعتبار تسليمه وزارة الخارجية «اعتذاراً» للعساف أو للعدد الكبير من الشخصيات الكبيرة التي اعتقلت بقدر ما يمكن اعتباره تعويضا عن تنحية عادل الجبير كعقوبة ربما عن عدم الاستماتة في الدفاع عن ولي العهد.
تناولت التغييرات مناصب مهمة كوزارات الإعلام والخارجية والحرس الوطني لكن هذا لا يكفي لإقناع الناس بأن تغييراً حقيقياً يجري في السعودية وأنها ليست تغييرات شكلية لأن هذه التعيينات، ببساطة، تعيد في كل مرة تأكيد وتثبيت الصلاحيات الهائلة لولي العهد وأن كل ما يجري هو لتخفيف الضغوط الدولية عليه.
إحدى الخطوات الدالة على ما نشير إليه (إضافة إلى إسناد «هيئة الترفيه» لتركي آل الشيخ) هو أنه في زحمة هذه التعيينات المهمة وجدت القيادة السعودية الوقت مناسبا لإنشاء «هيئة عليا للفضاء» وتعيين ابن الملك سلطان بن سلمان مسؤولا عنها، فالظروف الخطيرة الحالية التي تمر بها المملكة تحتاج سفرات إلى الفضاء بالتأكيد!
المصدر | القدس العربي