صادق عبد الكريم مال الله.. شهيد رَفْض مذهب التكفير والقتل
في وقت تواصل فيه السلطات السعودية سياسات التمييز الطائفي والاضطهاد ضد أبناء المنطقة الشرقية، يستذكر الأهالي يوم استشهاد الشاب صادق عبد الكريم مال الله.
تقرير: سناء ابراهيم
لا شيء يعلو فوق صوت سيف الإعدام في السعودية. يقطع السيف رأس كل صوت معارض أو مخالف لسياساتها، خاصة من أبناء المنطقة الشرقية المحرومين من خيرات أرضهم وتقع على عاتقهم الاعتداءات المتواصلة. من الاعتقالات إلى الإعدامات، تحضر اليوم، ذكرى استشهاد صادق عبد الكريم مال الله.
قبل 27 عاماً، سلّت سلطات آل سعود سيفها وحزّت نحر الشاب صادق مال الله (25 عاماً)، ابن “حي القلعة” في القطيف، بعد 4 سنوات من الاعتقال الذي قاسى خلاله الشهيد شتى أنواع التعذيب والانتهاكات الجسدية والنفسية، ليُساق بعدها في صبيحة في 6 ربيع الأول 1413هـ إلى “سوق الخميس” في مدينة القطيف لأجل الإعدام. وبعد قراءة بيان الداخلية متهماً إياه بـ “سب الله والقرآن والرسول”، سُمع الشهيد صادق بعد إنزاله من السيارة ينادي “الله اكبر” ويصرخ “إني مظلوم وبريء”، إلا أن السيَّاف بادره بضربة سيف سقط على أثرها رأسه الشريف على الأرض .
عانى الشهيد ملابسات الاعتقال مرات عدة من قبل السلطات، فكانت أول مرة خلال شهر رجب في عام 1407 هـ / 1986م، بتهمة “الارتداد عن الدين”، ثم أطلق سراحه في شوال من السنة نفسها ومن دون اطلاعه على الحكم. وثاني مرات اعتقاله كانت في صفر عام 1409 هـ / 1987م وبالتهمة ذاتها، حيث بقي لمدة سنتين في “سجن المباحث العامة” في مدينة الدمام، ونقل بعدها إلى سجن الرياض وبقي هناك مدة سنتين أيضاً تعرض خلالها للتعذيب النفسي والجسدي، وطلب منه أكثر من مرة اعتناق مذهب الوهابية مقابل إطلاق سراحه ولكنه رفض، فكان رفضه التخلي عن عقيدته سبباً لسلطات آل سعود بحزّ نحره، ليطلق عليه لقب “شهيد العقيدة”.
تكشف ملابسات الاتهامات الموجهة إلى مال الله من قبل السلطة عن الوجه الطائفي والمتغطرس، فقد حرم من محاكمة عادلة كما هو حال القضاء السعودي حتى اليوم، كما لم يوفر له محام ليتولى الدفاع عنه، ولم تقدم السلطات السعودية أي براهين أو أدلة تثبت تهمها الباطلة بحق الشهيد، واستندت أحكام القضاء بالاعتقال ومن ثم الاعدام إلى “شغف الشهيد بحب المطالعة والتعرف على الأديان الأخرى”.
لا ينسى أبناء القطيف خاصة من حضر إلى السوق في صباح ذلك اليوم صرخات “الله أكبر” تدوي مخترقة الجدران ومعانقة سعفات النخيل، ولن تُنسى صيحات “أشهد أن لا إله إلا الله” وهي تمسح على هامات الرؤوس المحتشدة التي لم تستطع إنقاذ الشاب المظلوم من سيف الظلم والطغيان.